محليات

إضاءات في مسيرة الراحل مجبل المطوع

فجعت الكويت صباح أمس بوفاة نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للمركز العلمي م.مجبل سليمان المطوع الذي وافته المنية إثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز الـ 62 عاما، وكان على رأس عمله أول من أمس الثلاثاء في قمة نشاطه وحيويته المعتادين.

والفقيد م.مجبل المطوع من مواليد العام 1954 وتلقى تحصيله العلمي في الولايات المتحدة الأميركية، وكان رحمه الله أول كويتي يتولى تنفيذ مشروع المسجد الكبير ومشاريع أخرى على مستوى عال مثل مشروع سوق المسيلة ومشروع المتحدة ومجمع الرحاب.

وتولى الراحل إدارة المركز العلمي منذ تدشينه عام 2000 وعرف عنه دماثة الخلق وتشجيع ودعم الشباب الكويتي، خاصة المتميزين منهم، بغية خلق جيل قادر على تولي مسؤولية المستقبل والنهوض بالمستوى العلمي والمعرفي في الكويت ورفع رايتها خفاقة عالميا، وكانت «الأنباء» قد كرمت الفقيد الراحل في عيدها الـ 40 في مارس الماضي تقديرا لإسهاماته العلمية.

وبهذه المناسبة الحزينة، تتقدم «الأنباء» بأحر التعازي إلى عائلة الفقيد، داعين الله أن يتغمد روحه بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه الصبر والسلوان.

(إنا لله وإنا إليه راجعون).

إضاءة على مسيرة الراحل

رحل م.مجبل المطوع الذي عرف بدماثة خلقه وفكره التطويري، والذي قاد المركز العلمي منذ افتتاحه في 17 أبريل من العام 2000 وحتى اليوم ليكون صرحا من صروح الكويت البارزة، ومحطة مهمة من محطات السياحة والاستقطاب البشري والعلمي والمعرفي، إضافة إلى إكساب الشباب المهارات، وإيمانه بضرورة التطوير والعمل الجاد.

للمطوع تاريخ حافل بالعطاء، فقد تولى الإشراف على تصميم وتنفيذ وإدارة مبنى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وفي عام 1992 انطلقت فكرة تأسيس المركز العلمي الذي كان من المقرر بناؤه في الساحة المواجهة لمجلس الأمة عند نقعة الصقر، ولكن المغفور له بإذن الله تعالى الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد طلب تغيير الموقع فقام المطوع بجولة حتى وقع الاختيار على الموقع الحالي.

الولادة والدراسة

المطوع من مواليد 1954 في شارع الميدان ـ فريج الجناعات بالقرب من حسينية معرفي، توفي والده وهو في عمر السادسة، وبدأ الدراسة في روضة المهلب والابتدائية في مدرسة النجاح وتابع المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في السالمية بعد الانتقال إليها، والسنة الاولى من الثانوية في مدرسة عبدالله السالم والبقية في ثانوية الرميثية.

درس الهندسة المدنية في جامعة وست فرجينيا في الولايات المتحدة الأميركية وحصل على الإجازة عام 1977، وبدأ مشواره العملي بعد العودة إلى الكويت في شركة المباني المتحدة وكان مشروع سوق المسيلة اول مشروع له بالإضافة إلى إشرافه على بناء المسجد الكبير والمركز العلمي.

مسيرة التطوير

منذ تسلمه إدارة المركز العلمي في العام 2000 بدأت مسيرة التطوير إلى أن أصبح المركز اليوم صرحا ومنارة علمية ارتبط اسمها باسم الكويت، تنقل زوارها في رحلة فضائية وتبحر بهم في الأعماق وتدفعهم لمعايشة تجربة ممتعة في محاولة للبقاء في معرض قاعة الاستكشاف، إضافة إلى عرض أفلام آي ماكس المبدعة مع جعله منارة للمعرفة البحرية والكونية والتعرف عن قرب على الأصناف المتنوعة من البيئات الصحراوية والبحرية.

وقد زار المركز العلمي منذ افتتاحه وحتى اليوم أكثر من 9.1 ملايين زائر، وهو يمر اليوم بمراحل تطويرية كبيرة، كان آخرها تدشين خدمة تتيح لهواة ألعاب الفيديو تأجير صالة عرض آي ماكس والاستمتاع بألعابهم المفضلة على أكبر شاشة في الكويت، بالإضافة إلى التعرف على الأكواريوم بمنظور مختلف من خلال «الجولة خلف الكواليس» والتي تتيح لهم مشاهدة الخفايا، بالإضافة إلى علاج ذوي الاحتياجات الخاصة عبر السباحة مع الدلافين.

تم في عهد المطوع أيضا الانتهاء من تصميم مشروع توسعة المركز العلمي، ليشمل قسم الدلافين والثدييات البحرية، والمزيد من قاعات الاستكشاف، وتم وضع عام 2018 ليكون سنة الافتتاح، ويعتبر معرض «كوكبك بحاجة إليك» من ابرز ما تم إطلاقه، حيث ينقل الحضور إلى العام 2050 ليعيشوا تجربة محاولة البقاء على قيد الحياة في كوكب أثرت فيه التغيرات البيئية العديدة، حيث يضم 15 جهازا تفاعليا لمختلف الاعمار، كما يقيم المركز العلمي أيضا مخيما صيفيا يشتمل على العديد من الانشطة والبرامج والورش التعليمية وحضور لعروض إطعام الأسماك والقروش.

وضع الراحل للمركز العلمي اهدافا، ابرزها تبسيط العلوم والمعارف العامة من خلال المرافق الرئيسية والبرامج والمساهمة في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، وتعزيز مكانة المركز العلمي كأحد أهم المعالم السياحية، مع الاستثمار المستمر في الموارد البشرية.

همسة أميرية في أذن الراحل

يقول الراحل م.مجبل المطوع: عندما قمنا بافتتاح المركز العلمي همس الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله في أذني فقال لي: «قواك الله على هذا العمل وأبيك تحافظ عليه».

السيرة الذاتية للراحل

٭ متزوج ولديه 4 أولاد: عبدالله وفرج وفجر وفي.

٭ خريج الولايات المتحدة الاميركية في الهندسة المدنية عام 1977.

٭ حصل على دورات وورش عمل مكثفة متخصصة في إدارة المشاريع وضبط الجودة والتكاليف في الولايات المتحدة وبريطانيا.

٭ قام بتصميم وتنفيذ مشروع متحف السفن الشراعية الكويتية مدينة الدوحة الكويت.

٭ عضو في الجمعية الاميركية للمهندسين المدنيين.

٭ عضو في المجلس الأميركي للمباني العالمية.

٭ عضو جمعية الخرسانة الاميركية فرع الكويت.

٭ عضو جمعية الخرسانة الاميركية.

٭ رئيس رابطة المراكز العلمية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

٭ نفذ بعض المشاريع ابرزها: سوق الرحاب بحولي، مسجد الدولة الكبير، المستشفى الأميري، سوق المتحدة، والمركز العلمي.

الأعمال الفنية

للراحل أعمال فنية أبرزها:

٭ فيلم «المؤسسة اليوم».

٭ الإشراف والترجمة والتسجيل لأفلام آي ماكس «حرائق الكويت، البحر الحي، وافريقيا، ورحلة إلى الأعماق».

٭ عرض بانورامي «وتبقى الكويت».

الأم هي سر النجاح

كان الراحل، رحمه الله، يؤكد دائما أن سبب نجاحه الأول والأخير يعود الفضل فيه إلى الله تعالى أولا ثم إلى أمه عزيزة عبدالوهاب خليفة المسلم التي حملت على عاتقها تربية 9 من الأبناء بعد وفاة والده.

مسيرة حافلة بالإنجاز

عمل الراحل م.مجبل المطوع بعد عودته من الولايات المتحدة في القطاع الخاص لاعتقاده أنه الأفضل على الرغم من التعب والجهد المبذول، فاختار العمل بداية في شركة المباني المتحدة ووجد ترحيبا من مجلس إدارتها، وكانت رحلته الأولى على ارض الواقع لتطبيق ما تعلمه في الولايات المتحدة، وكانت اول تجربة له في مشروع سوق المسيلة، ثم طلب منه العمل في المكتب الرئيسي لتشييد مسجد الدولة في العام 1979 مع مجموعة من المهندسين إلى أن حصلوا على مناقصة المسجد الكبير، وكان اول مهندس يضع قدمه في المشروع.

قام الراحل كما يذكر بتسوير الموقع وجرى اختيار الفريق العامل الذي ضم أفضل المهندسين واصفا العمل في المسجد الكبير بالتجربة الرائعة، فالشعور بأنه يصنع إنجازا كان يراوده على الدوام، ثم طلب منه الانضمام إلى فريق المهندسين العاملين في مشروع بناء المستشفى الاميري، وقد افاد من التجربة في التعرف عن قرب على آليات المراقبة والإشراف وتحري الدقة والالتزام بالمواعيد وأخذ عوامل الجودة، كما استفاد من المهندس الانجليزي المقيم، ومن نصيحة وجهت إليه بألا يدخل مشروعا إلا ومعه كشكول صغير وقلم لتدوين الملاحظات في اللحظة ذاتها.

وبعد هذه التجربة حصل على عرض من مؤسسة التقدم العلمي التي اعتبرها نقطة تحول في حياته، وقام بإنشاء مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بعد أن تسلم مهام مدير مشروع المقر الرئيسي.