آراؤهم

في “جمعة الغضب” …. سأهدأ

ترددت كثيرًا قبل الإدلاء برأيي في ما يسمى يوم “جمعة الغضب” كما أسماه مروجوه خوفاً من أن أُتهم بأنني أعمل ضد الحريات العامة ولكن، وجدت نفسي مجبراً على توضيح بعض الأمور التي أعتقد أنها تصب في مصلحة البلاد والعباد.

في البداية اود ان اتطرق إلي مصطلح “جمعة الغضب” الذي استورده دعاة التحدي، هذا المصطلح الذي أخذ من الثورات العربية التي ذاقت شعوبها مرارة القهر و الظلم والاستبداد وغياب العدالة لعقود طويلة من الزمن في ظل عدة أنظمة وجب شرعا الخروج عليها كما أفتى فيها كثير من أهل العلم وانأ أتساءل :هل نحتاج  لاستيراد هذا المصطلح  في الكويت في ظل نظام مسلم يحكم بالعدل وفق قواعد دستورية ديمقراطية؟ ماهي الرسالة التي يريد البعض إيصالها؟

أعرف أن الكثير سوف يتحدث عن الدستور ومواده التي تعطي الحق في الاجتماع والتعبير عن الرأي، و أنا أؤمن بحرية التعبير عن الرأي طالما أنها لا تخالف الشرع والقانون فالحمد لله نحن نعيش في بلد ديمقراطي  تحت مظلة دستور ينظم حياتنا ويعطينا كافة حقوقنا. 

إنني أدرك بأن الكثير من أبناء بلدي أصابهم الإحباط من (فعايل الحكومة) ومقتنع تماما بأن كل الاستجوابات التي قدمت مؤخرا مستحقة ودستورية، وأنا لا ألوم البعض  إذا أراد ان يعبر عن راية تجاه هذه الحكومة بأي طريقة كانت طالما كانت تحت مظلة الدستور ووفق الأطر القانونية .

ولكن السؤال الذي أريد أن أطرحه على الجميع، هل المظاهرات التي يدعو إليها أصحابها يوم الجمعة القادمة بأسلوب التحدي وفرض الهيبة على الدولة هي العلاج؟ وهل هذه هي الطريقة المثلى لإيصال الرأي؟  لماذا هذه الرغبة الملحة على الصدام ما بين الشعب والدولة؟ أليس الهدف هو إيصال الرأي ؟ لماذا إذا التركيز على ساحة الصفاة تحديدا؟ والأهم من ذلك : هل يعتبر هذا التجمع بهذا الأسلوب قانونيا؟

إن ما حدث في يوم الجمعة الماضية هي الفوضى بعينها ولم تكن مظاهرة حضارية يسمع منها أصوات المطالبين بالإصلاح ، بل تخللها بعض الهتافات التي تخالف الشرع والدستور، فضلا على أنها  اعتبرت “تجمعا” مخالفا للمادة 44 من الدستور وما سوف يحدث يوم الجمعة القادمة أيضا مخالفا لهذه المادة مالم يلتزم الجميع بالقوانين والنظم التي حددتها وزارة الداخلية “

تبين المادة 44 من الدستور أن “للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي بينها القانون على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب العامة”

ما يهمنا في هذه المادة هو  الشطر الثاني الذي  يبين ان المسيرات التي واكبت الجمعة الماضية لم يكن لها مكانا محددا لتصبح اجتماعا عاما ولن تكون إلا وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.فهل الذي حدث الجمعة الماضية يعد اجتماعا عاما ؟ 

ان بيان وزارة الداخلية حول ما يسمى “جمعة الغضب”  يدعو إلى “ضرورة الالتزام بالقوانين التي تمنع كافة أشكال الإعتصامات والتجمعات والمسيرات دون الترخيص بذلك، خاصة في الظروف الأمنية الدقيقة التي تمر بها المنطقة” وايضا البيان لم يغفل اتاحة الفرصة للتعبير عن حرية الرأي في الساحة المقابلة لمجلس الأمة علي أن لا يتضمن ذلك مخالفة لإحكام القانون أو يكون من شأنه الإضرار بالأمن وحرية الآخرين في التعبير.”.

أليس الهدف هو إيصال الرأي ، اذا لماذا التحدي؟ وما هو الضرر اذا انتقل المتجمهرون الى “اجتماع عام ومحدد” وفقا للقوانين التي حددتها وزارة الداخلية ؟ما  المشكلة اذا تم  الاجتماع في ساحة الارادة؟ لماذا الاصرار  وفرض القوة على الدولة باختيار ساحة الصفاة؟ ؟

الأمر الآخر لماذا لا نحكم رأي الشرع في هذه المسألة ؟  

قال تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ” ]النساء : 59[

ان بعض أهل العلم، ومنهم فضيلة الشيخ عجيل النشمي يرى أن “الأصل جواز التعبير بكل وسيلة حتى بالاعتصامات وبالمسيرات والمظاهرات والتجمعات، (ما لم يصدر من ولي الأمر منعها، أو تقييدها تبعاً للظروف والأحوال)”.

ختاما، أنا لست ضد الحريات بل أدعو إليها ولكن أرجو احترام القانون والبعد عن الصدامات ، اعلم أن وزارة الداخلية جادة في تطبيق القانون والذي يعرف تاريخ وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود يعرف مدى إيمانه بالحريات العامة وفي الوقت نفسه التزامه التام في تطبيق القانون ، كذلك أدعو جميع أبناء بلدي بوضع الكويت نصب أعينهم، فو الله لا أشك بإخلاصهم وحبهم لهذا البلد وأعرف تماماً أن الحكومة عملت قليلاً وأخفقت كثيرًا في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية،  لكن أسلوب التحدي وفرض القوة على الدولة لا يجدي نفعا بل سوف يولد صدامات لا نعلم ماهي نهايتها وأمن البلد فوق كل اعتبار. ولذلك أقولها بكل صراحة: في جمعه الغضب…. سأهدأ.

حامد مانع الدوسري

Hd80@hotmai.com

تويتر: @aldousari_