أقلامهم

أقلامهم | صالح الشايجي يكتب: “سراق الإبل”

في مدينة بيضاء مشوبة بالزرقة، وفي محفل ثقافي جمله حضوره وحاضراته، قال «يوسف زيدان» إن عرب الجزيرة ما قبل الإسلام لم يكن لهم حضارة، وكانوا مجرد «سراق إبل»!
في البدء أعلن تقديري الكامل للدور المميز للكاتب والمفكر والباحث والروائي المصري «يوسف زيدان»، وما قدمه من كتب تحتاجها المكتبة العربية وما تميز به في البحث فيما يمكن تسميته بالمناطق الوعرة.
وتابعته في بعض محاضراته ولقاءاته التلفزيونية، ولا أخفي إعجابي بدقة بحثه واستنتاجاته وآرائه، وواقعيته في كثير من آرائه، وهو لكل ذلك استحق التقدير والشكر، ولن أستعيد القول المأثور الخائب «من علمني حرفا صرت له عبدا» لأن العلم الذي يؤدي إلى العبودية، لا خير فيه، بل هو جهل مذموم.
وصف «زيدان» في ذلك المحفل عرب الجزيرة بـ «سراق الإبل» مضيفا ألا حضارة لهم، وزاد على ذلك بأنهم حتى لا لغة لهم، وأن من كتب لغتهم هم «الأمازيغ»! ناسيا أنه في كثير من أقواله وآرائه كان يستند إلى كثير من موروث «سراق الابل»!
قال ذلك وسط استنكار الحاضرين وضحكهم ورفضهم لقوله.
لا أدري ما هو مفهوم الحضارة لديه، لأن الحضارة بمعناها الشامل والواسع، تعني كل تجمع بشري وكل ما ينتج عن ذلك التجمع من عادات وتقاليد وسلوك ومنتوج فني أو أدبي أو فكري.
والعرب في ذلك الزمان كانوا قوما منتجين فكرا تمثل في المعلقات الشعرية التي مازالت محفوظة حتى اليوم وفي غيرها الكثير من الشعر والموروث.
كان لهم طبهم وتجارتهم وحساباتهم وعلوم الفلك شأنهم شأن الأمم الأخرى.
وجود الكعبة في قدسيتها التاريخية، أليست دليلا على حضارة، أم إنها كانت مصيدة للإبل؟! وهل اختار الله «سراق الإبل» لينزل عليهم آخر رسالاته، أم إن الأرض التي ستتلقى رسالة السماء لابد أن تكون معدة لذلك؟!
لقد تكفل من يعلون قامة «زيدان» وعددوا له ما كان يجهل أو ما تعمد جهله أمام من ظن أنه سيداهنهم وهو في بلادهم لينسب إليهم فضلهم على العرب، وليس أهل المغرب كلهم امازيغ بل إن أغلبهم عرب حتى أمازيغهم تعربوا شعورا ولسانا.
يؤسفني أن يقع يوسف زيدان تلك الوقعة التي لم يقده إليها سوى رغبته في الحط من شأن العرب.