آراؤهم

‏إلى الرفاق في التيار التقدمي .. غيروا شعاركم..!

يتخذ التيار التقدمي الكويتي عبارة ” تقدم – حرية – عدالة اجتماعية ” شعاراً له يسترشد به بشكل أو بآخر في نضاله و مطالباته السياسية إيماناً منه بأن هذه المطالبات يفرضها الواقع الملموس و المشهد السياسي القائم ، ولكن قيادات و أعضاء التيار لم ينسلخوا عن واقعهم عندما تغير هذا المشهد ، فقد صب التيار التقدمي جهده في الدفاع عن القضايا المعيشية التي بدأ يتضرر منها كل من يعيش على أرض الكويت ، و ذلك بسبب أدوات تحليلهم و واقعية نظرتهم التي حتمت عليهم الانصراف للدفاع عن معيشة الناس دون التخلي عن باقي القضايا الاستراتيجية ، وهذا ما لم تقم به الكثير من التنظيمات الأخرى .

‏فأنا مازلت أقف مذهولاً عند سماع مطالبات و شعارات الكثير من التيارات و الشخصيات السياسية والتي لا تتناسق لا من قريب ولا من بعيد مع الوضع الحالي ، فنحن نعيش فترة تعاظمت فيها الهجمة النيوليبرالية على الاقتصاد و انهارت بها دعامات المواطن الأساسية من علاوات و الدعم و زيادات ، فهل يرى هؤلاء بأن المطالبة بالحكومة المنتخبة أمر مستحق في وقت ترفع به الدعوم عن الوقود ؟ أم هل يرون بأن المطالبة بآلية انتخاب جديدة أمر شديد الاستعجال في نفس الوقت الذي يُسجن فيه شباب الحراك و يعيش البعض الآخر منهم دون جنسية ، نرى بأن السلطة تقرر رفع أسعار الوقود و تقليل مخصصات العلاج بالخارج و التلويح بتقليل دعم الزواج و إلغاء بدل الإيجار و تقليل دعم العمالة الوطنية و خفض الإنفاق و تسعير العلاج في مستشفى جابر و رمي الجمعيات التعاونية في أحضان التجار وتحويلها لجمعيات ربحية و خصخصة أهم مرافق الدولة ألا تستحق هذه القضايا المحاربة من أجلها و تعبئة الجماهير ضدها ؟

‏هناك قضايا تفرضها المرحلة وهناك قضايا بعيدة تُعتبر أهدافاً استراتيجية من الممكن التريث فيها اليوم ، فالهروب من الواقع للأحلام الوردية لايمكن تسميته اليوم إلا جُبناً سياسياً ، فما قيمة الشعارات العظيمة إذا لم يتفاعل الشارع معها و لم يلق لها بالاً، وكيف يفكر المواطن البسيط في الحكومة المنتخبة وهو يقتله الأرق من الضيق المعيشي و يتأثر به ، وبالطبع هذا الأمر هو أحد مسببات النفور الشعبي من قوى المعارضة وأحد أسباب ركود المعسكر المعارض إلى جانب العديد من الأسباب الأخرى ، فالقوى السياسية تكتسب تأثيرها من جماهيرها بالمستوى الأول و في حال نفور الشعب منها ستُشل حركتها لا محالة !

‏إذاً تكييف المطالبة مع الواقع السياسي هو أهم خطوة ليتفاعل الشارع معك ودون هذا التكييف ستظل التنظيمات السياسية و السياسيين بمنعزل يكتفون بالتنظير الإلكتروني و الندوات الباهتة والتي لن تغير بدورها المشهد السياسي أو حتى تحركه ، وهنا تكمن المسؤولية السياسية الحقيقة فالتنظيم هو المسؤول عن تحريك الشارع و زيادة وعيه و تعبئته و إن لم ينجح في هذه المهمة فسيعتبر و بالضرورة تنظيماً ساقطاً سياسياً و غير جدير بثقة الشارع !

‏ولذلك يجب أن يعي الجميع بأن التهاون القائم من قبل الكثير من التنظيمات اليوم سيؤدي إلى نتائج كارثية فالسلطة أصبحت تهجم على حياتنا المعيشية دون رادع أو مانع ، و سنصل إلى اليوم الذي يطالب فيه الناس التيار التقدمي -والذي يحارب هذه الهجمة- لتغيير شعاره إلى ” عيش – حرية – عدالة إجتماعية ” محاكاةً للواقع المعيشي القائم .