كتاب سبر

أفيقوا يا عرب من شر قد اقترب

في عام 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية دراسة للسيد “رالف بيترز” تحت عنوان “حدود الدم نحو نظرة أفضل للشرق الأوسط”، وقد أرفق معها خريطة تحدد المعالم التي يتنبأ بها أو التي يعمل على تحقيقها أصحاب الشأن في البنتاغون الأمريكي.

“رالف بيترز” هو ضابط سابق بالجيش الأمريكي، ووصل إلى منصب نائب رئيس هيئة الأركان للاستخبارات العسكرية الأمريكية.
ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي تهدف إلى إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط على أسس طائفية وعرقية، وما حققه الأمريكان في العراق كان البداية لتكون هذه الخريطة حقيقة على الأرض وليست حبراً على الورق، وقد قسم العراق إلى مناطق ذات نفوذ طائفي وعرقي، مما سهل تمزيق السنة ليكونوا الأقل نسبة بعد سلخ الأكراد السنة عنهم، وليغلب الشيعة في الحضور الحكومي والعسكري والإعلامي والديني، حيث المرجعيات الشيعية هي الحاكمة الفعلية للعراق.

وهذا ما يعمل عليه الأمريكان في سورية، بتحالف مع الروس وإيران والميليشيات الشيعية التي امتلأت بها الساحة السورية، في تغيير ديمغرافي على حساب قتل مئات آلاف السوريين وتهجير الملايين وفرض النزوح على الملايين من ديارهم، وتقديم الدعم العسكري واللوجستي لفصيل من الأكراد ليقيموا مناطق حكم ذاتي لهم على حساب السنة العرب الذين تم طردهم من مدنهم وقراهم على طول الشريط الحدودي مع تركيا، وحتى تكتمل فصول الخريطة الطائفية والعرقية التي يمنون النفس على تحقيقها يسعون إلى إقامة “دولة كردية كبيرة على حساب تركيا وسورية والعراق، بعيداً “عن أكراد إيران الذين يعدون أكثر من ثمانية ملايين” وتقسيم الباقي إلى دولة سنية ضعيفة لا حول لها ولا قوة، وأخرى شيعية تهيمن على المنطقة”.

الخريطة التي رسمها “رالف بيترز” كما نشرت ذهبت بعيداً في مخططها، الذي لم يكتف بالعراق وسورية، فقد أشارت بوضوح إلى تقسيم السعودية وإقامة دولة شيعية في المناطق الشرقية من البلاد والغنية بآبار النفط.

وحتى تَضعُف السعودية وموقعها الديني الهام، يقترح هذا الخبيث إلى جعل إدارة الحرمين بالتناوب بين المسلمين، أي بين السنة والشيعة فيقول – كما جاء في الدراسة – :
“فلنتخيل كم سيصبح العالم الإسلامي أكثر صحية إذا صارت مكة والمدينة محكومتين بمجلس يضم ممثلين للمدارس والحركات الإسلامية الكبرى، وتكون رئاسته بالتناوب، في دولة إسلامية مقدسة تشبه فاتيكاناً إسلاميا.”

هذه الدراسة وهذه الخريطة المرفقة بها هي دليل قاطع لما يضمره القوم لنا ولديننا ومقدساتنا من حقد وسوء، وما كان الاتفاق النووي بين إيران والغرب وأمريكا إلا البداية لدق أسفين في ظهر العرب والمسلمين، الذين ركنوا إلى من كانوا يظنونهم أصدقاء وحلفاء، ولعل محاولة الانقلاب الفاشلة التي قامت في تركيا تؤشر إلى ما لا يدع مجالاً للشك على النوايا الخبيثة التي يضمرها لنا الغرب بقيادة أمريكا وبتحالف بين المعسكرين الشرقي والغربي ولأول مرة وعلى المكشوف “على عينك يا تاجر” كما يقول المثل الشامي، فهل سيستفيق العرب ويقتدون بسيرة البطل صلاح الدين، أم أنهم سيقتدون بملوك الطوائف في الأندلس ويبكون على أطلال بلادهم كما تبكي النساء على ملك ضيعوه؟!