آراؤهم

الإصلاحيون بحاجة إلى الإصلاح!

شهد العالم الإسلامي بعد سقوط الخلافة العثمانية ركودا فكريا و خواءا روحيا و تراجعا في كافة المجالات السياسية و الإدارية و المالية و الإجتماعية و الإقتصادية ، حتى أصبح المسلمون أدوات لمشاريع خارجية في هذه الفترة التي تمر بتشكل تحالفات عالمية جديدة و حركات تغييرية واسعة ، بدل أن يكون المسلمون العنصر الفاعل و الرئيسي و يفرضوا إرادتهم و وجودهم في هذا العالم الذي يمر بتغييرات مصيرية .
وأستمر هذا الوضع المأساوي لمدة طويلة حتى قرر مجموعة من الصالحين و المفكرين تشكيل حركات إصلاحية هدفها الإصلاح و التغيير في الواقع و إنجاز نقلة في حال العالم الإسلامي و الدول الإسلامية و تغييرها إلى الأفضل بحيث ينتهي عصر الإحتلال الخارجي و الإستبداد الداخلي الذي تسبب في الدمار و الفوضى و التخلف الفكري و السياسي في العالم الإسلامي.
الشعوب عولت كثيرا على هذه الحركات و إنتظرت منها الإصلاح و التغيير الجذري بناءا على الشعارات التي رفعوها و الآمال التي وزعوها و الوعود التي قطعوها للجماهير ، ولكن وبعد عشرات السنين من عمل هذه التنظيمات و الحركات و الجماعات الإصلاحية إكتشفنا أن هذه الحركات بدل أن تؤثر على الواقع تأثرت كثيرا بالواقع و أصبحت جزءاً من الواقع الذي بحاجة إلى تغيير مثله كمثل الأنظمة الإستبدادية الحاكمة ، و الدليل وقوف الكثير من هذه الحركات في صف الأنظمة الحاكمة و خوفهم على الأنظمة من السقوط بدل الوقوف في صف الجماهير كما كنا نتوقع منها أن تفعل.
يقول الدكتور حاكم المطيري حول هذه الحركات : أن هذه الحركات الإصلاحية أصبحت مثل المذاهب الفقهية ، قدمت الخير و الصلاح في فترة من الفترات و إنتهى دورها ويصعب الإصلاح فيها بل يجب تجاوزها و إستمرار الأمة في السير نحو مشروعها الإصلاحي و التغييري.
هذه الجماعات الإصلاحية التي جاءت لتغيير الواقع أصبحت الآن بحاجة إلى تغيير جذري حقيقي حتى تعود لمنهجها و تتذكر أهدافها الحقيقية ، وإلا سوف تدفع ثمنا جسيما لقاء جمودها و دفاعها عن الواقع الذي أصبحت تستفيد من إستمرار بقاء الأنظمة الحاكمة بسبب حصولها على بعض المكاسب و دخولها في بعض الصفقات و الحصول على المناصب مما جعلها تدافع عن الواقع المريض و تنسى مصلحة الشعوب و الجماهير التي وثقوا فيها و أعطوها الثقة و الدعم .
الأنظمة الحاكمة في المنطقة لديها خبرة في طرق إحتواء الحركات الإصلاحية و تحييدها عن أهدافها الحقيقية، وقليل جدا من الحركات الإصلاحية تنجو من هذا الفخ و تحافظ على خطها الرئيسي و تتجنب في هذه المتاهة التي تتسبب في النهاية بفقدان الحركة لجماهيرها و قوتها الشعبية في سبيل الحصول على بعض المكاسب و المناصب ، ولكن أغلب الحركات الإصلاحية وقعت في هذا الفخ وهذا ما جعل المشاكل و الأزمات تكون مستمرة حتى بوجود هذه الحركات و حتى بدخولهم السلطة إلى جانب الأنظمة الحاكمة في حكومات كرتونية تهدف إلى إقناع الناس بأن ممثليها قد دخلوا السلطة و أن الإصلاح و التغيير سوف يتحقق دون أن يحدث تغيير حقيقي على أرض الواقع .
أختم التدوينة برسالتين :.
الأولى للحركات الإصلاحية التي مازالت على أهدافها و مبادءها السابقة، حاولوا أن لا تقعوا في فخ الأنظمة وتصبحوا جزءاً من الفساد الذي ناضلتم ضده في فترة من الفترات و إلا فالنضال التاريخي لايكون مبررا للدخول في هذه الأنظمة و سيتخلى عنكم الشعب و تفقدون القاعدة الجماهيرية وبعدها يتخلص الأنظمة منكم بسهولة .
ثانيا للشعوب التي مازالت تؤمن بتحقيق الإصلاح ، حاولوا أن لاتثقوا ثقة عمياء ومطلقة بالحركات الإصلاحية مهما رفعت من شعارات ، بل راقبوا نشاطها و إنتبهوا من تحركاتها ، و صححوا خطواتهم و نبهوهم على أفعالهم حتى لايشعروا أن الشعوب نائمة بل يشعروا بمراقبة الشعوب حتى لايحيدوا عن الأهداف الإصلاحية.

تعليق واحد

  • ولنا أخي مثال حي في بلدي المغرب
    فبعد الربيع العربي دخل حزب العدالة والتنمية (كحزب شبه اسلامي )تحت جبة النظام على اساس الاصلاح من الداخل..
    لكته مع الوقت وكما قلت اصبح جزءا من النظام بل اصبح يدافع باستماتة عن استمرار ع هذا النظام وذهبت كل الشعارات التي كان يعد بها في مهب الريح..

أضغط هنا لإضافة تعليق