كتاب سبر

مطاطية وبراجماتية الحركات الإسلامية

نشأت البراجماتية على يد تشارلز بيرس في مطلع القرن العشرين بالولايات المتحدة الأمريكية , وكان لها أثراً كبيراً على التوجهات السياسية والإقتصادية في العالم الغربي وهي فكرة عملية تعني بالمصلحة الفردية والعامة وأخطر مافيها أنها تنظر لكل شيء بشكل مصلحي وأن مفهوم الخطأ والصواب مطاطي ويسير حسب المنفعة , ولذلك ماهو خطأ اليوم لربما يكون صحيحاً غداً والعكس صحيح حسب ماتقتضيه المصلحة الخاصة منها أو العامة , وهذا المنهج البراجماتي النفعي أصبح تكتيكاً لأغلب الدول إن لم يكن لجميعها بدون إستثناء , فالدوله تنظر لمصلحتها بغض النظر عن المُثل والقيم ومايقوله الدين والحلال والحرام.

إن الحركات الإسلامية تعتبر جزءاً لايتجزأ من تركيبة السلطات التشريعية و التنفيذية ومطابخ السياسة العربية , لذلك فهذه الحركات أصبحت جزءاً من الدولة , وهذا يُحتم عليها الدخول  في دهاليز السياسة وضرورة التعامل النفعي البراجماتي , وهنا حينما نتطرق للحركات الإسلامية فنحن نتحدث عن جهة من المفترض أن تكون نبيلة وشفافة وواضحة لأنها تتحدث وتتبنى آراء مقدسة مُستوحاه من الدين الحنيف , ولكن مايحدث في عالمنا العربي وخصوصاً في الساحة الكويتية هو أبعد مايكون عن كل هذه المُثل والمُتبنيات التي يتبناها التيار الإسلامي سنةً كان أم شيعة. 

حينما نتحدث عن الشخصيات البرلمانية والمتصدية على الساحة الكويتية فإننا لانؤاخذ أحداً ما على شخصه لأن الجميع وبدون إستثناء يعتبرون شخصيات محترمة في المجتمع وكريمة ومتدينه , ولكن على المستوى العملي والواقع فالأغلبية فاشلة وبإمتياز.

ماهو الفرق بين السياسي الذي يؤسس كل تحركاته على أساس علماني وبين السياسي الذي يتحرك في إطارديني و شرعي؟

بلا شك أن لكل منهم وجهة نظر ونحن لانلوم الشخص العلماني على مُتبنياته لأنه واضح , ولكن اللوم يقع على من يحمل شعار الدين وأنه الوكيل عن الله في الأرض وأنه من يُعطي صكوك الغفران.

في مجلس الأمة الكويتي , وهو المثال الديمقراطي الوحيد في العالم العربي والشرق الأوسط هنالك تيارات إسلامية بدأت تثبت علمانيتها بل تمارس علمانيتها وبكل وضوح من خلال الطرح البراجماتي الذي يُطوع الخطأ والصواب حسب المصلحة , والأمثلة كثيرة على ذلك , فعندما كان هنالك تأبين لعماد مغنية في الكويت من قبل نواب الشيعة ثارت ثائرة النواب الإسلاميين السنة وكانوا مثالاً مثالياً في الوطنية والخوف على مصلحة الكويت وأصبحوا يترامون في حضن التيار العلماني المُعتدل البراجماتي و خلفه الولايات المتحدة الأمريكية من خلال التصريحات والندوات وشحن الشارع مع العلم أن هذه التيارات الإسلامية تعتبر بحالة عداء دائم مع الغرب والولايات المتحدة الامريكية. وبالمقابل حينما تم تأبين الشيخ بن لادن والحديث عن مُعتقلي غوانتينامو في مجلس الأمة الكويتي ثارت ثائرة النواب الإسلاميين الشيعة ومارسوا ما مارسه النواب السنة من قبل من شحن للشارع والضرب على وتر طائفي يُرضي الغرب والولايات المتحدة الأمريكية , وتقاطعت المصالح رغم تباين الرُؤى والإتجاهات. وهنالك أيضاً المواقف من قبل التيارات الإسلامية من الفريقين في موضوع البحرين والتدخل السعودي وموضوع إيران والأحواز وسوريا ودخول المغرب والأردن في مجلس التعاون الخليجي …إلخ .

 كل هذه التجاذبات ماهي إلا مواقف لاتمت للإسلام بصلة وهي مواقف طائفية مُسيسه ومُؤطره بإطار ديني لكي يتم تسويقها بشكل مقبول. وأصبح الموقف مبنياً على ماينفعني شخصياً وطائفياً فلا وجود لمُثل وصدق ومقاييس شرعية ودينية. وتم أَسلمة ومَذهبت كل شيء لأجل المصلحة الحزبية والطائفية وبالتأكيد الإنتخابية .

من كل ماتقدم فإن الحركات الإسلامية أصبحت مطاطية  براجماتية نفعية تنظر للأحداث من منظور نفعي وليس على أساس إسلامي شفاف ولذلك فإن الحزب الديني مثال فاشل ويجب أن نترك المُعتقد الديني خارج العمل السياسي ونعمل على أساس أن الدولة هي دولة مدنية محكومة بمواثيق دولية لا علاقة لها بدين وأن الدولة لايمكن تسييرها من خلال نظرة طائفية ضيقة لن تؤدي إلى نتيجة سوى المزيد من التشاحن بين أبناء الوطن الواحد الذين يجمعهم مصير وتاريخ ومستقبل واحد , ولا أفهم كيف يكون المُشرع فئوي أو طائفي بينما هو من يُمثل الأمة ومن المفترض أنه يُشرع لكل فئة وطائفة في المجتمع !!! 

أ. حسن الفضلي

alfadli@hotmail.com

http://twitter.com/#!/HassanAlfadli