عربي وعالمي

سوريا.. سبر ترصد أسباب إقالة وزير الدفاع العلوي واستبداله بمسيحي

 ما الذي يحدث في سوريا، في المؤسسة العسكرية تحديداً؟ لماذا أقيل وزير الدفاع السابق علي حبيب الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية بعد تشكيل الحكومة بشهرين (الأوسط في الصورة)؟ ولماذا “مات”؟ وما أسباب تعيين وزير الدفاع الحالي العماد أول داود بن عبدالله راجحة المسيحي (الأيسر في الصورة)؟ 

سبر بحثت، وتقصت، ووضعت الصور على الإضاءة لتتمكن من مشاهدة تفاصيلها، وقرأت تقارير عدة فخلصت إلى تصور تورده هنا بشكل موجز ومختصر..

في المؤسسة العسكرية السورية، تخلو القيادات “الحقيقية والفاعلة” من أسماء تنتمي إلى الطائفة السنية، إذ تسيطر الطائفة العلوية سيطرة شبة كاملة، مع نسبة صغيرة من المسيحيين.

وبعد قيام الثورة، تدخل الجيش السوري بقوة منذ البدء، حتى قبل أن تكون هناك حاجة فعلية إليه، وذلك كنوع من استعراض الأدوات والقوة، وكرسالة إلى الثوار بأن الجيش ضدهم لا معهم كما حدث في مصر وتونس، عندما رجّح الجيشان كفة الشعبين ضد الرئيسين.

هذا كخط عام، لكن التفاصيل التي يسكنها الشياطين كانت ملأى بالمشاكل والقلاقل التي صدّعت رأس النظام السوري، أهمها “الاختلاف في طريقة إدارة الازمة”، فالرئيس ودائرته الضيقة يريدون تدخل الجيش في كل صغيرة وكبيرة والنزول إلى الشوارع والأزقة واقتحام البيوت كنوع من الترهيب، بينما يرى وزير الدفاع علي حبيب أن يكتفي الجيش بالسيطرة على مداخل المدن والتموضع على حدودها فقط، وترك التوغل في الشوارع والأزقة لجهات عسكرية أخرى، كالمباحث وأجهزة المخابرات والشرطة وغيرها.. إضافة إلى رفض علي حبيب، بحسب المعارضة السورية، التعسف والإفراط باستخدام العنف ضد المدنيين، خشية تدهور الأوضاع أكثر من تدهورها الحالي.

وبالتعمق في الصورة أكثر وقراءة ما بين سطورها، نجد من يتحدث عن توجس وقلق يساوران الرئيس ودائرته الضيقة من “تصرفات” العماد علي حبيب، والخوف من انقلابه، خصوصاً بعد شيوع أحاديث عن أن تنسيقاً سرياً يجريه المجتمع الدولي مع العماد، يحرضه على قيادة الجيش نحو الانقلاب على بشار، وحقن الدماء، على اعتبار أن سقوط الرئيس مسألة وقت ليس إلا..

وهناك من المعارضة المطلعة على الشأن العسكري مَن يتحدث عن “تثاقل خطوات علي حبيب في الفترة الأخيرة” كلما تم استدعائه إلى الرئاسة، وهو ما أدى إلى ازدياد المخاوف من انقلاب يحضّر له بعد “انقلاب تصرفاته”.

وإذا كان علي حبيب يخطط فعلاً للانقلاب فإن الموضوع يتطلب تفرغاً تاماً وتنسيقاً سرياً ومدروساً مع قيادات معينة في الجيش، وبالتأكيد كل هذا يحتاج إلى وقت، بينما اتصالات الرئاسة المطالبة بحضوره بسرعة وفوراً “لخبطت” هذا المخطط، وهو ما يفسر “تثاقل خطوات حبيب في الفترة الأخيرة قبل إقالته”.

ما يثبت هذا هو عدم الاكتفاء بإقالة حبيب، إذ تم تجميد بعض القيادات بصورة سرية، وهو ما يشي بأن ثمة تنسيق دارَ بين هذه القيادات والوزير المقال، وقد “تموت” هذه القيادات قريباً كما “مات” الوزير المقال.

أما من ناحية تعيين داود راجحة وزيراً للدفاع، فتتحدث المعارضة المطلعة على الشان العسكري عن أنها محاولة لزجّ المسيحيين في لعبة الموت، خصوصاً وأن هذه الشريحة، في سوادها الأعظم، تجلس على المدرجات بانتظار نهاية المباراة وإعلان نتيجتها.

والوزير الجديد راجحة يتمتع بثقل بين المسيحيين يعرفه المطلعون على الموزاييك المجتمعي السوري، والمطلوب منه، إضافة إلى قيادة الجيش إلى قمع الثورة، انزال المسيحيين من المدرجات إلى الملعب بشرط أن يرتدوا قميص النظام.

هذه هي الصورة وهذه هي أبعادها الثلاثية، والأيام قد تكشف تفاصيل أخرى لم تكشفها الصور الحالية.