كتاب سبر

هل تمر مصر بفترة انتقالية جديدة؟

ما يبدو واضحا الآن من طريق إدارة الرئيس المصري محمد مرسي للبلاد أننا إزاء مرحلة انتقالية جديدة، فعلى الرغم من مرور أسبوع على دخوله قصر الرئاسة، لم يظهر حتى الآن ما يشير إلى انتهاء المرحلة الانتقالية. 
كل أمراض تلك الفترة ما زالت موجودة، غياب الشفافية، غياب الثقة، التخبط في القرارات، إصدار التصريحات ونفيها، كثرة الشائعات، والانقلابات والتقلبات، حرق بعض الأسماء سياسيا، عن طريق طرحها كمرشحين لمناصب سياسية في الدولة، سواء للمجلس الرئاسي، أو لمجلس الوزراء.  
السبب في ذلك يعود إلى شيء واحد، ه غياب الشفافية، فعلى الرغم من مرور أسبوع كامل من المائة يوم الأولى التي وعد فيها مرسي بأن يحل أكبر خمس أزمات في مصر، فلم تتخذ أية خطوة، كما لم يتم الإعلان عن اسم أي أحد من الفريق الرئاسي الذى يدير هذه المؤسسة المهمة والخطيرة، لم يعلن حتى الآن عن رئيس الديوان،  وهو منصب مهم بلا شك في ظل هذه الظروف، ولم يجرِ الرئيس أي تغييرات في الرئاسة اللهم إلا الاستعانة ببعض من شخصيات حملته الانتخابية في مساعدته في تسيير الأمور وعلى رأسهم د.ياسر علِى، القائم بعمل المتحدث باسم الرئاسة. 
 الرئيس محمد مرسى دخل القصر، وكأنه لم يستعد أبدا أن يكون رئيسًا، يلتقى كل الشخصيات ويسيّر الأمور، وكأنه جاء رئيسا لتسيير إدارة شؤون البلاد.. وكأن رئيسا آخر قادم، أى نعم تسلم إدارة البلاد من جنرالات معاشات المجلس العسكري بعد 16 شهرا من الإدارة الفاشلة، لبلد تركه حسنى مبارك فى حالة تجريف عام بعد 30 عاما من الاستبداد والفساد فى كل أمور الحياة، أى نعم من حق الرئيس التعرف على كل مؤسسات الدولة والشخصيات التى أدارتها، وما زالت تديرها، وهى الموروثة من النظام السابق وبعضها شارك فى فساد النظام، الرئيس يلتقى رئيس البنك المركزى مرتين خلال 48 ساعة ربما للاطمئنان على احتياطى مصر من العملات الصعبة، لكن لا يصدر أى بيانات واضحة عن اللقاء، لرئيس يلتقى أيضا اللواء عماد الدين حسين رئيس أكاديمية الشرطة السابق وعضو الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور ولم يصدر بيانا واضحا عن اللقاء،  الرئيس التقى مديرى الأمن.. ولم يصدر أى تفاصيل عن اللقاء.. 
 من حق الرئيس أن يلتقى من يشاء حتى لو وصل الأمر إلى أصغر موظف، لكن من حق الناس أن تعرف ماذا يدور فى اللقاءات، إذن هى الشفافية التى لم نعرفها حتى الآن، ولم تصل إلى الرئاسة بعد، رغم تصرفات الرئيس الأخيرة الخاصة بمواكب الرئاسة أو شكاوى المواطنين التى وصل الأمر فيها إلى طريقة غير مقبولة من قيام بعض المحتجين وربما فى قضايا شخصية إلى تسلق سور القصر الرئاسى.. وكأنه يريد أن يدخل عن طريق السور، فضلا عن أن الرئيس محمد مرسى لم يكشف حتى الآن عن فريقه الرئاسى الذى سيعمل معه فى قصر الرئاسة.. ولا أتكلم هنا عن مسؤولين كنواب للرئيس ولكن عن موظفين كبار مثل رئيس الديوان ومساعديه وأمناء الرئاسة. 
 ففى الدول الديمقراطية نجد أن المرشح للرئاسة الذى أصبح قريبا من منصبه يحدد جميع الشخصيات الذيين سيعملون معه، ويكون جاهزا فى اليوم التالى لتسلم منصبه للعمل بفريقه الجديد، فريقه الذى يفهمه ويتفاعل معه حتى تسير الأمور بوتيرة سريعة.
 أى نعم الثورة غيّرت الكثير من المفاهيم التى كان يحفظها مبارك ونظامه من حالة الاستقرار التى كانوا يدعونها فأوصلتنا إلى حالة الاستبداد والفساد، لكن كان على الرئىس أن يحدد من يعمل معه، وكان على الرئيس أن يحدد الحكومة التى تعمل معه، فهو من الفريق الذى هاجم الحكومة الحالية وكان يريد أن يسحب الثقة ويتخلص منها فكيف تستمر هذه الحكومة فى إدارة شؤون البلاد تحت رئاسته؟، وهل الرئيس محمد مرسى هو الذى يجرى مشاورات اختيار الحكومة أم أنه يترك الأمر لمساعديه وأفراد حملته الذين معه فى الرئاسة، أم أنه ترك الأمر لحزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين؟ 
وماذا عن الأسماء التى يتم طرحها الآن؟ وهى كلها تأتى تحت بند الشائعات، ولكن لا أحد يخرج من الرئاسة أو حتى حزب الحرية والعدالة ليتكلم فى هذا الأمر بشفافية مع الناس، هل سنظل فى هذا الأمر الذى كان يتبعه النظام السابق وعصابته فى إدارة شؤون البلاد من خلال المقربين منهم ورجالهم فقط؟
 الشعب قام بثورة للتخلص من نظام فاسد ومستبد وعديم الشفافية معه، والشعب يريد أن يكون على علم بما يحدث خلف الأبواب المغلقة، الشعب يريد أن يعرف حكومة الرئيس مرسى.. وفريقه الرئاسى. 
 لا نريد عصر مبارك مرة أخرى ولا أساليبه السياسية، من حق الشعب أن يعرف ماذا سيفعل الرئيس.