عربي وعالمي

أولاند: قرار التدخل العسكري في مالي كان الأصعب

التدخّل العسكري الفرنسي في كلّ من مالي وإفريقيا الوسطى يعتبر، بالنسبة للرئيس فرانسوا أولاند، من القرارات الأثقل خلال ولايته الرئاسية، حتى أنها كانت أصعب من التدابير المتخذة عقب الهجمات الإرهابية التي استهدفت بلاده في يناير/ كانون الثاني 2015.
محادثات خاصة، أو بالأحرى “مونولوغ”، للرئيس الفرنسي، تستعرض تفاصيل ولايته، وثّقها أنطونين أندريه وكريم ريسولي في تسجيلات ثم في كتاب بعنوان “حوارت خاصة مع الرئيس”. 32 محادثة سجلها الصحفيان في الفترة الفاصلة بين 17 فبراير/ شباط 2012 و24 مايو/ أيار 2016.
الكتاب يضمّ 300 صفحة، وصدر الأربعاء الماضي، عن منشورات “ألبين ميشيل”، بأمر من أولاند، قبل نحو 8 أشهر فقط من الإنتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، وفيه اعترافات تشمل حياته الخاصة وخياراته السياسية. مضمون وتوقيت رجّحت الصحافة الفرنسية أن يكونا مقصودين في وقت يعتبر حاسما بالنسبة لرجل قال إن “لديه الرغبة (…)” في الترشّح لخلافة نفسه في المنصب، لكنه “لن يتخذ خيار الترشح (…) إذا لم تتسن ترجمته بفرضية الفوز”.
أولاند قال في اعترافاته: “اتخذت قرارات ثقيلة في هذه الأيام الـ 3 (7 و8 و9 يناير/ كانون الثاني 2015، أي لدى تعقّب ومطاردة الأخوين شريف وسعيد كواشي، منفّذي الهجوم على صحيفة “شارلي إيبدو”)، لكن في النهاية، فقد كانت (تلك القرارات) أقلّ ثقلا من نظيرتها بشأن مالي وإفريقيا الوسطى”.
وأضاف: “قتل جنود هناك، وأنا من أرسلتهم، ومقتل هيرفي غورديل (رهينة فرنسية قطّعت أوصالها في 23 سبتمبر/ أيلول من قبل مجموعة جزائرية متشدّدة، في ردّ انتقامي على العمليات العسكرية الفرنسية ضدّ داعش)، هو أيضا مسؤوليتي”.
تلك اللحظات، يتابع أولاند، أظهرت أن “البلاد كان تحت القيادة.. قيادتي أنا”، لافتا إلى أن “فرنسا اكتشفت نفسها، وأظهرت أن لديها الثقة بنفسها، خاصة من خلال الإعتراف الدولي بما يمثّله هذا البلد، وبما يمثّله رئيسها.. لقد نظر إلي (العالم) على أنني رئيس لفرنسا الجميلة (…).. فخلال الأسبوع الذي تزامن مع الهجمات، أصبحت رئيسا في أعين الكثير من الناس.. أنا منتخب، لكن في نظر الكثير من الفرنسيين، لم أصبح حينها بعد رئيسا”.
أولاند عاد أيضا، في السياق نفسه، إلى ترشّحه المحتمل للإنتخابات الرئاسية المقبلة، مشددا على أنه لن يسعى للحصول على ولاية ثانية إلا في حال توفرت “إمكانية الفوز”.
“لن أتّخذ قرار الترشح”، يقول، “في حال لم يترجم بديهة بإمكانية الفوز (…) ما ينتظره الفرنسيون هو الجديد.. الجديد مع القديم، لما لا؟ وهذا ما يتمناه جوبيه”، في إشارة إلى آلان جوبيه، المرشح الأبرز من اليمين الفرنسي للفوز بالإقتراع القادم.
وقدّر أولاند أن خسارة محتملة أو انسحابا من الحياة السياسية لن يكونا “مأساة” أبدا. “لن تكون مأساة أن يتوقّف الأمر”، مستدركا “بل المأساة هي حين تترك مكانك وتمّحي آثارك على الطاولة من تلقاء نفسها”.
الرئيس الفرنسي تطرّق أيضا إلى مسألة قلب منحى البطالة في البلاده، الملف الذي شكّل محور حملته الإنتخابية في 2012، معترفا بأنه كان “على خطأ”.
أولاند الذي قطع آنذاك وعدا تاريخيا بقلب منحى البطالة في بلاده، فشل في تجسيد تعهّده للفرنسيين. ومع ذلك، شدّد في العديد من المناسبات، بعد تولّيه الحكم، بأن ترشحه لولاية ثانية سيكون مرهونا بتراجع معدلات البطالة في البلاد. ففي 2014، قال أنه “في حال لم تتراجع البطالة بحلول 2017، فلن يكون لدي أي سبب للترشح لولاية ثانية”، داعيا، إلى “تقييمه على أساس ملف البطالة”.
تصريحات تعثّرت على واقع مرير تغيرت ملامحه الكبرى مع استهداف فرنسا بهجمات “إرهابية”، انطلاقا من مطلع 2015، ليقفز الملف الأمني بثقله إلى واجهة اهتمامات الرأي العام في البلاد، وليغير معايير نوايا التصويت لدى الفرنسيين، بحسب مكاتب سبر الآراء الفرنسية.
“صرّحت بخصوص قلب منحى البطالة”، يقول، “لأني كنت أعتقد حينها بأن معدلات النمو ستبلغ 0.7 إلى 0.8، غير أنها انتهت إلى 0.1 أو 0.2، ثم كررت التزامي في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2012.. لقد كنت مخطئا !”