حوارات

العبدلي لـ سبر: الملكية الدستورية الحل للكويت.. فتقاسم السلطة أثبت فشله

– اللعب عالمكشوف.. دول كبيرة تستقطب الفئات القريبة منها 

– الرجيب حرّض على مطير والعجمان والعتبان ونال المكافأة 

– المشكلة ليس بوزراء تكنوقراط او سياسيين بل آلية الاختيار 

– إشهار الأحزاب على أساس وطني وليس طائفي او مناطقي

– من المفترض يكون لدينا حزبان أحدهما محافظ والآخر منفتح

– مؤسسات المجتمع المدني عجزت عن احتضان  الشباب 

– قانون “الجمعيات والمؤسسات المدنية” لم يعدل منذ 60 عاما

– الأمن والاقتصاد في البلد يتآكلان ..وضعهما غير طبيعي
رأى رئيس جمعية تنمية الديموقراطية ناصر العبدلي  ان المعادلة المثلى  لتنظيم العلاقة الأفضل بين الشعب الكويتي واسرته الحاكمة  هي “الملكية الدستورية” كما في كل دول العالم  ، مبررا وجهة نظره بانه ” لم يعد هناك مجال لتقاسم السلطة كما يجري الآن فقد أثبتت التجارب خاصة في السنوات الأخيرة أنها غير مجدية”.
واعتبر العبدلي الذي التقته سبر في حوار ضمّنه الكثير من الآراء السياسية الصريحة والجريئة ان الطريقة التي تجري بها المطالبة برئيس وزراء شعبي خاطئة ” فمجموعة تصرخ وتنادي بالرئيس الشعبي ، ومجموعات اخرى تتفرج” ، مبينا اهمية  التفاهم بين مكونات المجتمع من جهة وبين الأٍسرة الحاكمة حول هذه القضية ، مضيفا ” الحكومة من  المفترض أن تكون هي المبادرة على هذا الصعيد لأنها المعنية تماما بمثل تلك القضية “.
ولم ينكر العبدلي وجود الاصابع الخارجية في تحريك الاحداث بالكويت ”  فكل الأمور اصبحت مكشوفة وهناك حالات استقطاب حادة داخل المجتمع الكويتي من جانب دول كبيرة في المنطقة وكل طرف منها يحاول أن يحيي الروابط من المكونات القريبة منه وهنا الخطورة ، فلابد أن نكون واعين بما يجري وأن نضع خطوطا حمراء “.
وأيد استجواب وزير الشؤون  المستقيل احمد  الرجيب  ” الذي كان لديه رأي معلن في شريحة واسعة من المجتمع الكويتي وهم ثلاث قبائل بالتحديد (مطير، العجمان، العتبان) في مقال نشر في إحدى الصحف المحلية وكان يحرض على تلك القبائل”.
في البداية سألناه: 
بعد وصول أغلبية معارضة للمجلس، الى أي مدى أنت متفائل بمستقبل هذا المجلس وقدرته على إيجاد صيغة توافقية تعود بالبلاد إلى آفاق التنمية؟
وصول أغلبية معارضة بهذا الحجم إلى عضوية مجلس الأمة أصبح عبئا على العمل البرلماني وليس ميزة أو نقطة إيجابية وهذا ما بدا واضحا من خلال أداء تلك الأغلبية حيث عمل بعض مكوناتها على خلط الأوراق من أجل تحويل الأنظار عن المشكلة الحقيقية التي يعاني منها الوضع السياسي في البلاد وهو مشروع الإصلاح السياسي، مما يعني ان هناك تواطؤا من جانب ذلك البعض من أجل إحباط أي مشروع إصلاحي وإبقاء الأوضاع على ماهي عليه الآن لاستمرار ذلك البعض في العضوية في مجلس الأمة حتى لو كان ذلك على حساب العمل البرلماني الحقيقي، من خلال هذه الرؤية أنا لست متفائلا بما يجري وأعتقد أننا بعد فترة وجيزة سنعود إلى المربع الأول من جديد  ونمر بنفس المراحل السابقة وعندها سيكون لزاما على الشعب الكويتي تغيير الطاقم السياسي بأكمله والبحث عن أشخاص يستطيعون تجسيد المشروع الإصلاحي على صعيد السياسة وعلى صعيد الاقتصاد.
* أشرت الى أن استجواب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل أحمد الرجيب مستحق ومنذ فترة طويلة، فما هي الأسباب الى استجوابه برأيك؟

وزير الشؤون لديه رأي معلن في شريحة واسعة من المجتمع الكويتي وهم ثلاث قبائل بالتحديد (مطير، العجمان، العتبان) في مقال نشر في إحدى الصحف المحلية وكان يحرض على تلك القبائل ويلمح من زاوية أن لها دورا سياسيا تجاه احدى الأسر الخليجية الحاكمة وأن تلك الأسرة لم تتمكن من الخلاص من تلك القبائل الثلاث إلا من خلال معركة مفتعلة جرى من خلالها تصفية تلك القبائل أو جزء كبير منها وهو أمر يندرج ضمن التحريض العلني على شريحة كبيرة من أبناء الوطن، والقيام بمكافأة الوزير الرجيب على مثل ذلك المقال هو إخلال بمبدأ حيادية الدولة فيما يتعلق بمكونات المجتمع الكويتي والبقاء على نفس المسافة من القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي يتطلب إعادة الأمور إلى نصابها من خلال استجوابه وكشف موقفه الحقيقي وبالتالي إحراجه لإخراجه من التركيبة الحكومية.

* التشكيلة الحكومية نادرا ما يكون عليها توافق، فهل يعتبر التكنوقراط حلا لهذه الاشكالية ام لديك حلول اخرى؟

ليس القضية أن يكون هناك تكنوقراط أو وزراء سياسيون بل الآلية التي يجري من خلالها اختيار التركيبة الحكومية هي المشكلة فأنت في حالات كثيرة يكون لديك في مجلس الأمة أغلبية من تيار معين لا ينعكس ذلك على الحكومة وتبدأ المشاكل.فكرة الديمقراطية في الكويت قائمة على تقاسم السلطة بين الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي فالشعب الكويتي يمثله خمسون نائبا فيما يمثل الأسرة الحاكمة 16 عضوا في البرلمان وهذه الآلية لم تعد قادرة على السير فقد تـآكلت أرجلها منذ فترة طويلة بسبب التعسف من جانب الحكومة تجاه مجلس الأمة بكثرة الحل وعدم الارتياح من وجوده واصبحت الساحة الآن بحاجة إلى معادلة جديدة تنظم العلاقة وربما تكون العلاقة الأفضل قائمة على الحكم للصباح والحكومة للشعب كما الملكيات الدستورية في كل دول العالم إذ لم يعد هناك من مجال لتقاسم السلطة كما يجري الآن فقد أثبتت التجارب خاصة في السنوات الأخيرة أنها غير مجدية لذا كان لابد من انتظار مبادرة في هذا الصدد خاصة من جانب سمو أمير البلاد حتى نضمن أن تستقر البلاد سنوات قادمة دون أية مشاكل فجميع الكويتيين بلا استثناء يحبون الأسرة الحاكمة ويكنون لها الولاء الكامل ويرفضون أية محاولات للنيل منها او استبدالها ولو نظرت إلى واقعنا مقارنة بالدول الأخرى ستجدنا منسجمين بصورة كاملة مع الأسرة الحاكمة وهناك ود فيما بين الشعب وبينها.

* ما رأيك فيما يطرحه البعض حول ضرورة ان يكون لدينا رئيس وزراء شعبي؟

هذه القضية بحاجة إلى دراسة وتفاهم بين مكونات المجتمع الكويتي من جهة وبين الأٍسرة الحاكمة ولا يجوز التعاطي معها بالطريقة التي تجري الآن مجموعة تصرخ وتطالب برئيس وزراء شعبي فيما المجموعات الاخرى تتفرج ولديها هاجس مخيف بسبب تلك المطالبات الغير مدروسة .لابد من أن يكون هناك إطار عام يمكن من خلاله طرح مثل تلك المشاريع وبرأيي أن الحكومة هي المفترض أن تكون المبادرة على هذا الصعيد لأنها المعنية تماما بمثل تلك القضية وعليها أن تسعى لإيجاد أرضية يمكن من خلالها التفاهم مع مكونات المجتمع الكويتي للحفاظ على الاستقرار الذي نعمت به البلاد طوال السنوات الماضية.
* هناك من يتحدث عن تأسيس الحياة الحزبية الا ان هناك في الشارع السياسي يتفقون على ان تأسيسها سيعمق من جراح الوحدة الوطنية، بماذا ترد عليهم؟

التنظيمات جزء من الدستور الكويتي وقد تحدث الدستور الكويتي عن الجماعات السياسية عند مشاورة سمو أمير البلاد من أجل تعيين رئيس وزراء كما أن الدستور لم يحدد إذا كان رئيس الوزراء من الأسرة الحاكمة أو من خارجها وما يجري الآن عرف تطلبته المراحل الماضية لكنه لن يكون دون تحديد فترة زمنية أذن من يتخوف من هذه التنظيمات يتخوف من كل مواد الدستور الكويتي أيضا لكنه يخفي ذلك بالتحجج بقضية الأحزاب، والتنظيمات عندما تشهر لن تكون كما هي الآن على أسس طائفية أو مناطقية بل ستكون على اساس وطني كما في الأحزاب الغربية، القضية بحاجة إلى تنظيم وتفاهم وطني والمفترض أن يكون لدينا فقط حزبان أو جماعتان إحداهما محافظة تضم كل التيارات الإسلامية والمحافظين وأخرى أكثر انفتاحا وتضم كل الأطراف التقدمية والتجديدية وينتقل الصراع الاجتماعي داخل تلك الجماعتين او التنظيمين فإذا كانت الغلبة في الحزب المحافظ لتيار الإخوان فالأمور تحسم من خلال الانتخابات تحت عين الدولة وإذا كانت الغلبة للتيار السلفي ليكن كذلك ولتطرح كل جهة أفضل ما لديها من أجل خدمة الشعب الكويتي والأمر ذاته ينطبق على الحزب الأكثر انفتاحا فأي فكر يقوده ليكن من خلال التنافس الداخلي في الحزب .

* الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني في الكويت حديث ذو شجون، ما مدى فاعلية هذه المؤسسات وهل تقوم بدورها على الوجه المأمول؟

مؤسسات المجتمع المدني اخذت طابع بقية مؤسسات الدولة وعجزت عن استقطاب الشباب والمفترض بها أن تكون عكس ذلك ،في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا دعمت الحكومة عمل تلك المؤسسات من خلال سن تشريع تتبرع بموجبه الشركات الوطنية بنسبة من الضريبة لتلك المؤسسات بحيث يكون لديها الميزانية الكافية لعمل برامج لكن في الكويت عجزت الدولة أن توفر مثل تلك الخدمة لتلك المؤسسات مما جعلها تذبل وتنزوي وإلا هل من المعقول أن يكون القانون الذي ينظم عمل الجمعيات والمؤسسات المدنية سن منذ 60 عاما ولم يطرا عليه إلا تعديلات شكلية رغم التطور الهائل في العالم، أليس هذا مؤشرا على أن هناك من لا يريد أن يكون لدينا مجتمع مدني حقيقي يشارك في تنظيم المجتمع وتطويره.
* كلامك يوحي انك غير متفائل خصوصا عندما قلت ان الكويت تشهد تهديداً خارجيا وإقليميا بأدوات محلية؟ فما تقصد بهذا التهديد؟

هناك من يتضايق من الديمقراطية الكويتية حتى وإن بدت شكلية في السنوات الأخيرة ولا يريد أن يكون هناك نموذج مزعج في المنطقة يمكن أن يجعل مواطنيه يطالبون بمثل تلك الحالة ولذلك هناك انزعاج من الديمقراطية الكويتية لكن هذا الانزعاج لا يعبر عن نفسه بالتبرم من المشروع بأكمله بل من خلال ضرب هذا الطرف أو ذاك والتحريض عليه تارة بحجة المواقف السيئة وتارة بكرهه للبلد الفلاني وموالاته للبلد الآخر، كل الأمور اصبحت مكشوفة وهناك حالات استقطاب حادة داخل المجتمع الكويتي من جانب دول كبيرة في المنطقة وكل طرف منها يحاول أن يحيي الروابط من المكونات القريبة منه وهنا الخطورة لابد أن نكون واعين بما يجري وأن نضع خطوط حمراء لما يمكن التفاهم حوله.
* من خلال جمعية تنمية الديموقراطية شكلتم  لجنة من نشطاء داخل وخارج الجمعية من أجل متابعة أهم القضايا التي لم تر النور الى الآن في حلها، فما هذه القضايا؟ وما آلت اليه الأمور؟

أولا قضية القروض وإسقاطها دون أن يحمل المال العام عبئا إضافيا وهناك قضية البدون لما لها تأثير على الداخل فهاتان القضيتان تشغلان الرأي العام الكويتي ولابد من حل سريع لهما يراعي كل الجوانب والتحفظات الوطنية والمالية وليس الأمر فقط حلها بأي طريقة، وقد قمنا خلال الفترة الماضية بترتيب فرق عملت على وضع برنامج يتضمن حلقات نقاشية ومؤتمرات وندوات بمشاركة أطراف حكومية وبرلمانية من أجل إشراك كل مكونات المجتمع لطرح حلول من خلال أوراق عمل ترسل بعد ذلك للحكومة والبرلمان من أجل الاستفادة منها لكن العطلة الصيفية حالت دون عملنا وسنستأنف العمل بداية شهر سبتمبر المقبل.
* لك تحذيرات في قضيتين لهما أهمية في حياة الشعوب: الأمن والاقتصاد، ومن دونهما لن يكون هناك تنمية حقيقية في أي من بقاع العالم، فما هي اسباب تحذيراتك، وهل ترى الحكومة مقصرة في هذا الجانب؟

هاتان القضيتان أساس حياة الشعوب وقد ورد ذكرهما في القرآن الكريم عندما خاطب اهل مكة وكيف أن الله سبحانه وتعالي أمن لهما الأمن والاقتصاد ولا يمكن لواحدة أن تتقدم دون الأخرى لذا كان التحذير دائما من الانتقاص منهما فهما قضيتان يتمحور عمل كل التيارات السياسية في الدول الديمقراطية عليهما فهما مفتاح نجاح أي دولة في العالم ونحن كما تراهما يتآكلان دون أن نحرك ساكنا فلا الاقتصاد في وضع طبيعي ولا الأمن في وضع طبيعي وليس لدينا مؤسسات تعمل على جعلهما محورا للعمل الوطني بل كل ما نراه هو مجرد اجتهادات بعضها يصيب وبعضها يخيب دون أن يكون هناك أسس علمية صحيحة لنجاحهما.