أقلامهم

الخرافي يلخض ضعف ديمقراطيتنا في آلية اختيار رئيس الوزراء لفريقه وسيطرة الشعبي على الجو السياسي

خليفه الخرافي 

كفانا كذبا وتضليلا للرأي العام

في الديموقراطيات الغربية المتطورة الأحزاب المعارضة هي الأحزاب التي لم تتمكن من الفوز بأغلبية أصوات الشعب، ويكون عدد نوابها في البرلمان أقل من نواب الحزب الحاكم الفائز بأغلبية الناخبين، فيحاول حزب المعارضة تسليط الضوء على أخطاء الحزب الحاكم وكشفها لاحراجهم امام ناخبيهم وأمام الشعب، وعادة احزاب المعارضة يكون عددها ليس بالعدد الهين.

أما في الكويت، وبسبب ديموقراطيتنا القاصرة يستطيع تكتل عدد اعضائه اقل من أصابع اليد الواحدة، كالتكتل الشعبي، ان يعطي انطباعا انه يملك الاغلبية في المجلس بسبب قدرة أعضائه على خلط الأوراق، معتمدين على حالة التفكك والتخبط والضياع التي تعانيها البلاد.

وما يجعل تكتلا محدودا جدا في عدد أعضائه مؤثرا جدا، وتزداد شعبيته يوما عن يوم، هو ضعف الحكومة وعدم تجانسها، لكون النظام الديموقراطي البرلماني في الكويت لا يعتمد على الاحزاب ولا يقرها، علما بأنها قائمة متواجدة على الساحة السياسية والشعبية والاعلامية.

بعد تكليف سمو الامير المفدى، حفظه الله ورعاه، رئيس الوزراء، يقوم رئيس الوزراء كما هو حاصل هذه الأيام بمحاولة تشكيل الحكومة من التكتلات والقبائل والطوائف وافراد الأسرة الحاكمة وبعض التكنوقراط والمؤسسات المدنية الفاعلة «لا نعترض اذا تم اعطاء كامل الحقائب الوزارية لطائفة واحدة أو لقبيلة واحدة أو من فئة معينة واحدة او كان جميع الوزراء من افراد الاسرة الحاكمة، بشرط ان يتحلوا بالكفاءة والنزاهة والقدرة على مواجهة المقصر في وزاراتهم أو المخرب من نواب مجلس الامة، لأنهم جميعا من ابناء الكويت البررة»، ويجب ان يكون في الوزارة وزير محلل لإلزامية الدستور تعيين احد نواب المجلس بحد أدنى وزير واحد. ويعتبر الدستور الوزراء اعضاء في مجلس الامة بمعنى ان اعضاء مجلس الامة ليسوا «خمسين عضوا» بل هم «ستة وستون عضوا» بعد اشتراك الوزراء ورئيسهم.

فنستغرب كيف يتمكن عدد محدود من النواب، لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد الواحدة، من السيطرة على مجلس الأمة، وارهاب الحكومة. علما بأن غالبية منتسبي التكتل الشعبي لا شغل لهم ولا عمل سوى كسر النظم واللوائح والقوانين لتوسطهم الجائر ومحاربتهم اي وزير يحاول ايقاف وساطتهم الجائرة.

فما هي القوة الهائلة والخفية التي تمكن عددا ضئيلا جدا من عمل تشويش وفوضى في مصالح البلاد وكأنه لا احد قادر على مواجهتهم، والمعروف ان النواب المنتمين للتكتل الشعبي لا يزداد صراخهم الا حين يرفض احد الوزراء طلبات توسطهم الجائر، ومعروف ان نواب التكتل الشعبي سنوا سنة غير حميدة بقدرتهم على ابتزاز اي وزير لا يلبي طلباتهم في محاولة ايجاد ممارسات خاطئة في احدى الادارات التابعة لوزارته، ويوجهون صوب هذا الوزير هجماتهم بأسئلة واستجوابات يضايقونه بها حتى يستسلم ويذعن لمطالبهم.

نتمنى ان تكون هناك جهة ما تدرس وتحلل اداء نواب التكتل الشعبي ورئيسه بأساليب استخدامهم لادوات الرقابة الدستورية من اسئلة واستجوابات لمعارضة الحكومة لتسهيل تمرير وساطتهم المريبة والمخالفة للنظم واللوائح والقوانين. اتذكر شخصيا حين سألت بعض كبار قياديي الدولة الذين هم على رأس مؤسسات كبرى، وكذلك بعض الوزراء الشرفاء عن سبب تقديم استجواب لهم من قبل نواب التكتل الشعبي، اجابوني: لا تتخيل ان السبب يرجع الى عدم قبولنا تعيين موظف او ترقية موظف لا يستحق فقط لكونه محسوبا عليه، وقد زهدونا كثيرا في العمل فأسلوبهم في التعامل المباشر فوضوي جدا، فهم يأتون لمقابلة من دون مواعيد ومصطحبين معهم مجموعة يرغبون بالتوسط لهم، وكأن البلد فوضى ويا ويل القيادي الذي لا يرضخ لطلباتهم.

ستكشف دراسة اداء نواب التكتل الشعبي ان معارضتهم كاذبة ومضللة.

* * *

هل وصل الضعف والهوان ان كتلة عدد منتسبيها اقل من عدد اصابع اليد الواحدة تخيف وترهب، ويذعن لها مجلس امة عدد اعضائه ستة وستون عضوا، ولا نجد من هو قادر على لجمهم وتحجيمهم، نتساءل بمرارة كيف لمجموعة منفردة تتكون من خمسة نواب قادرة على السيطرة على مقاليد الدولة، وهذا امر لم يحصل ولن يحصل في اي نظام ديموقراطي برلماني في العالم.