بورتريه

بورتريه ((سبر)) روائي سوداني توفي متجمدًا في القاهرة
هل يسمع “بهنس”.. هتاف الموتى؟

غريب بلا مأوى.. رحل الغنان التشكيلي والشاعر والروائي السوداني “محمد حسين بهنس” بعد سنتيّن من التشرّد في العاصمة القاهرة، حيث عاش حياة قاسية في أيامه الأخيرة حتى عثر عليه متجمدًا من البرد على أحد الأرصفة في شوارع القاهرة.
“بهنس” عاش أزمة نفسية حادة، لم يكشف المقربون منه عن أسبابها، فبعد أن قدم إلى مصر لإقامة معرض لوحاته التشكيلية، قادمًا من الخرطوم.. وبعدها قدّم معرضًا لصور التقطها بعدسته الخاصة، اعتزل الجميع في احدى الشقق بالقاهرة، ليغادرها بعد فترة بسبب أزمته المالية التي كان لها الأثر الكبير على نفسيته، وينتقل إلى حياة التشرّد بين المقاهي والتسوّل على الأرصفة.
مثقفو السودان وصفوا رحيله بـ”الفجيعة”، وهذا الرحيل كان يحمل بين أشعاره بعضًا منه، حيث يرمز في قوله: “أهديك الغربة، هتاف الموتى وصمت التربة”.. إلى “فجيعة” شهدها ولم يكشف عنها، كان يردد هذا البيت أينما ذهب، دون أن يتعرّف مستمعوه على معناه الذي أخفاه في بطن شاعر رحل بلا وداع.
وكان يردد على مسامع قاصديه: “أهديك إحباطي حديث عابر في مركبة عامة”، هذا الإحباط الذي سيّطر على الراحل، ترك بين صفوف النخبة علامات استفهام حول صاحب الأربعين خريفًا، حيث كيف يتخلى صاحب المواهب المتعددة في الكشف عن حقيقة ما يعاني منه، وهو الذي يمتلك سبل التعبير عن مشاعره، حيث عزف الجيتار ولحّن الاشعار لتغنى في حضرة تجمعات أصدقائه وفي ميدان التحرير.
اشتهر “بهنس” بروايته “راحيل” الذي أذاعت له صيتًا داخل وخارج السودان، وأقام أولى معارضه التشكيلية في الخرطوم عام 1999، ثم انتقل لإقامة معارضه في أديس أبابا ومدن أوروبية. وأبرز محطاته الشخصية؛ عندما اقام معرضًا في باريس حيث تزوّج بفرنسية أنجبت له ابنا في 2005، وانفصل عنها بعد فترة قصيرة وعاد لموطنه.
ويبقى السؤال حاضرًا.. على من تقع مسؤولية حياة التشرّد التي عاشها الراحل “بهنس” دون اهتمام؟ والتي تسببت بوفاته بهذه الصورة المحزنة.