كتاب سبر

(أييييييه)!!

almesfer@hotmail.com
يبدو أن أخبار العم فصيح الذي كان صريح ستكون محورا لحديثنا في الفترة القادمة ويبدو أن دنيا اللازمان ولا مكان ستخيم احداثها وتفرض نفسها.. فبينما أنا جالس في الديوانية وحيدا أتصفح وسائل التواصل الاجتماعي كالمعتاد وبالاخص تويتر.. اتابع ما يقوله المغردون وما ينشرونه من تعليقات إذا برجل أشعث أغبر يحل علي بلباس رثة ووجهه شاحب وعينه شاخصة.
قفزت من جلستي استقبل الرجل الذي بدت عليه علامات التعب والارهاق مرحبا.. وبعد السلام والتحية عرفني بنفسه إنه صديق قديم للعم فصيح الصريح الذي غادرني قبل فترة عائدا إلى حيث اللا وجود بعد أن أخبرني بوصوله لكرسي في مجلس شورى قريته الافتراضية.
الرجل الضيف كان يحمل صفات من العم فصيح منها أنه دائما مايبدأ حديثه بكلمة من حيث المبدأ كثيرا .. سألت الرجل من دلك علي يا هذا؟ فقال بصوت أجش متعب ألست عبدالله بوعبدالرحمن؟؟ قلت نعم.. قال أعرفك جيدا فكم حدثني عنك فصيح وكان دائما ما يستذكر حديثك معه ويردد عباراتك.
فسألته لعله خيرا أتاك بي إلي هنا؟ فقال.. ليس كما تظن فأنا أتيت أليك أشكي همي وهم قريتي البعيدة وما أصابها مؤخرا بعد أن اعتلى فصيح رئاسة مجلس الشورى لدينا.. أصابتني الدهشة.. ولكن الرجل أكمل نعم لقد اعتلى فصيح سدة الشورى واصبح الرئيس يأمر وينهي.. ومن حوله اعضاء يسيرون حسب مبتغاه ولا يردون له أمرا أو رغبة.
واعتدل الرجل في جلسته ورشف رشفة من استكانة شاي وضعت أمامه ثم قال.. لقد كان الشورى هذا قدوة وكان رئيسه حازم صارم ديمقراطي ومنطقي.. وكان الأعضاء ملتزمون يعارضونه بالحكمة والعقل ويوافقونه بغية مصلحة القرية.. لكن اليوم وتحت مظلة فصيح اختلط الحابل بالنابل واصبحت الموافقة سمة والسمع والطاعة صفة.
واكمل الضيف.. هل سمعت فيروز تغني من قبل دخلك يا طير الوروار.. قلت نعم.. قال وهل سمعت شعبولة عندما يقول أغنياته الهابطة ويختتمها ب (أيييييييه)؟؟ قلت نعم وهما شتان.. اعتدل وقال.. حالنا تبدل من طير الوروار إلى (أييييييه) هذا ما حدث.
واضاف الضيف.. يابوعبدالرحمن كان الرئيس يضبط الايقاع بين السلطة الممثلة في مجلس الاعيان وبين الشورى.. كنا كجمهور المواطنين عندما نحضر الجلسة في الشورى كنا نستمتع ونستفيد من الحوار بين الاعضاء والرئيس.. كنا نخرج في غاية السعادة.. بل أن فصيح نفسه كان موجود في العهد السابق مع كتلته من النخبة التي كانت مؤثرة ومرموقة وتحظى بالاحترام.. اما اليوم فهو يهذي والجميع يردد ايييييييييه.
قلت للرجل الضيف.. لا أصدق.. كيف وفصيح كان له تكتل بحسب ما علمت وكان معارض على حق وموافق على حق ايضا فكيف التحول صار وما هذا الذي تنقله لي من اخبار؟
تنهد الرجل وقال هذا زمن ولى يا ياهذا ولم يعد له وجود فالخطة انكشفت.. والمناقصة اصبحت هي الحكم.. واصبح فصيح يريد أن يصبح محور الحوار ومركز الحديث فلم يعد يسمح لغيره بأن يقول.. أو يفعل.. واستأثر بكل شيء حتى أصبحت ساحتنا ماسخة والقادم معروف والقرار منتهي قبل أن يعرض الموضوع.
هممت أن أسأل الرجل فقال.. لا تسألني فأنا متعب وقررت أن أذهب لاراك لاحقا ولن انقطع عنك ففصيح الصديق القديم قد جعلني لا أطيق الجلوس في القرية وغالبا أهيم على وجهي ساعات بحثا عن طوق نجاه أو فكرة تعيدنا لعصرنا الذهبي.. واكيد سأتيك مرة أخرى.. فسلام يا عبدالسلام.
وفجأة اختفى الرجل الضيف وكأنني كنت أحدث نفسي.. ولم أجد شيئا أفعله بعد أن أصابتني الحيرة غير أن أغلق المصابيح كلها خشية فاتورة الكهرباء.. وأن أذهب للنوم راجيا الله أن لا يأتيني فصيح في منامي ولا حتى ذلك الرجل الضيف.. اييييييه الله يخلي الريس.