أقلامهم

خلود الخميس مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم: عذراً سيدي لقد خذلناك

خلود عبدالله الخميس 

عُذراً سيدي.. نحن لا نستحقك

فقد خذلناك، ولسنا في طريق التوبة، فأنّى تهبط علينا النُّصرة؟ نأكل لحوم إخوتنا ميّتةً ونتعطّش لشرب دماء الأحياء منهم أيضا! هكذا نحن ذئاب نجيد تربص الدوائر، وفن النهش على الأجساد، ودقة النيْل من الأعراض، ولكننا نفعل كل ذلك في بعضنا بعضا، وليس في الآخرين، فعُذراً!

لقد أخجلناك أمام بقية الأنبياء، ولم نكن قوماً صالحين، قلتَ لنا عبر القرآن «فاتّبعوني يحببكم الله» فما اتّبعناك كما يليق بخُلُقك العظيم، وفي ما كنا نتّبع كنا منافقين بأغلبيتنا، نريد مدحا أو شهرة أو إشباع ك.بْر في نفوسنا، ثم نطمع أن يكفّر الله عنا خطايانا ونحن من الخائنين!

هزمناك بأخلاقنا، ونسينا «إنك لعلى خلقٍ عظيم» ومارسنا الفُحْش في الكلام، والفجور في الخصام، فكيف يا سيدي نقول إننا من المُختارين، وخير أمة أُخرجتْ للعالمين؟! 

شتمناك بسلوكنا، فسامحنا، تجاهلنا قول الله «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» وعند أول خلاف على أمر أحلناه اختلافا روّعنا به الحجر، وتقاتلنا بدوا وحضرا، وأهلكنا الحرث والنسل، وما سئمنا وما تعلمنا من الدهر، وما زادتنا المغفرة إلا فُجرا وعُهرا، فعُذراً!

ما نصرناك، وكيف نفعل والانتصار لا يأتي عبثاً بلا اعتقاد، نحن اعتقادنا بمن وصّيتنا ألا نولّيهم علينا، فعاندناك وولينا علينا شرارنا وصلبنا أخيارنا، رفعنا فُجّارنا وهبطنا بأنصارنا في غياهب الجُب، واسأل يوسُف حين تلقاه، كيف هي ظلمة البئر عندما يُكبُّ فيها الص.دّيق على وجهه، ويكون الفاعل أخا الدم والهمّ؟ وقل له نقلا عنّا، لم يتعظ الإخوة ولم تؤدّ.ب «لا تثريب» أحدا، فمنه ومنك، عذراً.

هجوناك بالمعجزة التي جئت بها لدعوة الناس لعبادة الله، نحن المسيئين، بسوء استخدامنا للغة، صففنا الحروف ليرضى عنا من غضب الله عليهم ومعهم الضالون، نحن أهل الكلام المنمَّق المُزيَّن المُبين، فزنا به.بات جمّة، وكلها لأننا قلنا المعلقات بأقصى ما أوتينا من بلاغة، وكُتبتْ حجج علينا وغُمّة، ولا تليق بأتباع من قال فيه خالقه «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» فعذراً!

عذراً سيدي، أعتذر منك ومن جميع الأنبياء والمرسلين، وأعتذر من الكَتَبة الحافظين اعتذارا أنقذ به نفسي، فلا كلمة لي على بقية المسلمين! 

نحن أمة سواد أعظم، ولكن بسواد وجهٍ لو نشرناه على بقية الأمم لاتشحت عزاءً ولمارس افرادها اللطم الذي يهوونه إلى يوم يبعثون!

إن رداءتنا وغباءنا وخذلاننا جعلت من قال فيهم الله «كلما دخلت أمة لعنتْ أختها» يدعون على أهلنا ونحن نردد خلفهم «آمين»!

فكيف، بعد ما سبق، نكون نحن من تسجد عند عرش الرحمن راجيا إنقاذنا «أمّتي.. أمّتي» شفاعة يوم حساب الأمم أجمعين؟ 

عذرا خير البشر، عذراً محمد الصادق الأمين، عذراً سيدي.. أمتك جُلُّها عُصاة وملاعين!