آراؤهم

ديمقراطية بشار الأسد.. “ماجد صالحة نموذجاً”

بعد أقل من أسبوع على عقد اللقاء التشاوري، الذي ضم نحو مئتي شخصية مثقفة معارضة مستقلة، في فندق سميراميس في دمشق أطلق عليه “مؤتمر المبادرة الوطنية”، وصدر عنه بيان يدعو للانتقال بالبلاد من نظام الاستبداد إلى نظام ديمقراطي مدني وإلى تراجع الحل الأمني وتقدم الحل السياسي. 


أقول بعد أقل من أسبوع على عقد ذلك المؤتمر تنادت مجموعة من أنصار النظام إلى عقد مؤتمر في ذات الفندق أطلقوا عليه تسمية “المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سورية”، تنافس فيه الحضور في مدح السيد الرئيس بشار الأسد رجل المرحلة الإصلاحي، الذي تقدم على مطالب المتظاهرين بإصداره العديد من المراسيم الإصلاحية التي ستنقل سورية إلى مقدمة الدول الديمقراطية، بل ستكون النموذج الذي ستتعلم منه الدول والشعوب حقيقة الديمقراطية وواقعيتها ومثاليتها، كما بشر بذلك وزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الشهر الماضي.


في هذه الأجواء الطنانة والرنانة تقدم المدعو زهير الغنوم إلى حسين العماش”أحد الداعين إلى المؤتمر” قائلاً له إنه تم فصله من “المبادرة الوطنية” وبدأت بينهما مشادة كلامية، وعندها تدخل السيد ماجد صالحة، وكان أحد المدعويين قائلاً إنه لا يحق لأحد أن يقصي أحداً من الحوار، مطالباً الجميع بالاستماع إلى مطالب الشارع الذي يدعو إلى إسقاط النظام، وما إن تلفظ بكلمة “إسقاط” حتى هجم عليه عدد من الحاضرين، وتم ضربه وإخراجه إلى خارج الفندق.


وقد نشر صالحة فيما بعد بياناً صوتياً، أوضح فيه ما جرى له قائلاً: “دعيتُ إلى المؤتمر من أحد منظميه ممثلاً لنفسي، وقلت إنما أتينا هنا لننقل مطالب الشعب الذي هو مصدر الحرية والشرعية ولابد لنا أن نستمع لهذا الشعب الذي ينادي بإسقاط النظام”.


وتابع: “وما إن انتهيت من هذه الكلمة حتى فوجئت بزهير الغنوم ينهال علي ضربا، ومع بعض الحضور يضربونني ويهينونني.. أهكذا الحوار الذي يدعون إليه؟.. ضرب وإهانات؟”.


وأضاف: “تم إخراجي من المؤتمر بمعية بعض الشرفاء وهمس لي بعض الحضور بضرورة أن أغادر حفاظاً على حياتي، وهنا أحمّل النظام والأجهزة الأمنية أي ضرر يصيبني أو يصيب عائلتي”.


وأوضح صالحة أنه شهد الكثير من الممارسات الجائرة والظالمة من النظام في منطقة سكناه في بلدة حرستا وبلدة دوما المجاورة، مردفا: “مرة تلو مرة يثبت النظام أنه غير معني بالحوار وأن تلك المؤتمرات التي يدعو لها هي محاولات ترقيع وتبييض لوجهه ومحاولة لإعادة الشرعية التي أسقطها الشعب عنه”. 


واختتم حديثه بدعوة الشعب السوري إلى الوحدة والبعد عن الطائفية، معلناً استقالته من منصبه كخطيب لصلاة الجمعة في سجن عدرا المركزي “احتجاجا” على ممارسات النظام.


هذه الواقعة التي تعرض لها المعارض والناشط السياسي ماجد صالحة، تضاف إلى رصيد هذا النظام الذي يستحق عن جدارة أن يحتل رأسه بشار الأسد مساحة واسعة في كتاب جينز للأعمال الخارقة التي ما سبقه إليها أحد في أساليب وممارسة القمع المبتكرة ضد شعبه، والتي لا تخطر على بال بشر منذ فِعْلَة قابيل وانتهاء بقمع شاوشسكو مروراً بنيرون وهولاكو وستالين وهتلر وموسوليني، هذه هي الديمقراطية التي يسوّق لها أبواق النظام السوري ويبشرون الشعب السوري بالتقلب في أحضان نعيمها، وهذه هي الديمقراطية التي ينتظرها الشعب السوري من هذا النظام بعد كل هذه التضحيات والعذابات والمعاناة.


بشار الأسد يتوهم بأنه يستطيع الضحك أو الالتفاف على ثورة الشعب الذي قال كلمته (الشعب يريد إسقاط النظام) بحفنة من المراسيم الهلامية التي يهدف من ورائها إلى إرضاء الغرب وأمريكا وبعض أصدقائه الخائفين على مصيره، متوهماً أن رضا هؤلاء قد يحول دون سقوطه ورحيله، مغمضاً عينه ومغلقاً أذنيه عن الحقائق التي تهز الأرض من تحته، فالشعب الثائر منذ أكثر من ثلاثة أشهر والذي قدم خلالها ما يزيد على 2000 شهيد وأضعاف ذلك من الجرحى والمفقودين والمهجرين، وهو على استعداد أن يقدم المزيد حتى ينتزع من هذا النظام حريته ويفوز بكرامته ويركل هذا النظام إلى مزبلة التاريخ ليكون مثلاً وحديث خرافة ترويه الجدات للأحفاد.