كتاب سبر

دلو صباحي
سكين الشيخ محمد!!

قبل عدة أيام أكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبدالله المبارك أهمية اعادة النظر في آلية توزيع ابواب الموازنة العامة للدولة وأوجه الصرف بشكل عام بهدف الوصول الى اكبر قدر من الترشيد.
واضاف الشيخ محمد في تصريحاته للصحافيين جملة استوقفتني واستوقفت الصحف كلها وكانت عناوينها الرئيسية وهي “السكين قاربت العظم” والتي قالها تعقيبا على انخفاض اسعار النفط العالمية ومنها النفط الكويتي مشيرا الى ان انخفاض اسعار النفط شكل هاجسا كبيرا لدى الحكومة وكان محور اهتماماتها ونقاشاتها خلال الفترة الماضية بعد أربع سنوات من الفوائض المالية الكبيرة.
والحقيقة أن أي قاريء لهذه التصريحات إن لم يكن يعيش في الكويت ويعرف الحكومة ووزيرها العبدالله لاستحسن هذه التصريحات ودعا الله أن يرزق بلاده بحكومة ووزير كحكومتنا ووزيرنا العبدالله لأنه لا يعلم ما حدث ويحدث وربما سيحدث.
والغريب أن حكومتنا نامت طويلا واستفاقت أخيرا على وقع هبوط اسعار النفط حتى قاربت السكين العظم.. فأين كانت الحكومة طوال السنوات الماضية وخصوصا السنوات الاربع الاخيرة التي شهدت ارتفاعا كبيرا في اسعار النفط لما فوق المئة دولار للبرميل الذي لا يكلفنا اكثر من 2.5 دولار كما يقول خبراء النفط.
السكين قاربت العظم.. يقولها العبدالله بكل بساطة والحل هو الترشيد ما شاء الله.. هذا هو الانجاز يالعبدالله.. تصريحات وكلام في كلام.. ذكرني باغنية (كلام جميل وكلام معقول مقدرش اقول حاجة عنه).
السؤال الموجه للوزير العبدالله أين كنتم عندما كانت السكين في المطبخ وبعيدة عن العظم؟ أين كانت انجازاتكم والفوائض المالية تزيد يوم بعد آخر؟؟ أين مشروعاتكم الكبيرة التي ستحقق النهضة والرخاء لهذا البلد النفطي صاحب الفوائض الكبيرة.
التعليم ردي والصحة متدهورة والإسكان محلك راوح حيث الطلبات تزيد يوم بعد آخر.. أزمة الكهرباء كما هي في كل صيف والشوارع تعاني الاهمال ولعل ما حدث في العام الماضي عندما ضربها المطر خير دليل.. فما هي انجازاتكم؟؟
لم نأخذ منكم سوى الكلام حتى باتت تصريحات الحكومة الموسمية محفوظة للأطفال فمع كل بداية صيف تطلوا علينا بتصريح عن ضرورة ترشيد الكهرباء وفي كل شتاء تصريح عن الاستعداد لموسم الامطار التي ما ان تهطل حتى تكشف الكذب ونغرق في شبر ماء كما يقولون.
انجازاتكم معروفة استاد جابر او استاد ).. وجامعة لم تكتمل منذ سنوات طويلة وغلاء فاحش في الاسعار في كل شيء حتى بات المواطن متوسط الحال وليس محدود الدخل يعاني وعليه اقساط وديون لكل من هب ودب من شركات وبنوك وغيرها.
المشكلة أن السكين خلال كل سنوات الفوائض كانت تقطع لكيكه وتفرق على كل من المتنفذين نصيبه بحسب حجمه وضخامته.. السكين كانت تدور وتقطع في خيرات البلد لأجل أناس معينين معروفين ومحفوظين بينما المواطن الفقير يجلس يشاهد ويمصمص شفاته حسره على حظه العثر.. أما اليوم فسكين الاسعار قد قاربت العظم.. وسكين التجار أكلت الأخضر واليابس.
الكويت الان تفقد حوالي 35 دولار في البرميل يوميا اذا افترضانا ان المتوسط لسعر البرميل كان 110 دولار ووصل الان الى 75 دولار واذا كنا ننتج يوميا كما يصرح مسؤولي القطاع النفطي 3 مليون برميل يوميا فنحن نخسر حوالي 105 مليون دولار باليوم يعني حوالي 3 مليار دولار في الشهر فكيف كانت استعدادتكم لمثل هذا اليوم؟؟!
كنا نأمل أن يطل علينا العبدالله بتصريح مطمئن يؤكد لنا فيه ان الحكومة حسبت الحساب لمثل هذا اليوم لا أن يقول السكين قاربت العظم وسعر البرميل اقترب من سعر التعادل في الموازنة العامة للدولة المقدر ب 75 دولار.
كنا نتمنى أن يفكر المسؤولين من زمن لليوم الذي سينضب فيه النفط وتزول هذه الثروة الناضبة التي حتما لن تكون موجودة في المستقبل.. وكنا نعتقد أن هناك من يفكر في المستقبل بحكمة ليقول لنا وقت الازمة لا قلق فنحن مستعدون ولدينا الخطط والاستثمارات والمشاريع التي تعوضنا عن النفط.
نقول للعبدالله الذي يريد “اعادة النظر في الية توزيع ابواب الميزانية وأوجه الصرف بهدف الوصول الى اكبر قدر من الترشيد”.. لا تجعل الترشيد غايتك ولا اليه توزيع ابواب الميزانية هدفك.. فهذا الفكر هو الذي يأخذ بنا إلى القاع ويهدد مستقبل بلادنا.. غير فكرك واجعل هدفك تحسين الخدمات المهترئة وتطوير آليات العمل في الحكومة.. والسعي لايجاد مصادر كثيرة بديلة للنفط لتكون مصدرا للدخل القومي.. الله يستر