محليات

في قراءة لفكر وأجندة عمل وزير الإعلام من واقع كتاباته وحواراته الصحفية
طلال الكشتي: 13 أولوية ترسم اتجاهات النصف لعلاج الخطاب الإعلامي

* الوزير يحمل صورة ذهنية سلبية تجاه بعض الممارسات الإعلامية 
* المهمة الصعبة امام النصف تعيين مدققي حسابات لكشف تمويل مصادر الصحف والفضائيات 
* هل يستطيع تحقيق الرغبة الأميرية وخلاص الكويت من صداع فوضي إعلامية تصنع الأزمات
* يدعو لصناعة إعلام يحقق الأمن الوطني والسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية في كتاباته…فما أدواته لتحقيق ذلك عندما أصبح صانع القرار؟
* لن يسمح بإعلام يغرس الكراهية والتمييز العرقي والطائفي والمناطقي 
* الحريات المسئولة إطار يراه الوزير أفضل معادلة لإعلام الكويت في المرحلة المقبلة
* للصحافة دور مزدوج… محاربة الفساد أو الترويج له…هكذا يفهم النصف خطورة سلطة الإعلام 
* قال عن الإعلام الخارجي أنه يمثل نافذة الكويت للرد على الأكاذيب..فماذا سيفعل تجاه قناعات حولته لزفات أحتفالية ومعارض تنفيع 
* قائمة أولويات في ذهن النصف …مدينة إعلامية ومحاكم خاصة لقضايا النشر وميثاق شرف وتحسين الصورة وتأهيل الإعلاميين ودعم التلفزيون 
* من مقاعد الكتاب قال “أن كل ما تحتاجه حقيبة الإعلام هو استقرار وفكر خلاق وعمل دؤوب”
* بعض الوزراء تركوا الحقيبة تحت وطأة الأستجواب وأخرين لم يحركوا ساكنا فما هو مستقبل وزارة الأزمات مع النصف
* مطبات العقول القديمة التي لاتعرف مبادئ الأعلام الجديد يصطدم بها الكابتن النصف في رحلته نحو التطوير الذي ينشده

رصد مدير مركز “اتجاهات” للدراسات والبحوث “اتجاهات” طلال سعد الكشتي في خطوة استباقية فكر وزير الاعلام وزير المواصلات سامي النصف إزاء قضايا الإعلام المختلفة من واقع كتاباته وحواراته الصحفية قبل التوزير.
واشار الكشتي إلى أن النصف سبق وان حدد أولويات العمل بوزارة الإعلام خلال الحكومات السابقة في متن مقالاته الصحفية وحوارته الإعلامية التي كشف فيها بنفسه عما تحتاج إليه وزارة الإعلام بقوله “أن كل ما تحتاجه حقيبة الإعلام هو استقرار وفكر خلاق وعمل دؤوب”. 

وأكد الكشتي أن مادفعه لإعداد هذا التقرير هو أن حقيبة وزارة الأعلام تسببت بشكل رئيسي في صداع مزمن لحكومات الشيخ ناصر المحمد الستة السابقة، كما أن عدد من وزرائها تركوا الحقيبة تحت وطأة سلاح الاستجواب أو بسبب المشاكل المزمنة التي تعرضت لها قطاعات الوزارة المختلفة خلال السنوات السابقة كما أن بعض من حملوا الحقيبة فضلوا عدم تحريك الساكن أوتسكين المتحرك حتى أصبح يشار لوزارة  الأعلام بأنها ميتة إكلينيكيا ومتخصصة في تصدير الأزمات إلى الحكومات.

وزاد الكشتي أن تساؤلات كثيرة يثيرها المراقبين حول قدرة الكابتن النصف الأقلاع بالأعلام الكويتي بجناحي الحرية والمسؤولية بعد أستلامه حقيبة وزارة الأعلام  التي لاطالما أنتقدها وحدد المسارات الأفضل لها من مقاعد الأعلاميين والصحافيين في السنوات السابقة لاسيما وأن بعض قطاعات وزارة الأعلام مترهلة وتديرها عقول قديمة لاتعترف بالأعلام الجديد.
 

وبين الكشتي أن الوزير النصف لديه انطباعات سلبية إزاء بعض الممارسات الإعلامية الغير مهنية التي تزيد حدة الاحتقان المجتمعي كما أنه يرى أن الإعلام الكويتي من المفترض أن يعكس ما يجري في المجتمع ويعيد تشكل وتغيير الأفكار بما يضمن الأمن الوطني والسلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، فالقضايا المحورية التي طرحها في كتاباته تتضمن الاولويات التي يتعين الاهتمام بها، خلال المرحلة المقبلة، وهي على النحو التالي:

دعم الوحدة الوطنية

الوحدة الوطنية وتعزيز الأمن والسلامة الاجتماعية تعتبر ابرز أولويات سامي النصف من واقع كتاباته فالقارئ لها يلمس منه الحرص على حث جميع وسائل الإعلام المختلفة (سواء مرئية أو مسموعة أو مقروءة) على الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والتوقف عن نشر كل ما من شأنه (أخبار وتصريحات وتحقيقات ومقالات) أن يثير بذور الفتنة والتفرقة بين فئات وطوائف المجتمع

أن اهتمام النصف بالوحدة الوطنية في كتاباته المتكررة يأتي في سياق ما شهدته السنوات الأخيرة من تجاوز وانحراف لبعض المؤسسات الإعلامية الكويتية عن دورها في ترسيخ الديمقراطية من خلال بث أنباء ونشر أخبار ونقل تصريحات تؤدي إلى إشاعة الفرقة ونشر بذور الخلافات بين المجتمع وهو ما يضر بالوحدة الوطنية ويصيب قيم التسامح والتعايش في المجتمع بالضرر الكبير.
مدينة إعلامية متكاملة

في زاويته الصحفية “محطات” تحت عنوان “إعلاميات” بتاريخ 17 سبتمبر 2008 قال النصف “أننا في أمس الحاجة لإنشاء مدينة إعلامية متكاملة نظرا لموقعنا الجغرافي المتميز في الخليج، كما أن صحافتنا اليومية والأسبوعية القديمة والجديدة وفضائياتنا الخاصة تحتاج إلى مكان راق يجمعها بعيدا عن كراجات السيارات ومحلات النجارة ومواد البناء”.

 

الحرية المسؤولة
يؤمن النصف بالالتزام بالمعايير الموضوعية والمهنية السليمة وعدم السماح بالانحراف عن الرسالة الإعلامية الوطنية والتحلي بمبدأ الحرية المسئولة، حيث يؤكد دوما على ضرورة تفعيل دور الإعلام الرسمي بما يخدم الوطن ومنحه المزيد من الحريات ليكون قادرا على إيصال الرسائل الهادفة إلى المجتمع الكويتي”. فالمنظور الذي يتبناه هو “الاهتمام بالحريات كقضية قائمة ومهمة، وهي تتمثل في الحرية المسئولة”، وهو ما يتعين على مختلف وسائل الإعلام القيام به.

الصحافة الكويتية كما يراها النصف يفترض أن تلعب دورا رئيسيا في ترتيب أولويات الرأي العام في الداخل وهناك مقولة شهيرة للوزير أن “للصحافة دور مزدوج، في محاربة الفساد وأخر للترويج له، فعندما تتبنى الصحافة دعم طرف أو موظف فاسد وتشن الحملات على المسئول لأجل مصلحة خاصة فبهذا يتم تشجيع الفساد، وبالمقابل الكويت مقصرة في الكشف عن الفساد، ورغم أن لدينا ديوان محاسبة ومجلس أمة وصحافة حرة، لا يخشى المتجاوز على المال العام من الصحافة”.
محاكم النشر

أشار النصف في مقاله المنشور بالأنباء بتاريخ 27/3/2005 إلى أهمية خلق جهة اختصاص تنظر في قضايا النشر كوزارة الإعلام أو إنشاء محاكم خاصة وتحديد قضاة معينون للنظر في تلك القضايا ذات الطبيعة الخاصة منوها إلى ذلك بقوله “ما نرجوه ونحن نعيش في مجتمع دولي يلحظ ويراقب ويحاسب أن ينظر في إما أن تختص وزارة الإعلام الكويتية فقط بتحريك الدعاوي القضائية ضد الكتاب والصحف أو خلق جهة أخرى كالحال في انجلترا التي تخصص لجنة برلمانية في النظر بقضايا الصحافة بعيدا عن نيابة الخمور والمخدرات!”
وفي ذات السياق يستكمل النصف فكرته بقوله “اقترحت في مقال بعيد إما أن تخلق محاكم خاصة بقضايا النشر كحال محاكم المرور المختصة أو أن يحدد قضاة معينون للنظر في مثل تلك القضايا ذات الطبيعة المختلفة التي لأحكامها تداعيات دولية ضخمة بعد التنسيق مع جمعية الصحفيين”.
ميثاق شرف صحفي
لا يمكن للإعلام المكتوب مواجهة الفساد إلا عبر تمسك الإعلامي أو الصحفي بميثاق شرف يجعل هناك نازع ضميري يحركه في التعامل مع القضايا التي ينشرها. وقد طالب النصف في أحد مقالاته بـ “خلق ميثاق شرف صحفي بالكويت، لأنه لا توجد صحافة متقدمة بدونه.. كذلك الأمر بمجلس الأمة حيث نحتاج إلى لجنة تقييم لمحاسبة النائب المخطئ فلا يجوز لمجلس أمة فريد في العالم ألا يكون له لجنة تقييم وصحافة فريدة ليس لديها ميثاق شرف للرجوع إليه دون التقاضي، دون أن يكون وسيلة قمعية”.
دعم مكاتب الإعلام الخارجي
من واقع متابعة الأفكار التي يطرحها الوزير سامي النصف أنها تمتد من الداخل إلى الخارج، عبر اتخاذ خطوات هادفة لتطوير أداء أو إحداث تغيير في بنية الإعلام الكويتي الموجه إلى العالم الخارجي ووضع الإعلام الكويتي على المسار الصحيح وتوحيد ما يمكن تسميته بـ “الرسالة الكويتية” القائمة على التحول الديمقراطي والانفتاح الثقافي والتواصل الحضاري والنشاط التنويري والتطور الإعلامي والتدفق المعلوماتي والاندماج العولمي والتوطين التكنولوجي بحيث تمارس هذه المؤسسة أو تلك أدوارها بحرية كاملة في تقديم الخدمات المعلوماتية ونقل الرسائل الإعلامية التي تتغير بشكل لحظي.
ففي مقال للنصف بعنوان “أول الأسبوع” بتاريخ 28 يوليو 2007، قال “إن علينا أن نقرر في البدء الهدف من خلق مكاتب الإعلام الخارجي، ومن ثم نقرر كيفية ملئها وما هي العناصر الموائمة للوصول إلى ذلك الهدف. فإن كان الأمر معنيا برفع اسم الكويت والدفاع عن سمعتها أمام الهجمات والانتقادات التي تتعرض لها. الواجب أن نضع على تلك المكاتب أكفأ عناصرنا الإعلامية والأكثر قدرة مقارعة حجة بحجة.. وعدا ذلك يصبح الأمر مضيعة شديدة للوقت والمال. فالانترنت كفيل باطلاعك وأنت في بلدك على ما يكتب في صحافة الخارج دون الحاجة لإرسال قصاصات الصحف من هناك”. فالإعلام الخارجي يمثل نافذة مهمة لوضع الأمور في نصابها الصحيح والرد على الأكاذيب والافتراءات. والسؤال هنا ماذا سيفعل الوزير النصف تجاه مسؤولين أقنعوا مجلس الوزراء بإلغاء قطاع الأعلام الخارجي وحولوا ميزانيته البالغة 6ملايين دينار كويتي لمشاركات خارجية عبر أسابيع ومعارض  بعضها تنظمه الوزارة وبعضها لشركات خاصة هدفها الربح المادي  والمحصلة  أنها ذات أثر محدود ومؤقت لاتبرز الصورة عن الكويت بشكل فعال.

 

تغيير الصورة النمطية الغربية عن الإعلام العربي
 يتزايد الشعور بغيبة الإعلام العربي (ومنها الإعلام الكويتي) المؤثر على الساحة الدولية وافتقاره إلى مقومات العصرية والوضوح والقدرة على إقناع الأخر والتأثير في الغير، لاسيما مع وجود عدد من الصور النمطية عن الإعلام العربي في الإعلام الغربي، التي تتعلق بصورة الإرهابي وقاذف القنابل والتاجر الشره المساوم والثراء الناتج عن عائد النفط وليس الإنتاج والعمل والمرآة اللعوب، التي تركتها بعض الممارسات السلبية والسيئة من جانب عرب ومسلمين بعينهم، والتقطتها وسائل إعلامية متحيزة وغير نزيهة، لكن المشكلة تتعلق بتحسين الأصل قبل تغيير الصورة.
تدريب وتأهيل الإعلاميين
يعطي النصف اهتماما بتأهيل الكوادر الإعلامية الوطنية بحيث يكون لدى هذه الكوادر القدرة على منافسة المنتج الإعلامي الغربي. ووفقا لما طرحه في حوار له مع جريدة “الرؤية” في 15 فبراير 2010، يقول “إن الإعلام يستقطب السيناريوهات الأكثر سوءا ويضعها كمانشيتات أمام الرأي العام الكويتي.. هذه المشكلة ليست في الكويت، لكنها قائمة في معظم الأوطان العربية، حيث أن الإعلام ضمن مجموعات متخلفة، وبالتالي الإعلام هو ضمن هذه المعادلة. الإعلام الكويتي والعربي، بشكل عام، غير محترف”
ووفقا لرؤيته أيضا، فإن “هناك فجوة قائمة بين الإعلام العربي وتقنيات الاتصال الحديثة بسبب غياب عمليات التدريب والتأهيل المستمرة على مثل تلك التقنيات شديدة التغير والتطور”. فالتصور الحاكم للوزير سامي النصف هو إحداث “ثورة” مهنية في المجال الإعلامي الكويتي بالدرجة الأولى، فيما يتعلق بالآليات والمقومات القادرة على بلورة إعلام راسخ، والتي تتركز بالأساس في العامل البشري والملكات التي يمتلكها الإعلامي والقدرات التي يحوزها الصحفي.
الردع الإعلامي والقانوني
طالب النصف في مقال له بصحيفة الأنباء تحت عنوان “إعلاميات” في 15 ديسمبر 2009 بـ “وضع وزارة الإعلام أو مجلس الأمة قوانين رادعة ضد جرائم الكراهية والتمييز العرقي والطائفي فلن ينفعنا لو مزق البلد وتقاتل أبناؤه أن نفخر بوجود فائض حريات لدينا”، متسائلا: لماذا سمح ضمنا إعلامنا بتسميات تفرقنا كحال “ثوابت السنة” و”ثوابت الشيعة” وسنسمع فيما بعد “ثوابت الحضر” و”ثوابت القبائل”، لذا نرجو إيقاف تلك المسميات قبل أن تدمر مجتمعنا، هذا إذا لم تكن قد دمرته بالفعل”.

فإذا كان الطبيب يمكن أن يموت فردا في عملية جراحية، لكن الصحفي قد يسبب ضررا في البنية المجتمعية، تلحق خسائر بشرية ومادية لا يمكن تخيلها، وهو ما يفرض على الكاتب أو الصحفي، المثقف والمفكر، الإعلاء من شأن المصلحة الوطنية الكويتية فوق أية مصلحة أخرى، لأن الوطن هو الباقي. وهنا، يقول النصف “خطي الأحمر هو المصلحة الوطنية ومصلحة الكويت، ولا أقبل ضمن كتاباتي أن أمس مصلحة البلد، وللأسف لا أجد هذا الأمر قائما، فبعض الكتاب إذا كانت لديه ثورة غضب لا يمانع أن يدمر بلد، عندما فقط يختلف مع زميل آخر فلا يرى مانعا من مس وحدتنا الوطنية”.
دعم التلفزيون الوطني والكفاءات الإعلامية
وشدد النصف في إحدى مقالاته على أهمية دعم تلفزيون الكويت ليكون محط أنظار الكويتيين والعرب على حدا سواء عن طريق الاستعانة بالخبرات والكفاءات كما دعى الوزير إلى دعم الكفاءات الإعلامية الوطنية لدفعهم على الاستمرار والعطاء الهادف كما هو الأمر نفسه مع الإعلاميين العرب المساندين للسياسات الكويتية في مختلف القضايا الإقليمية والدولية متسائلا في مقالته في 15/8/2009 قائلا “لماذا يعيش أعداء الكويت الإعلاميون رفاها شديدا بينما أصدقائها بتقطير شديد حتى انتهوا إلى التخلي عنها”.
ويبقى امام الوزير سامي النصف مهمة صعبة تؤمن رؤيته وتثبت أقدامه في القادم من الأيام داخل وزارة الأعلام وهي تتعلق بتطبيق احكام قانوني المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر لاسيما فيما يخص تعيين مدققي حسابات لمعرفة مصادر تمويل دور الصحف والفضائيات وهي المهمة التي اخفق فيها الوزراء الذين سبقوا النصف منذ السماح بإصدار صحف جديدة  وفضائيات خاصة.