سبر القوافي

الجهرا .. أرض الشعراء و ( الوداع )

غنتّ  العظيمة  ” فيروز ” ذات يوم :


وفي ربى الجهراء 


لو تنطق الاشياء


.لانشدت قصيدة جميلة


عن الدماء تهدى


الى التراب تهدى


عن انتشاق المجد والرجولة


يوم صهيل الخيل 


يقصف وجه الليل


يا قصة الكويت


 الجهراء ..   تلك المنطقة المترامية على أطراف الكويت  ..  تلك المنطقة التي تعج برائحة الهيل و أحلام بنفسجية ممتدة  .. دار الشعراء.. ومنطقة الانطلاق والبدايات  والوداع.. والأسواق القديمة..  صوت السيوف، و المحاصيل القديمة، حزن الشعبيات ..  شجن القصائد .. وحزن الكلمات لا توجد  منطقه في  الكويت..  تثير مبدعيها  مثل الجهراء  .. ولا توجد منطقه بالكويت .. تغزلوا بها  ساكنها  مثل الجهراء .الجهراء  أرض ( السهارى ) كما يطلق عليها   ” أمير السهر  ” المبدع  عبدالله الفلاح .. عندما نذكر الجهراء .. نذكر  .. بدون ترتيب  وليعذرني من لم أذكره ، فذاكرة الجهراء  ممتلئة  حتى الزخم بالشعراء المبدعين ..  وذاكرتي البسيطة لا تكفي.


نذكر  :  فهد عافت،  سليمان المانع،  متعب التركي،  سعديّه مفرح، بدر الحمد، فهد دوحان، بركات الشمري، بدر صفوق، مشعل دهيّم، ذياب العسكر، ذيب الشمري، حمد السعيد، أحمد ندا، تركي عواد، عوض نفاع، خلف الاسلمي، خلف الحربي، فرج صباح.. 


نذكر الشطر الشهير للشاعر نهار المطيري  ” يا حسين أنا عيني سهيرة ” !!


العديد من الأسماء لا تحضرني حالياً   .. الجهراء .. أنجبت ومازالت تنجب.. الكثير من الأسماء . ..


الخطيرة..


هل هي ساحرة.. لا أعلم  ! 


ليس هناك ما يميزها عن أجواء الكويت .. ولا توجد بها أنهار  ولا أمطار شبه يومية  .. هي ليست مختلفة  ..


 سُئل  أحد شعرائها يوماً  من شاعر عماني  : 


ما سبب عذوبة  أشعاركم ..  هل هي الطبيعة  !


ضحك الجهراوي وقال .. لا يوجد بها   أمر مميز .. سوى إنها الجهراء  ..


الجهراء ..  منطقة..  ودعّت  العديد  من ساكنيها ..  و يدها ملت  التلويح والوداع ..  


الجهراء ..  ودعت بكل حزن العديد من المبدعين ..  الذين عاشوا بين  ذاكرتها  وفي قلبها ..  ضحكوا معها..  و بكوا  معها   و  حكوا لشوارعها حكايات الطفولة  و المراهقة  و الغرام الأول .. 


الجهراء أكثر منطقه بالكويت .. و دعّت  و أنجبت و دائما  تشعر بالخوف .. من أن يرحلوا  ! 


ودعتهم لأنهم ..  بدون  و شعراء أيضا  .. 


ودعتهم لأنها ..  ” تخاف ” عليهم .. 


الجهراء ..  وافية كثيراً   و بكت كثيراً  عند الوداع ..


الجهرا هي ” الشعبيات “، ” الكوريات “، ” القصر الأحمر ”    ..


هي  .. ذاكره متخمة بالأمل والحزن ..  


هي أحلام  ” بدون  ” لا يجيدون  سوى  ( الأحلام ) ..


هي قصائد  .. لا تلامس إلا الأماني ..  والسماء ..  


هي  أرض  البداية ..   و مطار الوداع .. 


 


قال فيها بدر صفوق :


هي الجهرا..وأحس الروح تتشكل فضا عصفور


خذته آخر عزوم بالجناحين الصغـار  ..وطـار


تلفت …لا الجهات اللي حوتـه تعبـره للنـور


ولا هذا المدى ارقى من شعـورٍ سكنـه وثـار


هي الجهرا ورق متقرفط بشاعر يـدور يـدور


هي احساسه / فرحه / ودمعتينٍ بالحنايا  كبـار


 


قال عنها بدر الحمد في أحد لقاءاته  :  ”  لا يوجد شاعر تعني له الجهراء ..  كما تعني لـ بدر الحمد “


 


و قال عنها فهد عافت وهو  يصف الجهراء .. البسيطة  :


 


(يا قميص وبنطلون اليوم الأول للدراسة


يا تحيّات العلم،


يا: مع ـ حمد ـ قلم،


يا لإيلاف قريش


و…


قل هو الله أحد


كانت الجهرا عشيش


وكانت البلد بلد:


إن توافقت اختلف


إن تآلفت اختصم


رن الجرس


آه يا أولى ألَف


يا كراسي المعتصم


ماتت فرس)


  


هي الجهرا ..  هي التفاصيل الملقاة ..  على الطريق ..  وبجانب الطريق  و في صدور ساكنيها  


هي أرض أنجبت شعراء وودعت شعراء ..  


هي  الحكايات التي لا تنتهي ..  من الوداع  و اللقاء  .. 


و الحديث عن ليل الجهراء يطول .. 


و لكن من الممكن أن نقرأه في قصائد  الغائبين .. و الحاضرين في ذاكرتها ..


كما قرأنا وطن الشاعر الروسي الحزين  : ” لرمنتوف ” في وجدانه .. وخياله  في الحكايات القوقازية الشعبية ..


شعراء الجهراء ..   تنفسوا الجهراء .. في كتاباتهم وقصائدهم .. 


في الختام :


قالي لي  الشاعر و الصديق أحمد ندا ذات يوم  : 


(  عندما أكون خارج الكويت أشعر بحنين للجهراء،  و عندما أكون خارج الجهراء، أشعر بالحنين كذلك )




حسين الشمري


B_sraha@hotmail.com


@HAlshammri