عربي وعالمي

الحرائق تلتهم ثروات اسبانيا الخضراء وتهدد محمياتها الطبيعية

تلتهم الحرائق آلاف الهكتارات سنويا في إسبانيا وتلقي بظلالها السوداء على غاباتها وأحراجها لتكون بذلك من أخطر الكوارث التي تهدد تنوعها البيئي وثرواتها الطبيعية الخضراء.

وتحتل إسبانيا المركز الثاني في الاتحاد الأوروبي من حيث المساحات الغابية بعد السويد حيث تشكل الغابات المشجرة والأراضي الحرجية 1ر55 بالمئة من مساحتها البالغة 50 مليون هكتار وفق بيانات وزارة الزراعة والبيئة الاسبانية لعام 2015.

ورغم مساعي إسبانيا لتوسيع رقعة المناطق الخضراء والمحمية فيها إلا ان يد الحرائق لا تنفك تجردها عاما تلو الآخر من بعض أجمل ملامحها وأكثرها ثراء وتنوعا.

ففي الأسبوع الماضي وحده التهمت النيران أكثر من 11 ألف هكتار من الغابات والاحراش جزء كبير منها في محميات طبيعية بمنطقتين هما (جزر الكناري) بالمحيط الاطلسي وإقليم (غاليثيا) اقصى شمال غربي البلاد لتتسع رقعة المساحات المتضررة منذ بداية العام الجاري إلى 3ر18 ألف هكتار أي ما يمثل 066ر0 بالمئة من المساحة الاجمالية للبلاد. والحقت تلك الحرائق التي بلغ عددها 4282 حريقا في الفترة بين يناير الماضي واغسطس الجاري الضرر ب3ر6 ألف هكتار من الغابات الشجرية و5ر9 ألف من الاحراش و5ر2 ألف هكتار من المراعي علما بأن عدد الحرائق الكبيرة التي الحقت الضرر بمساحات فاقت ال1000 هكتارا لم تتجاوز في الحقيقة ال11 حريقا.

وبالعودة إلى الأسبوع الماضي فإن حرائق اندلعت في جزيرة (لاس بالماس) واستمرت مدة ستة أيام التهمت 9ر4 ألف هكتار من المناطق المحمية في الجزيرة الواقعة بالمحيط الأطلسي أي ما يمثل 8ر6 بالمئة من مساحتها الاجمالية.

وتسببت الحرائق التي تمت السيطرة عليها يوم الجمعة الماضي في مقتل أحد المساهمين في إطفاء الحريق واجلاء نحو 500 شخصا عن منازلهم واعتقال مواطن الماني يبلع من العمر 27 عاما تسبب في نشوء الحريق “بالخطأ”.

وبدورها شهدت منطقة (غاليثيا) اقصى شمال غربي البلاد حرائق مدمرة التهمت أكثر 5ر6 ألف هكتار في خمسة أيام واجبرت على إجلاء 2500 شخصا عن منازلهم ليرتفع عدد الهكتارات المتضررة في المنطقة منذ بداية العام الجاري إلى 8ر8 ألف هكتار.

ورغم تميز المنطقة بشكل عام برطوبتها العالية وغاباتها الغنية فإن الأحوال الجوية الصعبة ساهمت في تفشي الحرائق ال193 التي افتعلت فيها خلال ثلاثة أيام بسرعة صارخة لاسيما ان درجات الحرارة تعدت 30 درجة مئوية خلال الأسبوع الماضي رافقتها رياح قوية تجاوزت 60 كيلومترا في الساعة ما دفع بسكان القرى انفسهم بالمخاطرة والمساهمة في عمليات السيطرة على الحرائق وحماية منازلهم على مدار ليال طويلة.

ودفعت التحريات بالشرطة لاعتقال سيدة تبلغ من العمر 56 عاما تعاني من اضطراب هوس الحرائق افتعلت 15 حريقا على الأقل بإشعالها الشموع وتركها في عدة جوانب من الغابات عمدا علما ان أكثر من 7000 رجل إطفاء و15 طائرة هليكوبتر وبرمائية و400 عنصر في وحدة الإسعاف العسكرية شاركوا في عمليات السيطرة واخماد الحرائق ومازال عدد كبير منهم يسعى للسيطرة على 12 حريقا ما زال مندلعا في المنطقة.

ورغم استمرار افتعال الحرائق منذ بداية العام فإن المساحات المتضررة هبطت بنسبة 2ر71 بالمئة مقارنة بمتوسط المساحات المحترقة في العقد الأخير من الزمن وبنسبة 76 بالمئة مقارنة بالأراضي المحترقة في 2015 حيث ان متوسط الأراضي المتضررة لغاية شهر يوليو من كل عام خلال السنوات الماضي بلغ 43 ألف هكتار وفق بيان وزارة الزراعة.

ورغم تدني تلك النسبة فإن الخبراء يدعون إلى توخي الحذر الشديد خلال الأشهر المقبلة ففي عام 2007 مثلا التهمت الحرائق 5ر13 ألف هكتار فقط لغاية شهر يوليو لكن الأراضي المتضررة بلغت 8ر137 ألف هكتار بنهاية ذلك العام الامر الذي يدعو إلى التزام الحذر الشديد واستمرار حالة التأهب في مختلف مناطق البلاد لاسيما في ضوء التوقعات باستمرار درجات الحرارة العالية بعد شتاء قليل الامطار.

يذكر ان في اسبانيا 2ر11 مليون هكتار من المحميات الطبيعية وتتربع المناطق الغابية الشجرية والحراجية معا على 6ر27 مليون هكتار أي 1ر55 بالمئة من المساحة الاجمالية فيما تحتل الأراضي الزراعية 28 بالمئة.

ويعد العامل البشري المسبب الرئيسي للحرائق في إسبانيا حيث تشير احصائيات وزارة الزراعة لعام 2014 ان اليد البشرية تفتعل عمدا 55 بالمئة من الحرائق فيما يأتي 23 بالمئة منها بشكل غير متعمد وبحوادث مختلفة.

وتعزي منظمات حماية البيئة تلك الحرائق بشكل رئيسي الى الاقتطاعات الحكومية للموازنات المخصصة للوقاية من الحرائق ومكافحتها وأعمال المراقبة والصيانة وكذلك إلى استمرار النزوح من المناطق الريفية وتركها لقمة سائغة للحرائق والمهووسين بإضرامها.

يذكر ان عام 2012 كان أكثر الأعوام كارثية خلال العقد الماضي حيث نشب على مداره 4412 حريقا التهم 177 ألف هكتار من الأراضي الحرجية والغابات والأراضي الزراعية أي ما يمثل ضعف المتوسط السنوي المسجل خلال العقد الآنف.