كتاب سبر

أيها الكويتيون: أقبضوا من دبش

تقول قصة هذا المثل أن تاجراً طيب القلب كان له شريك محتال أسمه “دبش”، وكان التاجر أمياً، فكان “دبش” هو الذي يقوم بتسجيل ما يباع وما يشترى مع بقية التجار. وذات يوم جمع “دبش” جميع ما يملكه هو وشريكه الطيب وقال له: أنا رايح للصين يقولون بها أقمشة رخيصة نربح بها عشر أضعاف قيمتها. فقال له شريكه الطيب: ولكن أذا جاء التجار وأرادوا فلوسهم ماذا أقول لهم، فرد “دبش”: هذي بسيطة، قل لهم انتظروا دبش حتى يرجع. ظفر دبش بما خطط له وهرب بالمال إلى جهة غير معلومة، وصار التجار يأتون إلى التاجر يريدون أموالهم، فيقول لهم أنتظروا دبش، وفي أحد المرات قال أحد التجار: لا أريد أن أتعامل معكم فأعطوني فلوسي، فرد التاجر الطيب بتلقائية “روح أقبض حسابك من دبش”، فذهبت كلمته مثلاً للمراوغ الذي يوعـد الناس ولا يفي بوعده.
قصة السيد دبش تتكرر يومياً مع الشعب الكويتي، فمنذ أربع سنوات وهم يسمعون وعوداً تضع لهم الشمس بيد والقمر باليد الأخرى وتمنيهم بالمنى السلوى بمجرد أن تطل علينا الآنسة “تنمية”، وها هي الأيام والأشهر والسنوات تمضي ولازال الكويتيون ينتظرون طلة الفتاة الحسناء “تنمية” دون جدوى. قصة الآنسة “تنمية” بدأت مع الشيخ السوبر أحمد الفهد الذي كان وزيراً للتنمية في عام 2009، وحينها أخترع فكرة خطة التنمية التي سوف تحول الكويت إلى سويسرا وتجعل دبي تبدو أشبه ببيوت الصليبية مقارنة ببرج الحمراء. استطاع الشيخ أبو الفهود أن يقنع مجلس الأمة انذاك بإصدار الخطة بمبلغ 37 مليار دينار أي ما يعادل 120 مليار دولار. لكن فجاءة ظهر إلى السطح الخلاف بين رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد وبين أحمد الفهد. كان من الواضح أن كل واحد منهما كان “يحفر” للأخر، وفي ليلة ظلماء نجح ناصر المحمد الذي كان الكثيرون يعتقدون أنه على نياته أن يزحلق أبو الفهود بقشر موزة وتبين أن بو صباح “مو سهل” ففي حركة بهلوانية سريعة أخرج خنجره وسدد لأبي الفهود طعنة من الخلف بعد أن استمال حرس أحمد الفهد أثناء جلسة استجوابه من قبل مرزوق الغانم وعادل الصرعاوي وصالح الملا وتلفت أحمد الفهد ليجد أن ربعه تفرقوا ولم يبق معه سوى الخل الوفي سعدون حماد فاضطر للاستقالة.
ولآن خطة الأنسة “تنمية” فيها مليارات الدنانيير التي يسيل لها لعاب القطط السمان استمرت حكومات ناصر المحمد التالية وتلتها حكومات جابر المبارك بالعزف مجدداً على معزوفة “خطة التنمية قادمة” وأنها ستنفذ خلال أسابيع أو أشهر قليلة، وهكذا استمر إنتظار الكويتيين للأنسة “تنمية” دون جدوى حتى أصبحت مثل “بيض الصعو نسمع فيه وما نشوفه”. وفجاءة قفزت الدكتورة الاقتصادية رولا دشتي إلى خشبة المسرح وبيدها الألعاب البهلوانية لتصبح وزيرة للتنمية، وتصور الجميع أن رولا دشتي سوف تسحب “الآنسة” تنمية من شعرها وتأتي بها للكويت، لكن الآنسة رولا دشتي تبين أنها “تاكل براطم الذيب”، وأن وعودها وكلامها المعسول عن التنمية الموعودة هو على طريقة المثل “والله لأن فاتك الثعلب لا ترى إلا غباره”.
عندما يتابع الكويتيون نشرات الأخبار الاقتصادية ويسمعون أن سعر البترول تجاوز المائة دولار ثم مئة وعشرة ثم مئة وعشرين دولار يقولون اللهم زد وبارك ، ثم يفتحون الصحف ويقرأون أن لدى دولة الكويت فائض يزيد على ستين مليار دينار يرددون “صلوات”، ولكن عندما لا يرون شيئاً تحقق على الأرض يتسائلون “وين قاعد تروح فلوسنا” ولماذا لا نرى التنمية التي نحلم بها. إجابة على سؤال الكويتيين من البسطاء نقول: أيها الكويتيون مادام رئيس وزرائكم جابر المبارك ووزيرة تنميتكم رولا دشتي فاقبضوا التنمية من دبش.