كتاب سبر

(درقن درقن درقن) !

أما قبل:

وَما الدَّهر إِلا من رُواةِ قَصائِدي 

……. إِذا قُلتُ شِعراً أَصبَحَ الدَّهرُ مُنشِدا

(المتنبي)

“مالكشِ علـّي يمين” يا غاليتي إن علاقتي بكتابة الشعر .. مثل علاقة السيد القلاف بالنائب محمد هايف .. أو علاقة الحكومة بما يُسمى  “الوحدة الوطنية” .. فأنا بعيد عن كتابة الشعر كبعد المال العام عن “جيوب” مسلم البراك .. وحتى لا أكذب عليك و أكتب عند الله “حكومياً” ..  حاولت في مراهقتي أن أنتحل شخصية شاعر .. وسرعان ما أن فررت ناسياً قدمي في حذائي .. قبل أن يقبض علي بتهمة .. التزوير في أوراق “شعرية” .. بحور أبياتي لم يكتشفها “الخليل الفراهيدي” .. ربما كتبتها على “بحر المنقف” أو “البحر الميت” المهم إنها لا تمت لبحور الشعر بصلة .. أما قوافي أبياتي “يا لطيف الطف” من شدة اختلافها كانت كُل قافية تنظر إلى الأخرى وتقول “فرصة سعيدة .. تشرفنا” .. لكن وإن فشلت في طهي الشعر .. إلا إني مُتذوق فذ له .. أعرف غثه وسمينه .. صالحه من طالحه..!! 

ويبدو إنكِ يا صديقتي .. أزعجكِ إني أختزل حديثي بالسياسة أو تذمري على هذه الأمة .. التي يقول بها الرسول الكريم (لا تجتمع أمتي على ضلالة) .. فقررت أن لا تجتمع إطلاقاً ! .. ولكن سوف أثبت لكِ أن كل شيء تهاوى بها حتى “الإبداع الشعري” .. كما انهار الغناء .. كما يشير أبن خلدون (إن الغناء أول ما ينهار.. حين يصاب المجتمع بالتدهور) ..!!

يا عزيزتي .. قديماً قام عرب الجاهلية الأقحاح .. بتعليق قصائدهم على (أستار الكعبة).. اليوم لدينا كم كبير من القصائد لا تـُعلق حتى على (ستائر) حجرات النوم .. وإن كانوا كتبوها قديماً بماء الذهب .. فالكثير من القصائد الأن لا تُكتب ولا بماء (الصرف الصحي) ..!!

معضلة الشعر .. هي المُتسلقون من أناس تعاني قريحتهم من “مغص الإبداع” .. ولكن ليونتهم سببها وفرت فيتامين “و” لديهم .. أو بعض الشيوخ ولدوا وفي فمهم ملعقة من “باسكن روبنز” .. يعقتدون أن الشيخ يجب أن يخرج من بطن أمه “فول أوبشين” .. إلا أن الأدب كما يقول فيكتور هيجو (كان  وما زال صديقاً للمتألمين) .. لتبقى الساحة الشعرية والأمسيات رهينة للمحسوبية والنفوذ والمجاملة .. والشهوانية أحياناً! .. ويصبح “ديوان العرب” مثل وزارات الدول “المتخلفة” .. التي لا يرتقي التعامل معك بأدمية إلا بقصاصة ورق كتب عليها ( عزيزي أبوفلان..يرجى مساعدة حامل هذه الورقة..حيث يهمنا أمره)! .. لتعج المجلات الشعرية بشعراء كأنهم (فتيات الغلاف) كما وصفهم أحدهم .. ويبعد الشعراء المُبدعين .. الذين أناملهم كدودة القز .. يحيكون حريراً على صورة أبيات شعر خلابة .. !! 

خذي عندك .. الشاعر دعيج الخليفة (طارق بن زياد الصالونات والمعارض النسائية) .. الذي بتنا لا نـُفرق بين شعره وبين الرسائل التي تسخر من شعره .. أما أتاكِ قوله (حبيبتي حلوة وأمورة // أحبها موت وأعشقها) .. سيدتي إن لفظ “أمورة” لا يأتي به إلا فطحل شعري .. يا “أمورتي”! انظري لهذه المجاراة الرائعة حين قال أمرؤ القيس الكندي (أغركِ مني أن حبكِ قاتلي// وأنكِ مهما تأمري القلب يفعلِ) أجابه شاعرنا الفحل دعيج (من حقها تصير مغرورة//أنا بالأشواق مغرقها)أغرقتنا معا يا سيدي .. فغضب الكندي كيف يـُلجمه “لاجئ عاطفي” فقال (تضيء الظلامَ بالعشاء كأنها//منارة مُمسى راهبٍ مُتبتلِ) فقال دعيج يرد عليه (حلوة وللزين أسطورة//شمس بدت لي بمشرقها) .. ليفر الكندي من هذه المبارزة الشعرية وهو يصرخ (كلو منك يا حليمة) .. وعندما قال الشاعر محمود درويش ( نبيع الزيتون الجليل..ونبيع أحجار الجليل..ونبيع التاريخ الجليل) شمرَ دعيج عن أبياته  وجاراه قائلاً (أنا بياع الجواتي..أنا بياع الجواتي) ..!!

ماذا تريدين من الشعر.. إن كان شخص مثل “بدر صفوق” يُقيم شاعرية شاعر مثل “ناصر الفراعنة” .. منتقده بـ(درقن درقن درقن) .. ثم يأتي بدر بنص شعري يقول فيه (البعير اللي حشمته لاجل وسمٍ في سنامه) وما زالت الإبل مُتصلبة أمام المرايا .. تبحث عن “وسم” على سنِامها ..!! 

 فلو كان أحد هؤلاء المُتسلقين في “سوق عكاظ” الذي كان يُضرب به قبة حمراء للنابغة الذبياني (دكتور غسان بتاع الجاهلية) الذي يتوافد عليه الشعراء ليقيمهم .. لما كان يُحسن إلا أن “يصلح شيشة” عنده .. اذا كان العرب القدامى تـُصنف بيت الأعشى (قالت هريرة لما جئتُ زائرها//ويلي عليك وويلي منك يا رجلُ) إنه “أترف” أو “أنعم” بيت عرفته العرب .. فما قولها لو سمعت معلقات (نونو) ..!!

 إن الشعر كما يقول الجاحظ (صياغة وضرب تصوير) ..ونحن في زمن الثورات .. (ولا ثورة بلا شعر) كما يقول الزعيم الصيني “ماو تسي تونغ” .. ولعل القوافي تثور بوجه المُتسلقين على جدرانها أيضاً ..!!

صعلكه:

يا لها من عصامية ! كانت تقود (شفر بوكس) كبرت لتقود (عجلة التنمية) .. من هواياتها (السباحة) ومن سلوكياتها (السباحة) مع التيار مثل سمكٍ نافق .. !!

محمد خالد العجمي .. وفي رواية أخرى (أبوعسم) سابقاً

‏twitter:@abo3asam