أقلامهم

زايد الزيد: والحفّاظات.. لها نصيب من الترشيد!

يوماً بعد يوم، تزداد الغرابة والحيرة في التعاطي الحكومي مع مكتسبات المواطنين من بوابة الترشيد، فلا نكاد نغفو على تخبط حتى نصحو على تخبط جديد على يد المسؤولين الحكوميين بسبب قراراتهم العشوائية التي لا تمت للترشيد بصلة، وآخر تلك القرارات ما كشفته صحيفة محلية عن قرار رسمي بايقاف صرف «الحفاظات» التي تصرفها وزارة الشؤون لكبار السن منذ سنوات طوال، بذريعة الترشيد واعذار واهية لا قيمة لها ولا ترقى لتكون سببا لصدور قرار رسمي، فأي تخبط نعيشه اليوم؟ والى أي مدى سيصل بنا الحال مستقبلا؟!
ووفقا للقرار الصادر من قبل وزيرة الشؤون – والذي يبين حجم التخبط – يتضمن «الغاء تقديم الحفاظات للمسنين، كونهم يحصلون على مساعدات اجتماعية، وتماشياً مع سياسة الترشيد التي تنتهجها الوزارة» ويبلغ التخبط مداه بالتبرير للقرار انه يهدف الى الحفاظ على المال العام تماشياً مع سياسة الترشيد التي انتهجتها الحكومة وتقليص النفقات»، والحقيقة ان من اصدر القرار وصاغ مبرراته وقع في خطأ التناقض، فتبرير القرار جاء بسبب ان «حفاظات المسنين التي تصرفها وزارة الشؤون ضبطت قبل فترة تباع في سوق الجمعة وأسواق الجليب، كما انها تكلّف الدولة مبالغ طائلة وتصرف لغير مستحقيها وان «المبالغ التي تصرفها الوزارة لرعايتهم في عام تكفي لشراء منتجع خاص بهم في ارقى دول اوروبا»، فهل يعقل ان توفير مبالغ الحفاظات – ولنقل مع بعض المستلزمات الأخرى – في عام واحد يمكن ان يعادل شراء منتجع خاص في ارقى دول اوروبا؟ هل يعقل تقديم مثل هذا الطرح؟ هل يعقل ان تستخف الحكومة بمواطنيها بمثل هذا الاستخفاف؟ وفي كل الأحوال هل يستقيم عذر الترشيد لهذا القرار؟! بل انه يبين عدم قدرة الوزارة وقيادييها ومسؤوليها على ضبط الأمر والتعامل بشكل قانوني مع هذه القضية، فلجأوا لعذر الترشيد وهو بلا شك عذر اقبح من ذنب!
والحقيقة ان هذا القرار يبعث على الأسى، ففي الوقت الذي تضع مختلف دول العالم المتقدم نصب اعينها الاهتمام بفئة كبار السن وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم، نرى العكس من ذلك تماماً عندنا هنا، ففئة كبار السن هم من الآباء والأجداد الذين ضحوا وقدموا الكثير للوطن، ونراهم اليوم لا يجدون سوى النكران والجحود جزاءً لهم بدلا من مساعدتهم بذريعة الترشيد في الانفاق!
لقد تركت الحكومة حرامية وسراق المال العام وجعلتهم يسرحون ويمرحون سواء في الكويت او في العواصم الغربية، ولم تمكّن العدالة من ان تطالهم لتدعهم في السجون، واتجهت سريعا لكبار السن وأرادت ان يبدأ الترشيد من خلال حفاظاتهم! فأي مأساة تلك التي نعيشها؟