آراؤهم

المسطرة التائهة

ارْتَبَكْت وأنا آتِي بمسطَرَتِي الشّخصيّة لأقيس قِطعَة مُستقيمَة رَسَمَتْها يَدُ معلّمي عَلى السّبُورَة

 (بِالمناسبَة كانَتْ يَد معفّرة بالطبشُور، لم تتسرّب لأوردَتها جرَاثيم الواسطَة بَعْد) ..

وَبّخنِي بِحزم وقَد أصْعَدني إلى أعْلى طَوابِق المُثُل؛ قَائِلا:

لِكلّ بُعْد مِسْطرتَه الخاصّة.

ومِنْ حينِها وأنا أحرِصُ على انتقاء المسَاطِر

لكلّ بُعْد، لِكلّ حَدَثْ، لِكلّ موقِف، لِكلّ مُشْكِلّة.

مُعظَم القّيّمين عَلى أوضاعِنا الحَاليّة لم يَضعُوا المسطَرة المناسِبَة في جيْبِهم الخلفِي

حتّى يتعاملُوا مع الأمورِ بعقلانيّة متناهيَة الدقّة، وعلى أثرِ ما يتوفّر معهم مِن مساطِر

أتَتْ ردُود أفعالِهم العشوائيّة أحيانا، أو آرائهم المستهجنة أحيانًا أخرَى ..

مما يُفقِد قضاياهم وإنْ كانت عادلَة الكثير من المصداقيّة والحصَافَة

فلا يمنحهم مريديهم صكوك الثقَة في القابلات مِن الأمور ..

فعلى سَبيلِ المثالِ لا الحصر سأمرّ على شواهِدٍ لبعضِ مساطِر لم يُوفّق أصحابها بانتقائها

-مسطرَةٌ حدّدت أمتار التواجد خارج أسوار الديوان للتجمّع السّلمي.

– مسطرَةٌ تستجدي كَف خصمها السّياسي، ومن ثمّ تعارضه، ومن ثمّ تعيبُ عليهِ توقّف حنفيّة جُوده.

-مسطرَةٌ تُطالبُ بحقن الدماء في بُقعَة لا تُقيم للشرائع والدساتيرِ وزنًا، 

وتستفتي العلماء عن إراقة دم في بقعَة خصّها الله بإجلالِ الدين والدستور.

-مسطرَةٌ لا تُقيم للتسويات وزنًا، وتعظّم كل إنش في صاع وباع المزايدات.

غيْضٌ مِنْ فَيض ما أتيْتُ بِه من المساطرِ أعلاه ..

يجبْ أن يَرعوي أهل الحدث وممثلي الرأي والفكر وأصحاب المسؤوليات لمساطرِهم

حتى لا يفقدوا ونفقد معهم الكثير مِنَ المكاسب وإسترجاع الحقوق، وهم تحت وطأة نشوة المنابر،

وجلبة التصفيق، وتحت أثر تخدير حرير الكراسي الخضراء ..

لأهدي لي ولهم في خاتمَة قولي

مسطرة بديعة كان يستخدمها عرّاب الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان في حكمه

عندما قال:

إنْ لَم أكُنْ خيرُكم فأنا خَيْرٌ لَكُم.