حوارات

سعد العجمي لـ”سبر“: غياب ممثلي الأمة عن المشهد السياسي أدى إلى ارتفاع وتيرة الفساد

  • “الاستقرار” هو مصطلح وهمي تدندن على وتيرته السلطة دائمًا
  • شطب للاستجواب بأغلبية يؤكد مدى سخافة وبجاحة تبعات مرسوم الصوت الواحد
  • مشروع الإصلاح السياسي جاء لخلق الاستقرار التي لم تعرفها الحالة السياسية في الكويت
  • البدون لن يكون حالهم أفضل في ظل هيمنة هذه السلطة

في حوار يعكس الثقافة العالية وروح الشباب للحركة الديمقراطية المدنية، حيث كشف أمينها العام عن أبرز تفاصيل إدارة المشهد السياسي في الكويت، وكيف هي نظرة السلطة إلى التيارات السياسية والتعامل معها، فيما يرى بأن الاستقرار يعتبر من أكثر المصطلحات التي تدندن عليها، وهو مجرّد وهم يحفظ للسلطة سيطرتها.

وعن المجلس الحالي، اعتبر شطب الاستجوابات بأغلبية نيابية دليل على سخافة وبجاحة مرسوم الصوت الواحد، فيما إن مشروع الإصلاح السياسي جاء لخلق حالة الاستقرار التي لم تعرفها الكويت منذ فترة.

سبر التقت بـ”العجمي”، وكان معه الحوار التالي:-

* ما هي نظرتك او تحليلك على المشهد السياسي التي تمر به البلاد؟

على مستوى مؤسسات الدولة فإن غياب ممثلي الأمة عن المشهد السياسي أدى بلا شك إلى ارتفاع وتيرة الفساد على جميع الأصعدة وهذا الأمر تتحمله السلطة، طبعا لو سألتني هل وجودهم كما هو الحاصل في البرلمانات السابقة التي تشارك بانتخاباتها المعارضة أدى إلى قطع الفساد فسأجيبك أنه بالطبع لا ولكن على الأقل هناك محاولات جادة لصد الفساد أو إيقافه أو تعطيله إلى حد ما، وكلامي هذا لا يفهم منه أنه انتقاد للمقاطعة الشعبية الضخمة التي طالت انتخابات مجلسي مرسوم الصوت الواحد فبالطبع المسؤول الوحيد عن حالنا اليوم هي السلطة بلا أدنى شك.

أما بالنسبة لساحة المعارضة فأعتقد أن هذا السؤال لو طرح قبل فترة قليلة من اليوم فسيكون الجواب سلبي خصوصا في ظل غياب مشروع المعارضة وشبه انعدام للتحركات الميدانية للمعارضة الكويتية واكتفائها بمواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للتنفيس عن شعور السخط على السلطة، لكن اليوم وبعد أن تم اعلان مشروع ائتلاف المعارضة فإن المشهد بلا شك تغير وستظهر نتائج هذا الاعلان وتنعكس تباعا على تحركات المعارضة ومطالبات الشارع الكويتي  في القادم من الأيام، فالجديد هنا هو استحداث نظام سياسي بديل الذي تخشى السلطة من أن يلقى قبول وتأييد من الشارع الكويتي الذي حتما سيتبناه متى ما سنحت الفرصة لذلك.
 
* من حالة الاستياء التي طرحتها على الوضع بشكل عام، هل تعتقد ان مجلس الأمة الحالي يكمل دورته الأربع سنوات، او ان الظروف التي تمر بها السلطتين خصوصا بشطب الاستجواب الأخيرة وما آلت اليه الأمور يكون الحل قريب؟

المواطن الكويتي يعلم تماما مدى هشاشة نظامنا السياسي الحالي و مصطلح الاستقرار هو مصطلح وهمي تدندن على وتيرته السلطة دائما وتتحجج به للهروب من المواجهة البرلمانية.

ولعل ما حدث قبل يومين من شطب للاستجواب بأغلبية رهيبة داخل البرلمان يؤكد لنا مدى سخافة وبجاحة تبعات مرسوم الصوت الواحد من ممارسات لا تتصل والعمل البرلماني، وأكبر دليل هو استقالة النواب الذين دعوا للمشاركة في هذا المجلس معتقدين بأسلوب “الإصلاح من الداخل” حلا لمواجهة عبث السلطة، فالآن السلطة لا تتحمل حتى أدنى محاسبة من قبل أشخاص كانوا جدا سلسين في التعامل معها ناهيك عن إحراجها الدائم لحلفائها بتصرفات يغلب عليها طابع الرعونة.
 
* الا تعتقد ان مشروع الإصلاح السياسي الوطني بحاجة الى استقرار سياسي وهل يصلح في ظرف كالظرف الذي تمر به البلاد؟

مشروع الاصلاح السياسي جاء أصلا لخلق حالة الاستقرار التي لم تعرفها الحالة السياسية في الكويت، فمنذ نشأة الدستور وحتى عامنا تم حل المجلس 7 مرات وأسباب الحل لا تخرج عن سببين إما حل غير دستوري أو لكثرة الاستجوابات والخلافات بين الحكومة والبرلمان ناهيك عن تعليق بعض مواد الدستور وتعطيل الحياة البرلمانية بأمر غير دستوري حتى عام 1992م والتي سبقتها دواوين الأثنين ، أيضا عندما نتحدث عن الحكومات فإن الفترة الأخيرة شهدت أكثر من حل للحكومة حتى صار متوسط عمر الحكومة هو 10 شهور.

هذا كله يدل على أن الاستقرار في ظل دستور كهذا أمر مستحيل، فدستور يخلط بين النظام برلماني ونظام رئاسي ليخرج لنا نظام هجين لا يمكن أن يولد حالة من الاستقرار أبدا، نحن نعتقد أن الاستقرار يحتاج إلى نظام برلماني وهو ما ينادي بن مشروع الإصلاح السياسي الوطني المتبنى من قبل ائتلاف المعارضة بقواه السياسية و الشبابية.
 
* على ماذا تراهنون بهذه القوة والاصرار على الاصلاح السياسي انتم كحركة ديمقراطية معارضة؟

نراهن أولا على وعي الشعب وجدية الشارع الكويتي في خلق حالة الاستقرار للنظام السياسي الذي ينعكس بالطبع على مؤسسات الدولة، ثم بعد ذلك يأتي دور القوى السياسية الحيّة في تبني مشروعا واحدا يكون مشروع الدولة بشكل جدي، ويهدف هذا المشروع إلى إيجاد نظام ديمقراطي حقيقي في إطار الدولة المدنية.
 
* كيف يتم الحديث عن الحكومة المنتخبة دون نظام حزبي أو حتى خصخصة القطاع العام؟
 
بالأخير الحكومة المنتخبة لا تأتي منفردة، هناك حزمة من الإصلاحات الدستورية وحزمة من الإصلاحات القانونية تكفل لنا الوصول إلى نظام برلماني تكون فيه الحكومة منتخبة من الشعب، ومن يقرأ مشروع الاصلاح السياسي الوطني ويقرأ تعديلاته الدستورية سيجد تعريف للحكومة المنتخبة من “أ” إلى “ياء” ، وطبعا هناك قوانين إصلاحية يجب أن تقر حتى نصل مثل قانون الأحزاب وقانون الدائرة الواحدة والنظام الانتخابي الذي تكون فيه الانتخابات وفق القوائم النسبية المغلقة، هذا مع وجود قانون لهيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات.

* ألا تعتقد أن عدد المواد المعدلة في المشروع الاصلاحي 36 مادة تعتبر نوعا ما كثيرة؟
 
التعديل جاء وفق معايير محددة وهدفها هو الانتقال الى نظام برلماني كامل، وعدد المواد الرئيسية المعدلة أقل من 36 مادة، وترتب على هذا التعديل تعديل 36 مادة من الدستور الحالي، وكما قلنا أن هذا الدستور يخلق نظام هجين فبالطبع إصلاحة لن يكون بتعديل مادة أو مادتين.

* قبل شهر بالتحديد “حدم” استنكرت على تصريحات قائد شرطة دبي ضاحي خلفان… فهل تعتقد ان استنكاركم كان متأخرا وعن ماذا استنكرتم؟
 
نحن لم نتأخر في الاستنكار كما لم نتأخر عن أي حدث يمس حرية المواطن يتطلب موقفا واضحا منا كحركة، أما عن الاستنكار فإننا استنكرنا وصف المدعو ضاحي خلفان (وهو مسؤول وتصريحاته محسوبة على دولته) استهتاره باتهامه مواطنين كويتيين بالإرهاب بناء على انتمائهم الفكري وتوجههم السياسي.

هذه التصاريح يصح لها لقب الفاشستية وهو أمر طبيعي أن يخرج من أشخاص لا يعرفون معنى الحرية وحرية الأفكار، لكن أن تظل دولة الكويت التي من المفترض أن تسود فيها روح الحرية والتعددية الفكرية ممثلة بوزارة الخارجية صامتة أمام هذه التصريحات الغير مسؤولة فهذا أمر مرفوض ولهذا طالبنا وزارة الخارجية باتخاذ موقف جاد من هذه التصاريح، ولكن كالعادة فالسلطة لدينا في الكويت لا تتفق ممارسة وفكرا مع الحريات لذلك كان الصمت هو سيد الموقف.

* ننقلك الى ملف فئة غير محددي الجنسية… لك مقولة قلتها “لابد من انتفاضة موحدة للكويتيين البدون، فيوم الغد لن يكون أفضل من الأمس” فما قصدك وتفسيرك لكلمة “انتفاضة”؟

انتفاضة أقصد بها انتفاضة حقيقية تنادي بحقوق فئة من الكويتيين سلبت حقوقهم جورا وظلما، وهذه حقوق أساسية لهم كبشر ودولة الكويت ملتزمة بها وفق الاتفاقيات الدولية، ظل البدون أخي الكريم لعقود طويلة من الزمن يتجرعون الذل والقهر والإجحاف دون أدنى تحرك جاد لحل قضيتهم.

فمؤسسات الدولة تحت سيطرة هذه السلطة بلا أدنى شك لا تحاول إيجاد الحل وتكتفي بوعود تدغدغ مشاعر هؤلاء المظلومين ولا تزيدهم إلا قهرا، نحن نتكلم عن جيل يورث أبناءه ظلم السلطة، وجيل يستقبل من آباءه ضياع وشتات، فلا يمكن وفق هذه المعطيات التنبؤ للجيل القادم بحال أفضل في ظل هيمنة هذه السلطة على مؤسسات الدولة.