أقلامهم

حسين العبدالله : زمن تبدّلت فيه أحوال الدستور!

لم يحظ قانون العزل السياسي، الذي أصدره مجلس الأمة قبل أسبوعين على رفض شعبي وسياسي فقط، بل ورفض دستوري وقانوني، لما قرره من أحكام يهدف من ورائها إلى تجريد عدد من المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسة من انتخاب وترشيح، على خلاف ما قرره الدستور لهم من حقوق.

وبدلاً من أن يأتي المشرع إلى إصدار القوانين التي تكرس العديد من الضمانات والحقوق، يعمل للأسف خيبة منه على انتهاكها وانتقاصها والحد منها، رغم أنه مشرع جاء باختيارات الشعب ومن صناديق الاقتراع، لكن سرعان ما انقلب عليهم، وانتقص من حقوقهم وجردهم حقوقهم الدستورية!

بالأمس حرم العديد من المواطنين حقوق الانتخاب والترشح بعد نشر القانون، وسيحرم المئات غيرهم ممن يقفون حالياً على قائمة انتظار تنفيذ قرار إنقاص مواطنتهم، ومن بعدها سيصبحون مواطنين مع وقف التنفيذ لا حقوق سياسية لهم من انتخاب ولا ترشيح، بسبب الحرمان الدائم الذي يقرره القانون!

وبعد صدور هذا القانون وقبله جملة من القوانين المخيبة للآمال لم يملك بعض النواب إلا تبرير تشريعهم المشوه بأنه جاء حفاظاً على حقوق الأمير، ومن لديه الاعتراض فله الطعن عليه أمام “الدستورية”، رغم أن حقوق سموه قررها الدستور في المادة ٥٤، وجرمت 5 قوانين هي الجزاء، والصحافة، والمرئي، وتقنية المعلومات، والإعلام الإلكتروني من يحاول الإساءة لها، كما أن الناس لم ينتخبوا ٥٠ نائبا حتى يلاحقوا تشريعاتهم أمام المحكمة الدستورية، بل حتى ينتصروا لحقوقهم وحرياتهم!

لن استغرب أن يصدر هذا المجلس المزيد من التشريعات المناوئة للحريات، وأن يقرر إعادة الحبس الاحتياطي إلى ٢١ عاماً، ومدة استيقاف الأشخاص للاشتباه إلى 4 أيام، والتي قلصت بعد وقوع جريمة خطف، وقتل المغفور له محمد الميموني تحت التعذيب باسم القانون، ولن أستغرب أن نسمع في المستقبل، بعد إقرار هذا التشريع المرتقب، ميموني آخر!

نعيش للأسف في زمن تبدّلت فيه الأحوال، وانقلبت فيه الأدوار، وحارت فيه نصوص الدستور، بعد أن أصبحت الرقابة السياسية “قصة سمجة”، وأصبح الاستجواب أمراً لم يعد يخشاه الوزراء، بل يتهكمون من استخدامه لقناعتهم مسبقاً أن من سيردها عنهم هم زملاء للمستجوب ذاته، بل شهدنا زمناً يستعطف فيه النواب ويسترجون الوزراء ليجيبوا فقط عن أسئلتهم البرلمانية على مدة ٣ سنوات كاملة ولا يردون عليها!