عربي وعالمي

بعد 3 سنوات.. مسجد “رابعة” ممنوع الاقتراب أو التصوير أو الصلاة

بعد 3 سنوات من فضّ اعتصام الإخوان احتجاجاً على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، تبدو المنطقة التي اتخذت اسمها من المسجد الشهير مسكونة بالخوف كما كانت وقتها. الأهالي يتجنبون الكلام عما جرى، والبعض يقبل الحوار بعد تردد، فالمكان الذي أعيد ترميمه بـ85 مليون جنيه مصري، بحسب تصريحات رسمية، لم يعد كما كان رغم انتظام حركة المرور به.

قامت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بترميم ميدان رابعة العدوية، أو ميدان هشام بركات – اسمه الرسمي تخليداً للنائب العام المصري السابق بعد اغتياله – وإزالة آثار النيران فى 3 أشهر بعد الفضّ، ولكنها لم تعد إليه السكينة رغم وجود المسجد الشهير في وسطه. فقوات الأمن تملأ المكان، والكاميرات في كل الشوارع، والمسجد لا يزال مغلقاً بالأقفال.

الأهالى يتحدثون

بنظرات حائرة وبعد تردد قال محمد رأفت، صاحب أحد المحال بالمنطقة، إنه يعمل هنا منذ 31 عاماً، وكان شاهداً على كل تغيير حدث بها.. ولم يمنعه الاعتصام من الاستمرار في عمله.

أما عن يوم الفض نفسه فيقول: “كنت في الطريق إلى هنا ومُنعت من الوصول من قبل قوات الأمن التي كانت تتحكم في المنطقة بأكملها، وكان صوت الرصاص مسموعاً وتشم معه رائحة الدخان على بعد مئات الأمتار، فعدت إلى المنزل وعاودت العمل في اليوم الثاني مباشرة”.

“كانت خرابة”.. هكذا وصف محمد لـ”هافينغتون بوست عربي” المشهد بعد الفض، مكملاً: “النيران التهمت كل شيء، المكان كله مات تقريباً لمدة حتى عاد ليبدو كما كان ولكن لازال ينقصه روحه وهو مسجد رابعة”.

“مفيش الله أكبر في رابعة من 3 سنين”.. قالها صاحب كشك مجاور للمسجد رفض ذكر اسمه، موضحاً أن الزوايا الموجودة أسفل بعض العمارات السكنية أصبحت هي البديل للصلاة، وتابع “في رمضان كنا بنفطر على الراديو وجنبنا واحد من أكبر المساجد لكنه مهجور”. وأضاف: “أشعر بألم كلما حان وقت الصلاة ومررت من أمام المسجد أبحث عن زاوية لأؤدي الصلاة بها”، مشيراً إلى أن الوضع الأمني مستقر في المنطقة منذ الفض ولم تحدث مظاهرات أو تجمع للإخوان بعدها إلا بأعداد قليلة وتم فضها سريعاً.

منطقة محظورة

“فرق كبير بين أن تصلي في مسجد رابعة وأن تصلي في إحدى الزوايا، فمنذ استلامي لعملي هنا منذ حوالي 5 سنوات، كنت أدوام على الصلاة بالمسجد. وحتى وقت الاعتصام امتلأ المسجد بالمعتصمين، وكذلك الشوارع وصعبت الحركة فعبور الشارع كان يستغرق نصف ساعة بسبب تزاحم الناس ولكنهم لم يؤذوا أحداً”.. هكذا تحدث حسين، موظف بأحد فروع شركة اتصالات في منطقة رابعة.

وأضاف أن المعتصمين كانوا يفترشون الأرض أمام الفرع لكنهم بمجرد قدوم الموظفين صباحاً للعمل كانوا يفسحون لهم الطريق، مشيراً إلى أن الفرع لم يغلق طوال فترة الاعتصام وإن قلت نسب المبيعات فيه بشكل كبير.

“وفي يوم الفض لم نتمكن من الوصول للفرع، وظل العمل متوقفاً لمدة أسبوع، وحينما عدنا كانت المنطقة مشوهة، النيران التهمت كل شيء، وآثار طلقات الرصاص عالقة بالجدران”.

ووفقاً لتقرير رسمي للمجلس القومي لحقوق الإنسان راح ضحية عملية فض قوات من الجيش والشرطة اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في رابعة 632 قتيلاً، منهم 8 من الشرطة، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية إن أعداد القتلى تصل إلى حوالي 1000، داخل المسجد الذي احترق تقريباً، وفي محيط الميدان.

اسغرقت إزالة آثار فض الاعتصام حوالي 3 أشهر، وتولته الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة بناءً على تكليف من الفريق السيسي، وزير الدفاع وقتها، وقامت الهيئة بإعادة صيانة وترميم مسجد رابعة والمستشفى الملحق به والطرق والأرصفة المؤدية لمحيط الجامع.

وأوضح جلال السعيد، محافظ القاهرة وقتها، في تصريح لموقع “اليوم السابع” أن كلفة ترميم الميدان رابعة العدوية والمنطقة المحيطة به والطرق المؤدية إليه بلغت 85 مليون جنيه.

تحت الحراسة

ورغم الملايين التي تم إنفاقها على تطوير مسجد رابعة، إلا أنه تحول لمبنى مهجور تحرسه الداخلية، فبمرورك من جواره تستطيع أن تلمح رجال الأمن بالداخل خلف البوابة الرئيسية المغلقة.

اقتربنا من أحد أفراد الأمن بالمسجد من خلف السور الحديدي فحذرنا من رفع الكاميرات أو الهواتف وخطورة ذلك في مكان يمتلئ بالكاميرات ورجال الداخلية والأمن الوطني والجيش.

وبسؤاله عن الوضع في الداخل قال لـ”هافينغتون بوست عربي” هناك سيارة حراسة بها أفراد من أمناء الشرطة توجد في آخر المسجد، إلى جانب عدد من ضباط الداخلية والأمن الوطني وأمناء الشرطة والمجندين عند باب المسجد.

وأوضح أنه لم يدخل المسجد منذ توليه عمله ضمن قوة الحراسة منذ عام، ولم يره مفتوحاً، وحينما تحين الصلاة فإنهم يصلّون في الساحة أمامه وليس بداخله.

فتح المسجد بيد الوزير

من جانبه قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إنه لم يتم تحديد موعد لإعادة افتتاح المسجد حتى الآن ولا يعلم متى يمكن أن يتم ذلك، وأوضح لـ”هافينغتون بوست عربي” أن قرار إعادة فتحه بيد وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة فقط، أما الأمن أو وزارة الداخلية فليس لهما علاقة بالأمر.