بورتريه

رجل الأمن والأمان.. وصانع رؤية المقبل والمستقبل
ضاحي الخلفان.. فارس دبي المتهم بعشقه للخليج

 هو العربي  بتفوق كبير، والخليجي  بامتياز عظيم، والعالمي الذي يشير بأصابع الاتهام فلا يخشى ولا يخاف.. هو الأشد حكمة ورؤية وجرأة أينما حل وحيثما كان. 
يقف على  منابر النقاش والمعرفة والتساؤل ليعترف ويحذر ويقرع جرس الإنذار.. وبجرأة الفارس الأصيل وبفراسة التجربة والعروبة والانتماء يتحدث.. وهو يعرف مسبقاً عواقب ما يقول.. 
 
من شرفة البوح والاعتراف يستشعر المقبل، ويحدد ملامح المستقبل في المحيط الخليجي وما حدث وما قد يحدث … وما يمكن , برؤية  العارف والمحذر والمنبه , والناطق بالحلول .
من الرجال الذين غمروا دفقات الموج الخليجي مابين الجزر والمد محبة وودا ولم يبخل بإسداء النصيحة من رجل مدرك.. لا يواري  عشقه الكبير ولايداريه لدول مجلس التعاون ولتاريخها الواحد ولمستقبلها المشترك… فمن أحب بلاده يعرف كيف يحب بلاد العالم.
لطالما قرع  أجراس الخطر مرات ومرات وأظهر مواضع الخلل التي تبدو جلية في أمور كثيرة محذرا ولسان حاله يقول: (مابين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال) , فلابد من العمل على صناعة مستقبل خليجي رغم المخاض الصعب . 
الخائف على الأجيال المقبلة, كانت مسيرته حافلة بالسعي نحو تمهيد طرق الأمن لمستقبلهم ووعيهم وزرع ثوابت الانتماء في عقولهم ونفوسهم وقلوبهم , للحث والمضي قدما بالأخلاق السامية والعلم والتفاني في خدمة الوطن فكان له الحضور الدائم في إشراقات مواهبهم التي احتفى بها وكرمهم عليها ومد يد العون لها.
هو الفريق ضاحي خلفان تميم المهيري.. ابن دبي القدير والجدير الذي  يعرف ماله وما عليه من أجل حقوق الوطن والإنسان , فكانت له البصمة الواضحة في هذه الحقوق من خلال إنشاء أول إدارة لرعاية حقوق الإنسان عام 1995 في بلده, وخلال عمله الذي امتد لعشرات السنين .
قائد عام شرطة دبي أزهر فيها وأينع سلاما وكان مع رجاله الزرع والفرع لدعم الأمن والأمان , قاد رؤية  الهروب إلى الأمام باستراتيجية الرجل الفاهم لما يدور خلف الظهور حين قال :
( من وجهة نظري يمكن لدول الخليج أن “تهرب إلى الأمام!” لأن الذي يحاك خلف ظهرها يمكن أن يقضي عليها، وفي أقل احتمالات الخطر سيكون مؤلماً وموجعاً لها إلى حد بعيد.
 إنني أدرك تماماً أن عبارة “الهروب إلى الأمام” في فهم المثقفين تختلف عن فهم رجال الأمن، ولكنني قصدت بهذه العبارة “الهروب إلى الأمام” هو أن نخطط تخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى نسبق فيه القادم من خلفنا بزمن بعيد، وإلا فإنه إذا أركنّا ذلك “المتوقع” ـ لا قدر الله ـ فقد يغرس غمده في ظهورنا دون رحمة، وعلينا كمسؤولين أن نضع في الاعتبار هذه التساؤلات) .

تساؤلات كثيرة شغلت تفكير ابن الإمارات البار بوطنه وبخليج عربي يفخر به دائما , وتحدث عن وطنه (وأوطانه الخليجية الأخرى) في ندوات ومحافل ولقاءات شارك فيها , وكان أكثر جرأة من غيره حين تكلم عن الأثار السلبية التي تتوضح , والذي يغفل عنها البعض، محذرا من  نظرة الطمع والنيل من خير أرض الأجداد والآباء .
شهد له التاريخ الترحيب الدائم بالعمالة الوافدة وخصوصا العربية ولكنه أوضح  مفترقات الطرق الخطيرة التي يمكن أن يتفاجأ بها  الجميع , وتكون صعبة الحلول حين تتجذر المشكلة  وتتشعب وتصل إلى أرقام هائلة تتجاوز النسب التي ازدادت في مجملها عن نسبة عدد المواطنين , فغلبت لغات جنسيات العالم ومن ثم تاهت الضاد الأصيلة  في الفريج وفي البيت وهذا ما أحزن قلبه .
هو الذي رفض بحسم وشدة  أن تكون دفة الاقتصاد الخليجي رهينة خبرة وحنكة الأجنبي تتحكم بها وتقودها حيث العوائد تسبح نحو الخارج والمنفعة للبعيد , وينعكس التيار . 
هو القائد الأمني  الذي عرف تاريخه  الحافل الأمن والأمان , لم يحصر جل اهتمامه فقط في عالم الشرطة الذي برع فيه وأصبح شخصية عالمية يحتذى بها وبكل عطاءاتها المتميزة والتي ميزت دبي عن غيرها , فتلمس غربة المواطن في وطنه حين قال :
(هناك شعور لدى المواطن بالتذمر والقلق النفسي الناجمين عن الغربة في الأوطان، فنحن تعودنا أن يكون جيراننا أهلنا، وإخواننا، وأبناء عمومتنا، وأنسابنا، وأبناء أخواتنا، وخالاتنا، وجداتنا، وجدودنا، وعشائرنا.
 ولكن الذي حدث أن الذي يجاورك الآن في كثير من مدن الخليج, قد لا تعلم أبداً من هو، ومع الأسف الشديد، فإن جميع دول مجلس التعاون الخليجي يمكنها أن تعيد صياغة النسيج المجتمعي بطريقة تحقق للمواطن الخليجي الشعور بأنه بين أهله وذويه.. هذا إذا كانت المساحة السكانية والرقعة الديموغرافية ينتشر فيها أبناء الخليج كأكثرية، وليس كأقلية).

والفريق ضاحي خلفان تميم المهيري كثيرا ما طالب وتكلم عن ضرورة وجود  استراتيجية عمل خليجية موحدة فعالة قولا وفعلا , ولم يحصر الأمور في جانب واحد  بل أرادها أن تشمل باهتماماتها على كل الجوانب بجدية وبإدراك سياسي واجتماعي واقتصادي وديني , وهو يجمل يقيناً بأن دول مجلس التعاون تواجه أزمة حقيقية يلمس الجميع  ملامحها التي باتت تبدو ظاهرة.. وبوضوح .
 وكان دفاعه الدائم عن المواطن الخليجي الذي يفقد فرصة العمل الذي هو  أولى من غيره بأن يستحقها في بلاده التي شرعت أبوابها لجميع المقبلين عليها لفرص عمل ومن جميع أنحاء العالم ولاقوا فيها كل الترحاب  .
 قال الفريق عن هذا :
 ( ترهلت الوظائف الحكومية في دول الخليج بالموظفين، وأضحى التضخم الوظيفي واضحاً للعيان، وأمسى المواطن الخليجي في عوز وفاقة، على الرغم من أن نسب التوطين في الوظائف الحكومية في دول مجلس التعاون الخليجي منخفضة، وكفة التوظيف للوافدين هي الكفة الراجحة في العديد من دول المجلس! وقد زاد الطين بلة أن المواطن، حتى في القطاع الخاص؛ لا يجد له موطئ قدم لوظيفة تكفي احتياجاته الضرورية.
ولهذا؛ فإن البطالة ألقت بظلالها عاماً بعد عام، وتفاقمت أرقامها، ولم يجد الشباب في كثير من الأحيان السوق التي تستوعبهم، رغم أن أسواقنا تستوعب الملايين من الوافدين ) .

والفريق رجل الأمن الأول حذر من المجتمع “الأعزب” الذي استوطن الخليج العربي ونبه إلى انعكاساته السلبية اجتماعيا وأخلاقيا.. قال في ذلك:
(كلنا يعلم أن نسبة العزوبية لدى العمالة الوافدة كبيرة للغاية، وهؤلاء ـ للأسف الشديد ـ منهم من يقع في المحظور، ويتورط في إنجاب أطفال يتركون لقطاء؛ لا أب لهم ولا أم. صحيح أن هناك أسراً خليجية تحاول جاهدة أن تتبناهم، و لا يخفى على أحد الآثار الخطيرة التي تلحق بهذا اللقيط إنسانياً، فهو مجهول النسب, وقد يكون هذا الشيء عند”الغرب” اعتيادياً، ولكن في محيط الأسر العربية المسلمة يشعر اللقيط بالحزن والأسى طوال حياته. صحيح أن هناك من يتغلب على هذه الجوانب النفسية، ولكن الصحيح أيضاً أن الكثيرين من “اللقطاء” تلاحقهم هذه المأساة طوال حياتهم ).

وهو من أشد الذين أشاروا إلى مشكلة ( البدون ) وبقوة أحداثها و التي جاءت نتيجة واضحة للنهج السياسي في البلاد حاليا  كما توقع تدخلاً عالمياً في هذا الشأن، هو يسمع اتهامات خطيرةتوجه لدول مجلس التعاون بعدم احترامها لحقوق الإنسان .
( لقد خلفت العمالة الوافدة طبقة في المجتمع أطلقت على نفسها “البدون” أي دون جنسية، والحقيقة التي أدركها ـ شخصياً ـ باعتباري أمضيت أكثر من 40 عاماً أخدم في سلك الأمن؛ أن هذا الادعاء ما جاء إلا نتيجة توافد أجنبي غير مشروع “تسلل”، أو البقاء في البلدان الخليجية بصورة غير مشروعة، والتخلف عن المغادرة، في الوقت المفروض فيه مغادرة البلاد، وهؤلاء الوافدون ـ بشكل مشروع أو غير مشروع ـ لم يجدوا بُداً من الكذب والافتراء على الله، وعلى الناس، وعلى القانون، فادعوا أنهم (دون أوراق ثبوتية)، وفي حقيقة الأمر، فإن وثائقهم إما أعطوها لمن خرج بها وغادر الخليج، أو أتلفوها، أو أخفوها ودفنوها، ليأخذوها عندما يلزم الأمر! ولكن “البدون” في الخليج استطاعوا أن يؤلبوا الرأي العام، ويقلبوا الحقائق الباطلة إلى حق؛ ويحصلوا على جنسيات دول مجلس التعاون الخليجي، وهم يشكلون بحراً من البشر يتزايد يوماً بعد يوم، يلقون بمشكلاتهم التي لا حصر لها على الأوضاع في دول مجلس التعاون الخليجي، وسنجد أنفسنا يوماً أننا جنّسنا من (البدون) أكثر من أهل البلاد الذين يضربون بجذور انتمائهم القومي في عمق الدول العربية في الخليج! وهكذا كلما حلت مشكلة “البدون” ظهر قوم آخرون “بدون” والحبل على الجرار.. فإلى متى؟!).

هو كذلك من رأى في شابات الأمة الإبداع الذي تنسجه الأنامل والعقول , فحثهن على الاهتمام  بمستقبلهن والمضي نحو الأمام, كما حث على الاهتمام  بهن من قبل الجهات المختصة وشارك بالعديد من احتفالياتهن وكان الأب الذي يكرم ويثني ويشجع . 
(إن المتفوقــات والمبدعات من بنات الوطن يحتجن دائماً للدعم والمساندة المعنوية، والأدبية، والمادية، حتى يشعرن بتقدير وبقيمة ما يبذلنه، وما يرتجى منهن حتى تكون لهن إسهاماتهن الواضحة والقوية في نهضة مجتمع دولة الإمارات، في عالم صار لا يعترف إلا بالتفوق العلمي والإبداع الفكري، والملكات المتطورة ).

وكانت له وقفة الرجل العظيم في مجال مكافحة المخدرات لدرء أكبر مشكلة وأكثرها خطورة على الشباب, وبذل قصارى جهده بهذا الشأن , كما تنبه بوعيه اليقظ إلى أهمية دورالإعلام فحارب التافه منه والمستهلك للعقل وشن حربه على قنوات تلفزيونية هابطة وتصدى لها بالصوت العالي وندد بهذرها الإعلامي الذي يسلب وقت وجيوب الشباب , داعيا بدوره كل المراهقين إلى إستثمار الوقت , فكانت حمتلة الكبيرة و الشديدة البأس من خلال جمعية لرعاية وتوعية كل الأحداث.
 في ندوة (تهديدات الامن في الخليج والاصلاحات القائمة لمواجهة التحديات، رؤية من الداخل ) والتي أقيمت  في البحرين مؤخرا , كانت له الورقة الجريئة  التي شارك بها ولتبرق منها دهشة وإعجاب الحضور من الأكاديمين ورجال السياسة والإعلام حيث أستوقفهم طرحة الأكثر وعيا وشفافية ووضوحا للمرحلة , مما جعلت السفير الأميريكي يغادر المكان .
كتب عنه د. محمد الرميحي: 
“إن ما لفت الانظار هو الخطاب ( المحاضرة) الذي ألقاه اللواء ضاحي خلفان تميم المهيري، وهو قائد عام شرطة دبي منذ سنوات ولا زال، والرجل الذي كان خلف كشف المجموعة الاسرائيلية التي اغتالت المبحوح، الذي عرف الناس بشفافية كاملة القصة حول القتلة منذ دخول الجناة والتنكر في دبي وكيف تابعوا المبحوح حتى ارتكاب الجريمة، وقتها ذاع صيت ضاحي خلفان اعلاميا ، الا انه شخصية محورية معروفة على نطاق واسع.
اذا كانت قضية المبحوح قد طوتها الذاكرة، فان ضاحي بن خلفان قد ذكر الجميع في المنامة بالقضايا الكبرى التى تواجه المنطقة، بصراحة لم تعهدها المنابر النقاشية من قبل” .

كما خط الكاتب محمد الوشيحي إعجابه بهذا الرجل الأكثر صدقا وصراحة في مشاركته الخليجية :
“كنا نشاهد اجتماعاتنا واجتماعاتهم فنتمتم: “اللهم، لقد أهلكتنا (إن) فأرسل إليها من لا يخافها ولا يرحمها”
… وجاءت دبي إلى اجتماع الخليجيين، وجاء ضاحي خلفان المسؤول الأمني الأول فيها، يحمل حقيبته بنفسه، فوقف أمام شاشة العرض، وشرع يشرح ويتحدث عن “مهددات الأمن الخليجي”، بعد أن أطلق رصاصة على “إن” فأصابها، عن عمد، في رجلها، فهربت من القاعة “تصوي” وتحجل. 
وتحدث ضاحي وتحدث وتحدث، مستعيناً بأحرف الصدق الحادة، يفتح بها الجروح ويريق دماءها الفاسدة، فجفّت أرياق متابعيه في القاعة وخارجها، وتنافست العيون والأفواه على الاتساع دهشة وذهولاً، وصفقت الشعوب الخليجية العطشى وقوفاً لصراحة أحد قيادييها وشجاعته ). 

إضاءات كثيرة في حياة هذا الرجل الذي لم يرفع سقف الأمنيات إلا لخير الوطن , ولم يكن العاشق للمنصب والكرسي , والمسميات , بل التاريخ يشهد له كلما أراد أن يستريح تمسك الوطن بعطائة وكأنه يقول له مازال عندك ماتعطيه لخير السلامة والأمن والأمان والأجيال .
هدده الموساد حين كشف الحقيقة بالتصفية الجسدية: “إحم ظهرك إن كان بمقدورك أن تظل طليق اللسان”..
فكانت له حماية الله والوطن الذي قدر رجولته وتفانيه.
الفريق ضاحي خلفان تميم المهيري مسيرة طويلة , وسيرة عطرة ووفاء:
_  ولد في الأول من أكتوبر  1951
_  قائد عام شرطة دبي
_  عضو المجلس التنفيذي في حكومة دبي
_  شغل منصب رئيس اتحاد الإمارات لألعاب القوى سابقاً
_  ساهم في  إنشاء أول إدارة لرعاية حقوق الإنسان عام 1995م
_  عضو مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية.
_  رجل الإنجازات الوطنية والإنسانية التي حققها على مدى أربعة عقود من مسيرته 
_  ساهم في إنشاء واستحداث مجموعة من الأنظمة والوحدات المهمة في منظومة العمل الأمني
_  أسس أكاديمية شرطة دبي
_  طور إدارات قيادة شرطة دبي
_  حاصل على جوائز عدة محلياً ودوليا
_  فازت شرطة دبي بقيادته على جوائز برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز
_  حائز على جائزة الأمم المتحدة كأبرز شخصية عربية في مكافحة المخدرات وذلك في العام 2002
_  حائز على نوط الأمن الوطني من المملكة العربية السعودية
_  حائز على تكريمه كأفضل شخصية تنفيذية إقليمية في منطقة الشرق الأوسط في العام 2004
_ أفضل مدير إداري عام 1983 على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
_ أسس إدارة لحقوق الإنسان في قيادة شرطة دبي عام 1995
_  يرأس جمعية توعية ورعاية الأحداث بدبي وجمعية الإمارات لرعاية الموهوبين
_  له مدرسة خلفان لتحفيظ القرآن الكريم في دبي والهند أنشأ دارا لرعاية الأيتام
_  يعتبر شخصية مميزة لجهة الرؤية الثاقبة والحس الوطني والإسهامات الفكرية والثقافية والإنسانية الجمة.
_ نال وسام الخدمة المخلصة من شرطة دبي (ثلاثة مرات),(10) سنوات , و(20) سنة و(30) سنة .