كتاب سبر

إلى التنويري..!

عندما يكون هدفك من خلال خطابك هو مواجهة الذين يثيرون الشبهات حول الدين الإسلامي وعندما يكون هدفك مواجهة الفساد السياسي والإداري والاجتماعي والاقتصادي الذي يدمر أوصال المجتمع، وعندما يكون الهدف من خطابك مقاومة الآراء والأفكار الفاسدة والتشدد والإرهاب وعندما تسعى لنشر قيم الإسلام الدينية والخلقية وعندما تعمل من أجل تنوير بالفهم الصحيح للإسلام وعندما تسعى للدفاع عن حرية الفكر بما لا يمس الثوابت الشرعية فإننا ندعو لك بالتوفيق، لكن الذي يحدث من أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم اسم “التنويريون” أو دعاة التنوير وكأننافي النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي عندما نشط أتباع العلمانيين وعندما برد الخلاف بينهم وبين رجال الإصلاح من علماء الذين، وعندما نشط شبلي الشميلي وسلامة موسى وظهرت الأقلام التي سعت للتقليل من الدين ومن شأن الإسلام وبرزت الكثير من الاطروحات حول مدى ضرورة الاستفادة من الغرب، وكيف يتم التوفيق بين التجديد والإسلام. انها قضايا انتهت والصورة واضحة بشأنها ولكن هناك من يريد الانسلاخ من دينه ويريد أن يأخذ معه أكبر عدد من الناس.
إن الإرادة الحرة والفكر الحر من حقوق الإنسان في الإسلام لكن هل يعني ذلك ضرب الثوابت، يظن البعض أن بأسلوبه “التنويري” سوف يضعف دور المؤسسة الدينية ولكن السؤال.. أين هي تلك المؤسسة، نحن لا نقارن بأوروبا عندما تخلص الناس هناك من سيطرة الكنيسة، لا سلطة دينية كما كان البابا عند المسيحيين، الحاكم له سلطات ورجل الدين إن جاز التعبير له وظيفة هذا الذي عرفناه وتعلمناه.
باب الاجتهاد مفتوح لمن لديه معلومات الاجتهاد ولك الحق أن تسأل من تثق به، وعندك القرآن الكريم والسنة النبوية ادرسها وافهم الإسلام فالإسلام دين العقل، لماذا لا تتحدثون عن حقوق الشعب وعن العدالة ولماذا لا تحاربون الفساد وضياع الديموقراطية وانتهاك الدستور.
لقد انتهى عهد الحديث عن قضية التوفق بين الإسلام والحضارة الغربية، لقد استقرت الأمور وأنتم تحاولون تخليص المجتمع من القيم الإسلامية، بحجة التطرف والتشدد كلنا ضد التطرف والإرهاب لكن هذا لا يعطي لكم الحق بالتقليل من الدين لو ركزنا على فترة الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لعرفنا حقيقة الإسلام.
تعتقدون أن التاريخ سوف يحفظ لكم دوركم هذا بما تسمونه “التنوير” تريدون أن يذكركم التاريخ كما يذكر شبلي الشميلي وسلامه موسى؟
لقد تحدث الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا والشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف بن عيسى القناعي يرحمهم الله وها هو التاريخ سجل هذا الأسماء الإصلاحية لقد كانوا ينادون بالإصلاح مع التمسك بالإسلام وطالبوا بالتخلص من استبداد الحكام فهم يفهمون جوهر العقيدة أما أنتم فإنكم ربما تجهلونها ولذلك ترون أن إصلاح الواقع من خلال ضرب الرسلام فلا فرق بينكم وبين أولئك الذي تطرفوا، إن إصلاح الواقع يتم بعدة طرق أهمها الالتزام بالقوانين.
إن محاولة النيل من الدين قديمة، ها هو المرحوم الشيخ عبدالعزيز الرشيد يقول إن هناك حركة هائلة تهدف إلى هدم الأديان وأن الخطر الذي يحيط بالعقائد والأديان انما بسبب الضعف الذي أصاب الناس في أديانهم ، والانحلال الذي مازج عقولهم وأرواحهم وكذلك الميل للشهوات وأن هؤلاء يريدون الجري في ميدانها بحرية، ولكن يرون في الدين وأحكامه تقييدا وحبساً “مجلة الكويت 1346 الجزء 2”
هذا هو الشيخ السلفي كان يؤكد أنه لا يقبل إلا ما يوافق الشرع ولا يخالف ظاهر الشريعة. وكان المرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي يروي بالنسبة للقوانين أن حكم الله سبحانه وتعالى هو العدل الموافق للحق فإذا وافق القانون هذا الحق فهو حكم الله وإذا خالف الحق فهو حكم الشيطان وإن صدر عن مسلم بإسم الشرع لأن الشرع ينزه عن كل ظالم ويرى أن كل شيء حلال إلا ما حرمه الله، هذا رأي الشيخ السلفي المتأثر بآراء الإمام ابن تيمية يرحمه الله والذي كان يرى أن التقليد بالباطل هو قبول قول الغير بلا حجة.
الدين ليس حكراً لأحد وإذا أخطأ مفتي أو غيره وعندك ما يؤكد الخطأ اطرحه بالأدلة وانتقده.
أخيرا أكرر نحن لسنا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولا يجوز باسم الحرية تشويه الدين وانتبهوا فقد أصبح الحديث عنكم طرفة “الله يهديكم”.