جرائم وقضايا محليات

“الإعلام الإلكتروني” يُطبَّق اليوم بشبهة مخالفة لائحته للدستور!

اليوم، تعلن الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) اللائحة التنفيذية لقانون الإعلام الإلكتروني، إيذانا بدخول القانون رسمياً حيز التنفيذ لتنظيم المواقع الإعلامية والصحف الإلكترونية عبر شبكة الانترنت.

إلا أن بعض مواد القانون التنظيمية تثير جملة من الإشكاليات لوضع الصحف والمواقع الإعلامية الحالية التي سمح لها القانون بتوفيق أوضاعها خلال سنة من نشر اللائحة، مع إمكانية قيام بعض الاشخاص بتسجيل اسماء تلك الصحف والمواقع لدى وزارة الاعلام منذ الغد دون حماية لها، فضلاً عن معرفة موعد إنشاء تلك المواقع والصحف الالكترونية التي توفق أوضاعها خلال سنة.

فهل تستفيد تلك المواقع أو الصحف من مدة السنة تلك التي أنشئت قبل نشر القانون أم التي أنشئت بعد نشر القانون وقبل صدور اللائحة، وما كيفية إثبات موعد إنشاء تلك المواقع لدى وزارة الإعلام للاستفادة من مدة السنة الخاصة بتوفيق الأوضاع؟!

الخلط بين السلطات

ورغم غياب التنظيم للعديد من المسائل المهمة في اللائحة التنفيذية فإن الأخيرة جاءت بأحكام جديدة تقمصت من خلالها وزارة الإعلام دور مجلس الأمة بحظرها القيام باستطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات، إلا بعد الحصول على تراخيص من الجهات المعنية، في تعدٍ صارخ على ارادة المجلس الذي عكف عاماً تقريبا على النقاش والبحث في مواضيع هذا القانون الذي مازال يتناول بعض الشبهات رغم ظهور مواده بهذه الصيغة.

وفي حين نصت الفقرة الأخيرة من المادة ٦ من اللائحة على ضرورة الحصول على تراخيص لاستطلاعات الرأي الانتخابية لموافقة الجهات المعنية دون تحديد الجهات التي تسمح بإجراء تلك الاستطلاعات الخاصة بالانتخابات، تعدّت اللائحة على اختصاص المجلس في عدم حظره لأي نوع من أنواع الاستطلاعات، بل على العكس أجازت الفقرة الاخيرة من المادة الرابعة إجراء الاستطلاعات دون تحديد نوعها وتركت لوزارة الإعلام فقط أمر تنظيمها بعد إعطائها كتشريع الضوء الاخضر للمواقع والصحف الالكترونية بإجراء أي نوع من الاستطلاعات، شرط الا تخالف المسائل المحظورة في القانون والتي أحال القانون إليها في المسائل المحظورة بقانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع.

الاستطلاعات الانتخابية

ويثير الحظر الوارد باللائحة على الصحف الإلكترونية والمواقع الإعلامية إجراء الاستطلاعات الانتخابية مالم يتم الحصول على ترخيصها، رغم جواز نصوص القانون ذاته على مبدأ القيام بالاستطلاعات دون حظر لأي نوع منها شبهة عدم دستورية البند الأخير من المادة السادسة من اللائحة لمخالفتها المادة ٣٢ من الدستور والتي تنص على أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، فيما الحظر والتجريم ورد بالفقرة الأخيرة من المادة السادسة من اللائحة، وهو حظر يتعارض مع مبدأ التجريم المنصوص عليه في الدستور بأن يكون للمشرع العادي وحده ممثلا بمجلس الأمة، وليس الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام!

كما يثير الحظر على القيام بعمل الاستطلاعات لانتخابات مجلس الأمة مسألة أخرى، وهي بيان الجهة التي تصدر التراخيص؛ هل هي مجلس الأمة أم وزارة الداخلية ممثلة بإدارة الانتخابات؟ وإن كان من مجلس الأمة فهل تصدر الموافقة على الاستطلاع الانتخابي من مكتب مجلس الامة أم بقرار من الأغلبية العادية من مجلس الأمة؟ هي أسئلة لم تجب عليها اللائحة التي أقحمت أمرا ليس من اختصاصها؟ كما لم تشر اللائحة، في إطار الحظر والتجريم، إلى مقدار العقوبة على الموقع أو الصحيفة المخالفة لذلك الحظر، خصوصا أن العقوبات وردت على سبيل الحصر، وعلى أفعال محددة بالغرامة ما بين ٥٠٠ دينار و٥ آلاف دينار على من يخالف القانون بـ ٣ آلاف إلى ١٠ آلاف لمن يخالف المسائل المحظورة بالنشر والتي وردت كذلك على سبيل الحصر، ولم يرد بالقانون لا فعل محظور لعمل استطلاعات الرأي الانتخابية إلا بترخيص، ولا غرامة تطبق على من يتجاوز أمر عدم الحصول على ترخيص من الصحف الإلكترونية أو المواقع الإعلامية التي تجري استطلاعات الرأي الانتخابية وتقوم ببثها.

الدعم الحكومي

وتثير الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من اللائحة فيما تقرره من “تخصيص نسب من الإعلانات الخاصة بالدولة والجهات الحكومية لنشرها على المواقع والوسائل الإعلامية الإلكترونية وتوزيع تلك النسب على المواقع والوسائل المختلفة وفقاً لعدد زوار كل موقع أو وسيلة والمتابعين له”، جملةً من التساؤلات بشأن سلامة المعايير التي وضعتها اللائحة بشأن توزيع نسب الإعلانات الحكومية للصحف والمواقع، سواء بحسب الزوار أو بحسب المتابعين لها، وهي مسألة تثير حالة من عدم الدقة في الإثبات فهل يقصد بالمتابعين، المتابعين لها على شبكات التواصل؟ وقد يكون جزء كبير او بعض المتابعين وهميين في ظل امكانية اصطناع العديد من الحسابات، وهو الأمر الذي ينطبق على الزوار كذلك، وهو قياس غير منطقي في ظل عدم وجود شبكات لتقييم الخدمات الاعلامية والاخبارية متفق عليها أو حتى يمكن لوزارة الاعلام التعاقد معها، وهو الامر الذي يجعل من مسألة تقديم الدعم المالي للصحف والمواقع بشكل اعلانات حكومية وفق المعايير المحددة باللائحة أمراً غير مقبول من ناحية، وقد يسمح من ناحية أخرى بمجاملة الوزارة للصحف والمواقع الموالية للحكومة في تقديم الدعم لها رغم عدم مهنيتها أو حتى تقديمها للمواد الإعلامية بحرفية إعلامية، ومن ثم يتعين على الوزارة إيجاد حلول أفضل من الحلول التي وضعتها في اللائحة لمسألة الصرف المالي لعدم دقة المعايير الواردة في اللائحة!

وإزاء الإشكاليات القانونية والدستورية التي تثيرها اللائحة التنفيذية تثير جملة من مواد القانون في الأيام المقبلة اشكاليات اخرى في تطبيق القانون وهي المواد: الخامسة التي تحدد الأنشطة المرخص بها إلكترونيا للصحافة والمواقع الاعلامية والاخبارية ودور النشر والاعلان، والسادسة التي تشير الى ان ممارسة تلك الانشطة الواردة بالمادة الخامسة يستلزم الحصول على ترخيص من وزارة الاعلام والمادة التاسعة عشر التي تسمح بالحجب كحكم أو قرار مؤقت من قبل القضاء حال ممارسة أي من الانشطة بدون ترخيص.

تغيير الهوية الإعلامية

ويتعين على العديد من الحسابات والمواقع الاعلامية التي لاترغب في تطبيق القانون عليها للخروج من تطبيق القانون عليها تحويل تلك المواقع او الحسابات الى حسابات شخصية او جعلها مختلطة شريطة ان يطغى عليها العنصر الشخصي، وذلك لكون القانون لاينطبق بحكم الفقرة الاخيرة من المادة الخامسة على المواقع والحسابات الشخصية، وهو ما يتطلب من اي مواقع او حسابات اعلامية تغيير جزء من هويتها الاعلامية كوسيلة اعلامية الى وسيلة نشر شخصية للخروج من تطبيق القانون الذي يشترط الحصول على التراخيص.

وتثار من الناحية العملية أسئلة عن قدرة هيئة الاتصالات على حجب المواقع الالكترونية التي تبث من خارج الكويت، وكذلك قدرتها على حجب الحسابات الاخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، خصوصا ان الحجب يكون من قبل الشركات التي يقع مقرها في العديد من الدول ولاتسمح بالحصول على تراخيص لاستخدام شبكاتها المتخصصة بالتواصل والتي تريد وزارة الإعلام فرض الرقابة عليها وهو أمر شبه مستحيل من الناحية العملية!

عقوبات الإساءات

ويفرض القانون على المواقع الاعلامية او الصحف الالكترونية او التي تبث عبر شبكات التواصل المتعددة وتتخذ من حسابات لها في تويتر والانستغرام موقعا لنشر اخبارها عقوبات الحبس سنة على من يسيء للذات الالهية او الرسل او الانبياء او الصحابة أو آل البيت وعقوبة الغرامة ٥ آلاف دينار لمن يسيء للأمير او ينسب له قولا دون الحصول على اذن من الديوان الاميري.

كما يفرض القانون عقوبات الغرامة ٣ آلاف دينار ولا تزيد على ١٠ الاف دينار على كل صحيفة او موقع تقوم بتحقير أو ازدراء قانون الدولة أو إهانة أو تحقير رجال القضاء أو أعضاء النيابة العامة أو ما يعد مساساً بنزاهة القضاء وحياديته أو ما تقرر المحاكم أو جهات التحقيق سريته او خدش الآداب العامة أو التحريض على مخالفة النظام العام أو مخالفة القوانين أو ارتكاب الجرائم ولو لم تقع الجريمة. او الكشف عن الأنباء عن الاتصالات السرية الرسمية ونشر الاتفاقيات والمعاهدات التي تعقدها حكومة الكويت قبل نشرها في الجريدة الرسمية او التأثير على قيمة العملة الوطنية أو ما يؤدي إلى زعزعة الثقة بالوضع الإقتصادى للبلاد أو أخبار إفلاس التجار أو الشركات التجارية أو المصارف أو الصيارفة او كشف ما يدور في اجتماع أو ما هو محرر في وثائق أو مستندات أو مراسيم أو أي أوراق أو مطبوعات قرر الدستور أو أي قانون سريتها أو عدم نشرها او المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم أو معتقداتهم الدينية والحض على كراهية أو ازدراء أي فئة من فئات المجتمع أو نشر معلومات عن أوضاعهم المالية، أو إفشاء سر من شأنه أن يضر بسمعتهم أو بثروتهم أو باسمهم التجاري، أو المساس بالحياة الخاصة للموظف أو المكلف بخدمة عامة أو نسبة أقوال أو أفعال غير صحيحة له تنطوي على تجريح لشخصه أو الإساءة إليه، او الإضرار بالعلاقات بين الكويت وبين غيرها من الدول العربية أو الصديقة إذا تم ذلك عن طريق الحملات الإعلانية، أو خروج الصحيفة المتخصصة عن الغرض المخصص لها.