بورتريه

بعد أن خلع لباسه العسكري.. جاسم القطامي يخلع لباس الحياة

في منتصف القرن الماضي، عندما كانت القومية تتمدد في أوصال المنطقة العربية، أبى النائب السابق جاسم القطامي إلا أن ينزل عن منصة المشاهدة إلى ميدان المشاركة في صنع الأحداث، وقد منعته النزعة الوطنية من أن يكون ضد الشعب إلى جانب السلطة، ولذلك خلع بدلته العسكرية وانضم إلى صفوف الكويتيين المتظاهرين تأييداً للزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، وتنديداً باستمرار الهيمنة الغربية على مقدرات الوطن العربي (مصر تحديداً) اقتصادياً وعسكرياً.. رفض القطامي أن يكون أداة في يد السلطة لضرب الشعب، لذلك خلع لباسه العسكري.. بعد أن زهد بمنصبه (مدير الشرطة) وانخرط في صفوف الجماهير. 
واليوم (أو أمس تحديداً) تكرر المشهد، ولكن على نحو مغاير، فقد خلع الفقيد لباس الحياة، وانتقل إلى جوار ربه عن 83 عاماً، قضى معظمها مناضلاً عن وطنه وقوميته ومدافعاً عن حقوق المسحوقين من بني البشر، فقد كان هو من أسس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان..  
كان القطامي واحداً ممن لعبوا دوراً مؤثراً في الانتقال بالكويت من مرحلة الإمارة إلى مرحلة الدولة، وخاض صراعاً (هو  وآخرون) حتى تم وضع دستور دولة الكويت بتوافق بين الشيخ عبدالله السالم رحمه الله، وبين أطياف الشعب ممثلين بالتيار الوطني الذي تزعمه أحمد الخطيب، ومازال التاريخ يحفظ له خطابه الشهير في ثانوية الشويخ الذي رفض فيه أن تدار الكويت بالأسلوب “العشائري” وهو ما أغضب الأمير الراحل ودفعه إلى المغادرة .  
وعلى امتداد التاريخ السياسي للكويت كان جاسم القطامي موجوداً، مدافعاً ومنافحاً ومكافحاً من أجل كرامة الشعب وحريته، وحين علق الدستور بعد حل مجلس الأمة عام 1986 كان في ميدان المواجهة، وكان له الدور المحوري في دواوين الاثنين إلى جانب أحمد السعدون، أحمد الربعي، عبدالله النفيسي، أحمد الشريعان، عباس حبيب مناور.. وآخرين.
وفي العام 1988 كان أحد أبرز المؤسسين لجمعية حقوق الإنسان الكويتيةوالتي هي الفرع الكويتي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.  
 
خاض القطامي  انتخابات مجلس الأمة عام 1963 في الدائرة الخامسة، وحصل على 1046 صوتاً وحل بالمركز الأول ، وقد استقال من مقعده بعد ذلك  من ضمن النواب التسعة الذين استقالوا احتجاجاً على تشكيل الحكومة، كما شارك القطامي في انتخابات مجلس الأمة الكويتي 1967 في الدائرة الخامسة، وحصل على 601 صوت وحل بالمركز السادس وخسر بالانتخابات  وخاض انتخابات 1975 في الدائرة الثانية، وحصل على 598 صوتاً وحل بالمركز الثالث وفاز فيها، وشارك في انتخابات 1981 في الدائرة الثالثة، وحصل على 399 صوتاً وحل بالمركز الثالث وخسر ، وشارك ايضاً في انتخابات 1985 في الدائرة الثالثة، وحصل على 649 صوتاً وحل بالمركز الأول، كما شارك في انتخابات 1992 في الدائرة الثالثة، وحصل على 392 صوتاً وحل بالمركز الرابع.
رحم الله جاسم القطامي.. وأسكنه فسيح جناته.