عربي وعالمي

%40 من السياح الدوليين تأثروا بالتهديدات الإرهابية

اتسم عام 2016 بالطابع الأكثر دموية من حيث عدد ضحايا الهجمات الإرهابية بعدما طالت القارة الأوروبية العجوز الأكثر حصانة وأماناً، مخلفةً وراءها تداعيات اقتصادية كارثية على البلدان التي تعتمد في اقتصاداتها على السياحة.

وتعتبر حادثة إطلاق النار داخل مركز تجاري في مدينة ميونخ في 22 يوليو الماضي هي الأحدث في سلسلة الهجمات التي طالت ألمانيا، بعد حادثة طعن الركاب داخل قطار في 18 يوليو.

ما يميز الهجمات الإرهابية عن سابقتها أنها جاءت لتسجل ضربة قاسية للقطاع السياحي في البلدان المستهدفة من خلال التعرض للرموز والأماكن السياحية فيها، إن كان الهجوم على مطار أتاتورك في اسطنبول أو حادثة دعس الشاحنة لـ84 متجولاً في نيس، أو مجزرة أورلاندو، من دون أن ننسى الهجوم على مطار بروكسل في 22 مارس والهجمات التي استهدفت السياح الأجانب على الشواطئ وفي المتاحف في تونس عام 2015.

معظم هذه البلدان التي تعتمد في اقتصاداتها على السياحة، شهدت تدهوراً ملحوظاً إلى حد الغياب التام للزوار الأجانب، بحسب ما ورد في صحيفة le monde الفرنسية.

ويظهر المسح الذي أجرته مؤسسة IPK الدولية، الاستشاري المتخصص في مجال السياحة، أن %40 من المسافرين الدوليين تأثر سلباً جراء بيئة التهديدات الإرهابية:

%15 منهم أعلن خشيته من السفر إلى الخارج، في حين أن %25 قرر اختيار الوجهات التي ينظر إليها على أنها أكثر أماناً.

فما هي تداعيات الإرهاب على الوجهات السياحية العالمية؟

1- انهيار السياحة الدولية في تركيا

يحتل مطار أتاتورك المرتبة العاشرة على صعيد المطارات العالمية، وهو يستقبل أكثر من 42 مليون مسافر سنوياً. هذه الأرقام تعتبر دقيقة إلى حد كبير قبل وقوع أكثر من 50 عملاً إرهابياً خلال عام ونصف العام، مما تسبب بخسائر بشرية لا تقل عن 200 قتيل.

وتظهر الارقام انخفاض عدد السياح الأجانب %35 في شهر مايو، ليسجل أدنى مستوى منذ 22 عاما، وفقا لوزارة السياحة التركية. وبلغ التراجع %23 منذ بداية العام، مع تدهور ملحوظ في عدد السياح الروس بأكثر من %92، والسياح القادمون من ألمانيا، فرنسا وبريطانيا.

2- تونس.. صعوبة عودة الثقة

تمثل السياحة قطاعاً رئيسياً في الاقتصاد التونسي، كونها تمثل %5.8 من الناتج المحلي الإجمالي في حين تشكل %8.4 من إجمالي الاستثمارات وتوفر 400 ألف فرصة عمل، بحسب المجلس العالمي للسياحة والسفر (WTTC).

لكن عام 2015 شكل ضربة قاضية للقطاع بعد العمليتين الإرهابيتين لداعش في متحف باردو في تونس، والتي اسفر عنهما مقتل 21 شخصاً، ثم مقتل 31 سائحاً معظمهم من البريطانيين على شاطئ مدينة سوسة بعد 3 اشهر من الاعتداء الأول.

أما على صعيد السياح، فقد انخفض عددهم بنسبة %30 في عام 2015 مقارنة بـ2014، ليبلغ أدنى مستوى له منذ عقود. ولا يزال عدد السياح يتجه نحو مزيد من التراجع في النصف الأول من العام الجاري، اذ تراجع بنسبة %21.5 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق وفقاً للحكومة التونسية.

3- مصر.. 5 سنوات من التراجع

لوحظ العديد من أوجه التشابه بين مصر وتونس، فالبلاد التي جذبت أكثر من 15 مليون سائح في عام 2010 ، لم يسجل عدد السياح سوى 9 ملايين في عام 2015، وذلك بعد تعرض اقتصادها الى هزة كبيرة بدءاً من الربيع العربي مروراً بالأزمات السياسية المتلاحقة في القاهرة، ما انعكس تراجعاً في تصنيفها الى المرتبة 34 على صعيد الوجهات السياحية العالمية الأكثر جذباً للسياح بعدما كانت تحتل المرتبة 25. وتظهر الأرقام أن نسبة الاشغال في فنادق شرم الشيخ لم تتعد 30 الى %40 في شباط 2016، علماً أن هذا القطاع يشكل %11.4 من الناتج المحلي الاجمالي ، ويمثل وظيفة من أصل عشرة (2.6 مليون نسمة) وفقاً لـ « WTTC».

4- تحديات مرتقبة إلى فرنسا

شكلت هجمات باريس في 13 نوفمبر 2015 ، عامل طرد للزوار الأجانب، ما ساهم في تراجع عددهم بنسبة %8 في يناير الماضي. غير أن العاصمة الفرنسية كانت الأكثر تأثراً، مع تسجيل انخفاض حاد في الزوار الأجانب في الربع الأول من العام الجاري: %56 من اليابانيين، في حين شكل تراجع السياح الروس ما نسبته %35 وفقاً للجنة السياحة الاقليمية. تجدر الاشارة الى أن القطاع يشكل %7 من الناتج المحلي ويوظف مليوني يد عاملة.

5- جنوب أوروبا وآسيا.. وجهات سياحية طاردة

بحسب الأرقام الأولية لعام 2016، يظهر تحسن في عدد الوافدين من السياح الدوليين بزيادة %5.1 في فبراير مقارنة مع 2015، اذ يلاحظ أن الهجمات الارهابية لم تمنع الناس من السفر، ولكن بدلت وجهاتهم. وتشير الأرقام الى زيادة في عدد الزوار الى افريقيا بنسبة %11.7، بينما شهد المحيط الهادئ زيادة بنسبة %8.3، والأميركيتان بنسبة %6.6.

6- مخاوف متنامية لغرب أفريقيا

تشكل الهجمات الارهابية للجماعة الجهادية بوكو حرام عائقاً أمام تطور السياحة في غرب افريقيا. وقد سجلت الدول الثماني الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب افريقيا تراجعاً بنسبة %6 في عام 2015، خاصة بعد الهجمات على فندق راديسون بلو في باماكو.

السياحة العالمية تحافظ على مكانتها!

رغم التهديدات الارهابية في أنحاء مختلفة من العالم، فان قطاع السياحة العالمية برهن عن مرونة وصلابة. وتشير التوقعات الى تحقيق نمو بنسبة %6 في حركة المسافرين خلال عام 2016. ويرى المجلس العالمي للسفر والسياحة أن نمو السياحة العالمية سيصل الى %3.5 في عام 2016.