أقلامهم

د.فيصل أبوصليب : الإخوان المسلمون وتيار المحافظين

كثير من الليبراليين العرب وقع في فخ التناقض الفكري، بدأ هذا الأمر يتضح عقب نتائج ثورات الربيع العربي، خصوصا في مصر، عندما أيد كثير منهم الإطاحة بحكومة منتخبة، عن طريق انقلاب عسكري، فقط لأنها حكومة “إخوانية”، وآثر هؤلاء الاستبداد على الحرية، وحكم العسكر على التعددية، وفي انقلاب تركيا “الفاشل” انفرجت أسارير الكثير منهم لأن حكومة العدالة والتنمية كانت في طريقها للنهاية على يد انقلاب عسكري كذلك.

وحقيقة الأمر بأن هذا “النفاق الفكري” لم يظهر فقط لدى كثير من الليبراليين العرب، بل ظهر كذلك لدى الغرب، الذي يدعو ظاهرًا إلى الديمقراطية في الشرق الأوسط، وعندما تأتي هذه الديمقراطية بالإسلاميين نجد المواقف الفعلية لكثير من الدول الغربية تناقض أسس الديمقراطية، حدث هذا في مصر، وقبلها في الجزائر، وفي قطاع غزة، كما أظهرت محاولة الانقلاب في تركيا حقيقة الموقف الغربي الذي تباطأ كثيرًا في إعلان دعم النظام الشرعي المنتخب هناك.

هناك حقيقة تتجلى يومًا بعد يوم، وهي أن التيارات الإسلامية في المنطقة العربية من الصعب عليها تحقيق نتائج إيجابية في العملية السياسية دون إحداث تغييرات جذرية في هيكليتها.

هناك رفض واضح لفكرة وصول الإسلاميين لمراكز السلطة في هذه المنطقة، حتى من أولئك الذين يتشدقون بالديمقراطية، وحتى ولو كان هؤلاء الإسلاميون من التيارات المعتدلة التي تندمج في إطار العملية السياسية الديمقراطية وتقدم نموذج الإسلام الوسطي، لذلك فإن على هذه التيارات الإسلامية، خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها من أكثر جماعات “الإسلام السياسي” نفوذًا وتأثيرًا في العالم العربي، عليها إعادة تقديم نفسها بصورة مغايرة، خصوصًا في الدول التي لم تتصادم فيها مع السلطة بشكل مباشر، والتي تتيح فيها الأنظمة السياسية درجة مقبولة من الحريات السياسية والمشاركة الفاعلة، مثل الكويت والأردن.

ربما كان على جماعة الإخوان، خصوصًا بعد ما حدث في مصر، الخروج مرة أخرى بعمل منهجي أشمل لا تقتصر المشاركة فيه على المنتمين فكريًا وأيدلوجيًا للجماعة، بل على “التيار المحافظ” في المجتمعات العربية بشكل أعم، تمامًا كما هي الأحزاب المحافظة في أوروبا أو الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، وربما كان على الجماعة الاستفادة من تجربة “العدالة والتنمية” في تركيا عندما استفاد أردوغان ومن معه من تجربة “أربكان” الفاشلة، وظهروا مرة أخرى برداء مختلف ومنهج مغاير، باطنه محافظ وربما إسلامي، ولكن ظاهره براغماتي غير صدامي، فاستطاعوا التركيز على تحقيق النجاحات الاقتصادية والتنموية، وتشكيل سياسة خارجية قوية ومستقلة، حينها وعندما حاول العسكر الانقلاب عليهم كما جرت العادة، وجدوا الناس يلقون بأنفسهم أمام الدبابات لإفشال الانقلاب.

3 تعليقات

  • أحسنت دكتور فيصل
    نعم ما سطرته هي دروس يجب التعامل معها بشكل يجعل الشعوب العربيه تحافظ على هويتها الإسلامية وكذلك اعطاء رؤيا جديده مختلفه عن الإسلام السياسي من التأسلم المتسلط إلى الإسلام المعتدل المتطور

  • بالفعل يجب ان يصبح تغيير شامل في صورة الاخوان المسلمين خاصة و ان تصريح وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل حيث قال ان لا يوجد خلاف بين الاخوان المسلمين و السعودية سوى من بعض قادات التنظيم ، فيجب ان يصبح هناك تغيير بحيث تندمج الحركة الاخوانية مع المجتمعات العربية من غير خوف الأنظمة منها او اختلافها معها و بهذا ستعود قوتها اكثر من ما كانت عليها

أضغط هنا لإضافة تعليق