كتاب سبر

نعم البناخي لخواله

في مثل هذه الأيام وفي شهر أكتوبر عام 2007 فقدنا وفقدت الكويت أحد رجالها المخلصين الذين يصعب نسيانهم، إنه سالم صباح السالم الصباح “بوباسل”، ولقد حاولت أن أعبّر عما يخالجني من شعور حزين للغاية بهذا المُصاب الجلل فلم أجد أحسن وأفضل وأصدق تعبير مما كتبته حين وفاته رحمة الله عليه، فالشعور هو الشعور، والإحساس هو الإحساس، والحزن هو الحزن رغم مرور الأيام، فاسمحوا لنا على الإعادة. 
ليسمح لنا أهل «الديرة» الطيبون وليسمح لنا كل من حزن على فقدان الشيخ سالم صباح السالم الصباح رحمة الله عليه… ذلك الشيخ الذي يستحق أن تحزن الدنيا لفقده وتذرف العيون دموعها حتى تجف لموته… ويعتصر القلب ألمًا لرحيله… ليسمحوا لنا وليعذًرونا فلن نعدد مناقب الفقيد ومزاياه التي لو أردنا أن نعدد بعضا منها فلن تكفيها صفحات وصفحات، ولن نذكر شيئًا من خصاله الحميدة التي لا يختلف اثنان من أهل الكويت على صفائها ونقائها وندرتها. 
ولن نتكلم عن المناصب العديدة التي تقلدها وقد كان أهلا لها وترك بصمته فيها، فشهادتنا في “بوباسل” مجروحة وحزننا عليه حزن من نوع آخر، حزن فيه من الخصوصية الشيء الكثير، وألمنا بفراقه ألم خاص جدًا نتجرع مرارته بصمت مذهل وحسرة كبيرة، وفاجعتنا بموته فاجعة عظيمة لن يعرف عظمتها إلا نحن. 
كيف لا يا أهل الديرة وهو “نعم البناخي” لخواله… كيف لا وهو الذي ارتبط اسمنا باسمه وروحنا بروحه وحضورنا بحضوره حتى أصبحت “المسيلة” العشق الحقيقي والحب الخالص “للعداوين”… كيف لا وهو من كان يفتخر ويعتز بخواله كاعتزازهم وافتخارهم به… كيف لا وهو من زرع فينا ذلك الإحساس العجيب والصادق والمتبادل بأننا “خوال” لجميع اخوانه الكرام، بل لجميع أفراد الأسرة الأفاضل، فكان رحمه الله بمنزلة الابن البار لكبيرنا، والأخ الناصح لشبابنا، والأب الحنون الرحوم على صغيرنا… وكان كالشجرة التي نستظل بظلالها إن أتعبتنا وأحرقتنا “حرارة الدنيا”. رحمك الله يا “بوباسل”… فلم ينكسر برحيلك شيء بداخلنا فقط… بل لقد “كسرنا رحيلك”. 
ولتعلم يا “بوباسل” بأنك قد وصلت الرحم وكنت حريصا عليه ونحن نشهد لك على ذلك، أما وقد رحلت عن هذه الدنيا فإننا لا نملك إلا الدعاء لك بقلوب مخلصة ومحبة ويشاركنا بها جميع أهل الكويت، اللهم إن سالم صباح السالم الصباح في ذمتك وحبل جوارك فقه فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن آمتك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبيّها وأحبابه فيها إلى ظًلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد ألّا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم عامله بما أنت أهله ولا تعامله بما هو أهله، اللهم اجزه عن الإحسان إحسانًا وعن الإساءة عفوًا وغفرانًا، اللهم إن كان محسنًا فزد في حسناته، وإن كان مسيئًا فتجاوز عنه يا رب العالمين… اللهم آمين.