أقلامهم

الرطيان: تستغربون: لماذا تنتج هذه المنطقة «داعش»؟!.. أنا أستغرب من استغرابكم!!

سأكتب على ضوء.. الظلام! 
الكاتب:   محمد الرطيان
(1)
– عندما كتب الروائي العظيم عبدالرحمن منيف روايته «الآن هنا» لم يستطع كل خياله الفذ أن يصل إلى نصف ما كان يفعله جلاد عربي يعمل في أقبية جهاز المخابرات لتعذيب أحد الخصوم.
– على مائدة السفير زياد الدريس التقيت بالمبعوث الدولي الجزائري أنور مالك.. مما قاله لنا في ذلك المساء:
أعاد النظام السوري جثة أحد المعتقلين، أتت أمه لتراه قبل دفنه.. حمدت الله لأنها عمياء!
قلنا له: لماذا؟!
قال: كي لا ترى جسد ولدها المسلوخ جلده من رأسه إلى قدميه!
– في بعض الحروب العربية- العربية ترى صورة جثة وقد غرزت فيها المسامير في الرأس والصدر..
القاتل لم يكتف بالقتل… لدينا في هذه المنطقة فائض من الحقد والكراهية يجعل القاتل يشوّه جثة القتيل، وبمتعة!
– في لبنان- أيام الحرب الأهلية- يحدث أن اثنين من المقاتلين يدخلان في رهان على علبة سجائر يحصل عليها من يصيب ببندقيته ذلك الشخص الذي يطل من شرفة بناية مهدمة!
هذا ما فعلته الحرب بإنسان اشتهر بلطفه وذوقه، إنسان يصحو في جبل أخضر على أصوات العصافير وينام على الميجنا والدلعونة.. يقتل شخصاً لا يعرفه لأجل تمضية الوقت والحصول على علبة سجائر!
– القسوة لا تنجب سوى القسوة، والأفعال المتوحشة تحوّل الإنسان من كائن طبيعي إلى كائن متوحش، وتستغربون: لماذا تنتج هذه المنطقة «داعش»؟!.. أنا أستغرب من استغرابكم!!
(2)
تخيّلوا معي هذا السيناريو- غير الخيالي- على الأقل في العراق:
إنسان تعرّض لأصناف التعذيب في ظل حكومة البعث.
ثم أتى الاحتلال الأميركي ليمنحه نصيبه من الذل والمهانة.
ثم أتت الحكومة الطائفية لتهجره من منزله.
وربما- خلال هذه الفترة- تم ذبح أحد أولاده أمامه، واغتصاب زوجته..
لماذا تستغربون إذا عاد إليكم وبيده اليمنى ساطور، وحول خصره حزام ناسف، وهوايته المفضلة ذبح الخصوم من الوريد إلى الوريد!
(3)
الشباب العربي اليائس نوعان:
شاب في المشرق يعبر إلى العراق وسوريا بحثاً عن جنة السماء.
وشاب في المغرب العربي يعبر البحر على قارب متهالك بحثاً عن جنة الأرض في أوروبا.
كلاهما يموت في الطريق.. وكلاهما يستحق الشفقة!