آراؤهم

مقومات العَمَل الجماعي

لا شك أن العمل الجماعي هو أكثر فاعلية من العمل الفردي والأهداف الكبرى لا يمكن أن تتحقق إلا بالعمل الجماعي، ولشرف العمل الجماعي أن يد الله مع الجماعة وأن الذئب لا يأكل إلا من الغنم القاصية!

يقول الشاعر:

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسّرًا … وإذا افترقن تكسّرت آحادًا

وهناك دراسات تقول: أن السبب الحقيقي في تحليق الطيور المهاجرة على شكل حرف V هو لقطع مسافة تبلغ 71% أكثر مما لو طار الطائر منفرداً.

وللعمل الجماعي مقومات أساسية وكثيرة دائماً ما تخضع للتقديرات في مدى أهميتها وأولوياتها ومن الطبيعي أن ينتج عنها بعد ذلك الخلاف والتباين في الأراء، وأيضاً لا يمكن أن نبدأ في مقومات العمل الجماعي إلا بعد قراءة الواقع وفهم المتغيرات وتوفير المتطلبات والحاجات.

أولاً .. نجاح العمل الجماعي يبدأ في اختيار القائد والسمع والطاعة له كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة بلا أمير، ولا أمير بلا طاعة)، واختيار القائد أهم من اختيار فريق العمل، لأن اختيار القائد الناجح يؤدي لاختيار فريق عمل متكافئ وناجح مثله.

ثانياً .. من أهم مقومات نجاح العمل الجماعي هو السماح للقائد في اختيار أسماء فريق العمل مع بعض المشورة من قبل المختصين، ولا يمكن نجاح العمل إذا فرض على القائد فريق غير متجانس أو غير متعاون.

ما حيل العبد والأقدار جارية … عليه في كل حال أيها الراء

ألقاه في البحر مكتوفا وقال له … إياك إياك أن تبتل بالماء!

ثالثاً .. إذا تَم اختيار فريق العمل من قبل القائد أو فرض عليه بأي حال من الأحوال، يَجُب على الأعضاء أو فريق العمل أن يتحلوا بالآتي:

1- عرض كل فرد تصوراته لرؤية وآلية العمل.

2- الالتزام بالاجتماع وعدم الغياب إلا في عذر مقبول.

3- احترام رأي الأغلبية وتبني قراراتهم.

4- أن مجلس إدارة فريق العمل هو سيد قراراته.

5- القيام بتنفيذ العمل على أكمل وجه وأفضل صورة.

وهناك شائعات تقول أن العمل الجماعي دائماً أفضل من العمل الفردي وهذا علمياً غير صحيح بل هناك حالات معينة يكون فيها العمل الفردي أفضل من العمل الجماعي والإبداع أيضاً يموت في العمل الجماعي إلا إذا كانت الجماعة تتخلى في المرونة وعلى استعداد لسماع الرأي الآخر وتحترم الإبداع الفردي.

يقول المؤلف باتريك لينسيوني في كتابه (خمس العوامل المعيقة لعمل الفرق الجماعية) وهي:

1- غياب الثقة مما يؤدي للتشكيك في النوايا الحقيقية للأفكار المطروحة.

2- الخوف من الاختلاف.

3- عدم الالتزام بالوسائل والأهداف المحددة.

4- عدم المحاسبة والمتابعة بين أعضاء الفريق بسبب المجاملات.

5- التركيز على النتائج مما يؤثر على كفاءة الأداء.

وفي الحقيقة لا يمكن نجاح أي عمل من الأعمال إذا كانت القرارات تأتي من خارج فريق العمل، ويؤسفني عندما اشاهد أو اسمع كثير من القرارات التي صدرت من خارج رحم الفريق وبعد ذلك يتم فرضها على فريق العمل؟!

فالقرارات التي تأتي من أصحاب النفوذ أو تنزل على فريق العمل (بالبراشوت) ليس لها احترام عند العامل المخلص حتى وإن جاءت على هواه، وإلا ما قيمّت التصورات والاجتماعات التي بُذلت في حقها الجهود والأوقات؟!

أرى في اعتقادي من يسعى أو يساهم في تهميش أو إلغاء أي قرار من قرارات المجالس المنتخبة النزيهة هو في واقع الحال أبطل فاعلية وصلاحية المجلس واعطى المجال للعمل الفوضوي وضرب الحقيقة بحجة عصى الطاعة!

مما رست هذا العمل السيء في بَعْض الوزارات والإدارات والجمعيات التعاونية والخيرية وللأسف ينفر منها الراغبين في الالتحاق والمحبين في الاستمرار بهذه المجالات المختلفة، وخاصة العمل الخيري والذي يفترض أن يسعى نحو المثالية وأن يضرب أروع الأمثلة في مفهوم العمل الجماعي.

أخيراً .. أرى بأن زمن الوحي قد انتهى والقرارات التي تصدر من خارج أي مجلس من مجالس الإدارة ليس لها اعتبار عند الأحرار وإن قبلوا وتعايشوا مع الواقع على مضض.