أقلامهم

حكومة ردة الفعل يجب عليها أن تلتزم بالدستور وتقدم برنامج عملها خلال أسبوعين .. محمد المقاطع

محمد عبدالمحسن المقاطع

حكومة دولة أم حكومة رد فعل؟!

إن تشكيل الحكومة الحالية لم يختلف عن الأسلوب الاعتيادي الذي تشكل به الحكومات المختلفة في السابق، وعلى وجه التحديد حكومات رئيس الوزراء الحالي سمو الشيخ ناصر المحمد، بيد أنه كان لافتا أن الحكومة في اجتماعها الاول اتخذت مجموعة من القرارات الاولية ببعض القضايا المهمة واخرى فرعية، واعتبرتها تشكل اولوية لها في المرحلة المقبلة، (وعلى ما يتم تداوله سميت أولويات مرحلة الاشهر الثلاثة المقبلة)، وهو توجه ايجابي لكنه قاصر، لان ما هو مفترض ان تقوم بعمله الحكومة نزولا عند احكام الدستور هو ان تضع برنامج عمل تقوم بتقديمه الى مجلس الامة، وذلك وفقا لحكم المادة 98 من الدستور التي تنص على ان «الحكومة ملزمة بتقديم برنامجها فور تشكيلها، وهذه الفورية لا تتراخى لأكثر من اسبوعين»، والا فنحن لسنا امام حكومة دولة تسير وفقا للنظام البرلماني واصوله كما جاء في الدستور، فإذا اضفنا الى ذلك أنه منذ تكليف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة وحتى صدور مرسوم تشكيلها قد مضى ما يقارب 9 أسابيع، وهي فترة كافية لاعداد مسودة البرنامج، فإن التراخي اكثر من ذلك يبين عدم جدية الحكومة من جهة، وعدم حرصها على احترام الدستور من جهة اخرى.

ولا شك في ان القضايا التي وضعت الحكومة لها اولوية في اجتماعها الاول لها اهميتها، لكنها ما زالت تدور في نطاق حكومة رد الفعل، التي تتعامل مع الاحداث بعد وجودها، وبما يحلحل وضعها في هذه المرحلة الآنية، وهذا هو دور حكومة المسكّنات والتعامل برد الفعل، وهو نهج عودتنا عليه الحكومات السابقة، اما حكومة الدولة والمؤسسات والنظام البرلماني فهي التي تضع رؤياها للمدة الزمنية التي يستغرقها عمرها الدستوري وفقا للنصوص والاحكام الدستورية، ومن ثم تضع الرؤية المستقبلية وتتعامل مع الاحداث الآنية والمستقبلية معا، وهو ما لا نجده في ما أعلنت عنه الحكومة الحالية من اسلوب اختيار اولويات لمرحلتها المقبلة.

ان الحكومة الحالية تملك بعض مواضع قوة واسباب النجاح وهي محدودة في جميع الاحوال، لكنها يمكن ان تستثمر على افضل وجه وبأحسن سبيل، يمكن من خلاله ان تعتمد على ركائز قوة وتتجاوز حالة الترهل وفقدان القدرة والوضع التقليدي، التي يعيشها عدد كبير من اعضاء الحكومة ممن يشكلون عبئا عليها بدلا من ان يكون عنصر دفع وقوة لها، وهو ما يضع الحكومة على المحك في اظهار عناصر القوة ومداراة عناصر الضعف فيها، لذا فإن اداء الحكومة للقسم الدستوري وبعد ذلك تقديمها لبرنامجها هما اللذان سيكونان الاساس الذي من خلاله تتم المساءلة السياسية من الناحية الدستورية، ومن هنا فإن الاستجواب الذي يقدم لرئيس الحكومة او لأي من وزرائها بعد ادائه للقسم مباشرة، ان كان لا ينصبّ على امور يتحمل مسؤوليتها بعد اداء القسم مباشرة، فإنها تصم مثل هذا الاستجواب بعدم الدستورية لانه خرج عن نطاق ما تجوز المساءلة بشأنه ولم يرتكز على اختصاصات ما بعد التشكيل الجديد، او على برنامج او موضوعات اتُّخذ فيها قرار او سياسة حكومية واضحة، وهو ما يجعل الاستجواب في مثل هذه الحالة غير مقبول من الناحية الدستورية، كما انتهت الى هذا الرأي المحكمة الدستورية في الكويت.

اقول ختاما لما سبق ان التفاؤل مطلوب واستقبال المرحلة المقبلة برغبة في تنمية البلد وتطويره، لاعبه الاساسي هو الحكومة قبل البرلمان، فبرنامجها واداؤها وفاعليتها هي التي تقود العمل السياسي والبرلماني في آن واحد، بيد ان ذلك كله يذهب ادراج الرياح اذا كانت الحكومة حكومة رد فعل وليست حكومة دولة ومؤسسات.

اللهم إني بلغت.