سبر القوافي

اعتذار السمان

«انني مضطرة الى الاعتذار عن عدم الحضور بسبب أحداث صحية، فطائرة عمري تمر هذه الايام بمطبات، وأعتذر عن التفاصيل كي لا اخدش فرحة المهرجان وبهجته». هذا ما قالته الاديبة السورية غادة السمان في رسالة اعتذارها عن عدم الحضور لمهرجان دمشق السينمائي الثامن عشر وكان لهذه الرسالة أثر بالغ في نفوس الحاضرين، وعلى ما يبدو غادة السمان حتى وهي تعتذر تكتب شعرا. فالسمان أديبة كبيرة حازت على جوائز عديدة وألفت ما يقارب 40 كتابا، وصاحبة أشهر حب في التسعينات إثر نشرها الرسائل الغرامية التي كان يبعثها لها الأديب غسان كنفاني، واتهمت آنذاك بعد نشرها للرسائل بأن ما فعلته جزء من المؤامرة على القضية الفلسطينية، خاصة أن وقت النشر صادف اتفاقية أوسلو.

 لغادة السمان قصة مع الإعلام، فهي لم تجر لقاء منذ فترة السبعينيات بعد أن اكتشفت أن المذيعة التي تعمل معها اللقاء في تلفزيون القاهرة لم تقرأ لها شيئا أساسا! وهذا الأمر جعلها تنفر من الاعلام بشكل عام، والاعلام العربي على وجه الخصوص. ولا اظن أنها أخطأت في ذلك ولو أتت السمان ـ وهي في لندن حاليا ـ الى الساحة الثقافية الكويتية لرأت العجب العجاب من الشخصيات «المستثقفة» التي عاثت فسادا في الساحة الثقافية. ففي إحدى القنوات الخاصة الشهيرة ظهر أحدهم في كامل انحداره الثقافي يناقش كبار الأدباء، مما أثار اندهاشهم بشكل ملاحظ من سطحية طرحه، كما في إحدى الجرائد اليومية نرى أحد المحررين ينتقد إحدى لوحات الفنانة التشكيلية شروق أمين وهو لم يأت للمعرض ولم يرَ الصور أيضا!، وبين ذلك من تعليقه الفادح على إحدى الصور مما دل على أنه لا يعرف مكان المعرض أصلا. 

لا أعلم لماذا لا توجد رقابة على المحررين المختصين بالأدب، فالأدب لا يجيده إلا من كان مهتما به فعلا وممارسا له بكل أمانة وإخلاص فهو لا يصلح أن يكون مجرد مهنة، كما الحال في أغلب إعلامنا المكتوب والتلفزيوني. 

ولو أتت لشاهدت أيضا مجموعة من واجهة الفن التشكيلي الكويتي فصلوا من جمعية الفنون التشكيلية دون سبب واضح ودون تبليغهم بذلك، من أجل مصالح شخصية وانتخابية شعارها «ليذهب الفن الى الجحيم»، ولرأت كذلك الجهة المهتمة بالادب والثقافة وحرية الكلمة تشجع على وأد حرية الكلمة ومنع المئات من الكتب من اجل الحفاظ على القيم كما تدعي!، ولشاهدت بأم عينها المصلحة وسيطرة «التيار المستثقف» على الساحة الادبية للاسف وامتلاكهم لها دون تحرك الجهات المختصة بالادب والتي اعتدنا على سكوتها الدائم ومعارضها «الرخيصة» التي تقيمها حيث تدعم الثقافة كما تدعي، غادة السمان هاجرت الاعلام بعد لقاء على تلفزيون القاهرة اكتشفت فيه آنذاك النكسة الثقافية في الاعلام العربي، ولو كانت في الكويت لـ «بطلت» تكتب لا شعرا ولا نثرا فالبيئة غير صالحة والاعلام الثقافي لا يمت للثقافة بصلة.