كتاب سبر

انتهازية الشيخ والمرشد

الشيخ .. هو شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذى تولى المشيخة فى مارس عام 2010، وبقرار من رئيس الجمهورية المخلوع حسنى مبارك – الذى كان يعالج وقتها فى المانيا – وقد كان قبلها رئيسا لجامعة الأزهر، وشهدت الجامعة وقت رئاسته القضية التى عرفت إعلاميا وأمنيا بـ “مليشيات الأزهر” فى ديسمبر عام 2006، والتى على اثرها تم محاكمة قيادات من جماعة الأخوان المسلمين امام محكمة عسكرية إستثنائية، كان من بينهم الرجل القوى فى الجماعة ونائب مرشدها المهندس خيرت الشاطر .. والذى لم يفرج عنه وبعض من زملائه إلا بعد ثورة 25 يناير العظيمة. 

وهذا الشيخ القادم من الأقصر فى صعيد مصر وابن شيخ الطريقة الصوفية الأحمدية الخلوتية، عُرف عنه وقت رئاسته للجامعة شدة العداء للطلاب الذين ينتمون لجماعة الأخوان المسلمين وعندما قام الطلاب بمناشدة الدكتور الطيب بالتدخل للإفراج عن 25 من طلاب كلية التربية الذين تم إعتقالهم لمشاركتهم فى عرض قال عنه الأخوان أنه رياضى، وقال عنه رئيس الجامعة والأمن أنه عرض عسكرى رد الطيب بالقول: إنه لا يريد طلاب الأخوان بالجامعة .. وعندما رد عليه أحد الطلاب قائلا: إن الجامعة صدرها يسع الجميع رد قائلا: إن الجامعة تسع أى شخص حتى اليهود ولكنها لا تسع طلاب الأخوان (!!).

وظل الشيخ الطيب عضوا قياديا فى الحزب الوطنى الحاكم “المنحل” بعد دوره العظيم فى التعاون مع الأمن فى قضية “المليشيات” فتم تعيينه عضوا فى الأمانة العامة للحزب وضمه إلى أمانة السياسات بالحزب تلك التى كان يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع والذى كان طامحا فى وراثة حكم أبيه! .. وعند تعيينه شيخا للأزهر رفض أن يستقيل من الحزب إحتراما لمنصب المشيخة إلا بعد الأذن من رئيس الحزب .. وبعد ضغوط شديدة استقال الرجل بعد إفتضاح أمره أمام الأمة وهو ما دعا النظام إلى أن يأمر الشيخ بتقديم استقالته من الحزب ..

وعندما خرجت المظاهرات فى 25 يناير وطيلة أيام الثورة، وكان المصريون يقولون أثناء المظاهرات على التليفزيون (الكذب حصرى على التليفزيون المصرى)، خرج الشيخ الطيب على التليفزيون المصرى، ليطالب المصريين بالتزام بيوتهم وعدم خروجهم فى المظاهرات ويطالبهم بطاعة الحاكم وإحترام نظام الرئيس مبارك .. وتكرر ذلك مرات.

أما المرشد فهو المرشد العام الثامن لجماعة الأخوان المسلمين الدكتور محمد بديع أستاذ الطب البيطرى بجامعة بنى سويف وجاء إلى منصب المرشد بالاختيار بين أعضاء مكتب الإرشاد وذلك بعد إختيارهم من مجلس شورى الجماعة.

فى يناير 2010 أى فى نفس الفترة تقريبا التى اختير فيها الطيب شيخا للأزهر وقد تحفظت جماعة الأخوان على إختيار الطيب لهذا المنصب الهام، وجاء بديع خلفا للمرشد السابق محمد مهدى عاكف الذى أصر على عدم التجديد وعدم رغبته فى الاستمرار والاكتفاء بولاية واحدة ليسجل بذلك سابقة فى تاريخ الجماعة وفى أول بيان له حاول طمأنة النظام بهدوء الجماعة فى هذه المرحلة وأنه يختلف عن سابقه الذى كان راديكاليا .. ومن ثم أصر وأعضاء مكتبة – مكتب الارشاد – على خوض إنتخابات مجلس الشعب عام 2010 رغم موقف قوى المعارضة من رفض المشاركة فى تللك الأنتخابات بإعتبارها ستكون تمثيليه هزلية ولكى يبدو النظام عاريا .. ولكن النظام واعوانة – معظمهم الآن فى سجن طرة – شجعوا الأخوان على المشاركة، ليفاجأ هو وأحزاب المعارضة التى كان يحركها أمن الدولة (غير المأسوف عليه) بخروجه صفر اليدين فى تلك الانتخابات رغم أنه كان له 20% من أعضاء برلمان 2005.

وتمر الأيام .. ويلتقى الشيخ والمرشد حيث قام الأخير بزيارة مشيخة الزهر ليخرجا علينا بفتح عظيم فى تصريحات متبادلة، ونسى الأخوان اتهاماتهم لشيخ الأزهر بأنه كان وراء قضية “مليشيات الأزهر” وما قاله الشيخ بعد أيام من تعيينه على رأس اهم مؤسسة إسلامية فى العالم الأسلامى من أن فكر جماعة الإخوان المسلمين لا يتفق وفكر الأزهر (فى مقابلة فى العاشرة مساءاً يوم 21 مارس 2010) ليقول الآن الشيخ نفسه: “إن جماعة الإخوان لم تكن يوما بعيدة عن الأزهر (يوم 3 مايو 2011)، وتنازل المرشد والأخوان عن تحفظهم على الشيخ الطيب كشيخ للأزهر ليقول المرشد العام للأخوان المسلمين محمد بديع: “الطيب يستحق لقب شيخ الإسلام”.

إنها حالة إنتهازية من الطرفين .. ولمصالحهما الشخصية .. والشخصية فقط .. وليس لمصلحة الإسلام أو مصر أو ثورتها. 

يا أيها الشيخ .. ويا أيها المرشد “إتقوا الله فى إسلامكم وفى مناصبكم وفى ثورة الشعب المصرى العظيم”.

إبراهيم منصور

رئيس التحرير التنفيذى للدستور الأصلى