أقلامهم

مدافعا عن ثورة البحرين .. البغلي يتهم حقوق الانسان في الكويت بالتطرف

علي البغلي

ازدواجية المعايير .. وثبات المبدأ

جماعات الإسلام المتطرف ومن لفّ لفّهم من المتعصبين عرقياً ومذهبياً نشطوا بعد أحداث البحرين في بث سموم الفُرقة وشق الصف في مجتمعنا.. وظهروا على حقيقتهم البشعة.. فما يحل للشعوب والجماهير العربية في تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا.. هو «حرام زقوم» على المطالبات الإصلاحية المستحقة في الشقيقة البحرين، التي ينادي بها الشعب بكل تلاوينه وأعراقه ومذاهبه.. فهؤلاء ثاروا بازدواجية مقززة لعدم إرسال قوات لقمع المطالبات الشعبية في البحرين.. وطالبوا في الوقت نفسه وشجعوا إرسال قوات لمساندة المطالبات الشعبية في ليبيا!

جماعات «التمسّح بالإسلام» لدينا هي رائدة الازدواجية في المواقف.. فهم مع الحريات وإعمال مبادئ حقوق الإنسان، ولكن لمن يتفق معهم في العقيدة والرؤية السياسية.. أما المختلف معهم فليذهب إلى الجحيم مصحوباً بدعواتهم له بأن يكتوي بنار جهنم! والمشكلة أن البعض منهم يدّعي زوراً أنهم مع إعمال مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان، التي جاءت بها الدساتير المستنيرة والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان وتطبيقها، ومع ذلك لا يرف لهم جفن، أو تنز من جباههم – الموشوم بعضها «بزبيبة صلاة»، لزوم التمظهر الديني – قطرة عرق، إذا لم تطبق هذه المبادئ والمفاهيم على مخالفيهم في الرأي والعقيدة كما قلنا!

***

في الغرب الكافر العلماني الذي اتهمه أحد دعاتهم بالدعوة للتفسخ والعري، المبادئ هناك لا تتجزأ بل هي تنطبق على القريب مثلما تنطبق على البعيد.. 

فالجهادية السلفية عاثت في الغرب قتلا ودمارا بلغا ذروتهما ما أسماه أئمة «عهرهم الجهادي» بغزوة منهاتن، حيث ولغت أيديهم القذرة بدماء آلاف المدنيين الأبرياء، من دون أن يرف لهم جفن.. «الغرب الكافر» بقيادة الولايات المتحدة نجح في القبض على بعض أبطال تلك «الشرذمة الجهادية القذرة»، وعلى رأسهم خالد شيخ محمد، المخطط الرئيسي لجريمة منهاتن وبعض رفاقه، ووضعوا رهن الاعتقال في القاعدة الأميركية في غوانتانامو في كوبا منذ سنوات.. وزير العدل الاميركي ايريك هولدر اصدر الاسبوع الماضي قرارا بتقديم المجرم «خالد شيخ» و4 آخرين من زملائه الى المحاكمة العسكرية وليست المدنية.. جماعات حقوق الإنسان الأميركية (الحقيقية قولا وفعلا) أقامت الدنيا ولم تقعدها، واصفة هذه الخطوة بأنها إحدى الانتكاسات في القرارات التي أعلنتها ادارة الرئيس اوباما سابقا بشأن مصير معتقلي غوانتانامو، عندما اعلن اوباما في حفل تنصيبه في يناير 2009 عن عزمه على اغلاق المعتقل بنهاية السنة الأولى من ولايته الأولى.. جماعات حقوق الأنسان قالت «إن هذا القرار سيأتي بنتائج سلبية، وهو خيانة للمعايير الدولية لتوفير محاكمة عادلة وسيرسخ عقيدة قانون الحرب، وسيمثل انهيارا خطرا في النظام القضائي الاميركي، كما سيرسل اشارة خاطئة للحكومات الاخرى بان الولايات المتحدة مستعدة لتجاهل معايير حقوق الانسان عندما لا تجد ذلك في مصلحتها» انتهى.

ويتوقع ان تصدر أحكام مشددة من المحكمة العسكرية على «خالد شيخ» وأقران سوئه تصل إلى الإعدام.. والطريف أن هذا القرار هوجم حتى من المؤسسة العسكرية، فالجنرال جوزيف هور رئيس القيادة المركزية الاميركية السابق هاجم القرار انطلاقا من موقف آخر، هو أن تقديم خالد شيخ وجماعته لمحاكمة عسكرية سيعطيه مكانة لا يستحقها، قائلاً أمام لجنة الاستماع بالكونغرس «إنه مجرم وليس مقاتلاً عسكرياً»!

***

• في فرنسا انتقد الاشتراكيون واليسار والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان هرولة الرئيس «ساركوزي» ووزير داخليته كلود غيان وراء طروحات اليمين المتمثلة في طروحات زعيمة حزب اليمين المتطرف مارلين لوبين التي شبّهت الصلاة التي يقيمها بعض المسلمين في شوارع المدن الكبرى «بالاحتلال النازي» الذي عرفته فرنسا في الحرب العالمية الثانية.. وهناك ضجة في فرنسا أيضاً بمناسبة تطبيق قانون منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة في الأراضي الفرنسية، الأمر الذي هاجمته جمعيات حقوق الانسان (مع عدم قناعتها بارتدائه) بصفته قانوناً يتعارض مع الحريات الشخصية التي كانت جوهر مبادئ فرنسا العلمانية.

وهذا هو الفرق بين حقوق إنساننا.. وحقوق إنسانهم.. هنا نعاني شدة ازدواجية مبادئنا المبنية على الشخصانية.. وهناك ديدنهم هو الثبات على المبدأ حتى لو تعارض مع قناعاتهم الشخصية.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..