عربي وعالمي

ساركوزي.. ملف قضائي جديد يُربك قرار العودة إلى الإليزيه

بعد أقلّ من أسبوعين عن إعلانه، رسمياً، الترشّح للانتخابات التمهيدية اليمينية للرئاسيات الفرنسية المقررة لعام 2017، يواجه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ملفاً قضائياً ذي صلة باتهامات بشأن مخالفات حول تمويل حملته الرئاسية في اقتراع 2012.

ملف قديم يطفو إلى واجهة المشهد السياسي الفرنسي في توقيت يصفه مراقبون بـ “السيء للغاية”، بالنسبة لرئيس يقرر عقب فشله في العودة إلى قصر الإليزيه بباريس، وصعود منافسه الاشتراكي فرانسوا أولاند، العودة إلى الحياة السياسية من جديد، والاستماتة في سبيل استرجاع عرشه المفقود من اليسار الفرنسي.

ويأتي هذا الملف القضائي أيضاً في وقت يحاول فيه ساركوزي أن يكون مرشّح اليمين للرئاسة، لينضاف إلى عقبات أخرى تقف بوجه طموح الرئيس السابق، وتتعلّق بالمنافسة الشرسة التي يواجهها حتى من داخل اليمين نفسه، وتحديداً من مرشحي الانتخابات التمهيدية الذي يصل عددهم إلى 13، ممن لم يتردّد البعض منهم في التلميح لـ “الرصيد القضائي” لساركوزي، سعيا وراء تنحيته من السباق التمهيدي.

تفاصيل الملف القضائي بدأت حين قامت لجنة حكومية في 2012، بمراجعة الحسابات المالية للحملات الانتخابية، ورفضت الوثائق المقدمة من قبل حزب “الاتحاد من أجل حركة شعبية” (الجمهوريون لاحقا)، برئاسة ساركوزي، بسبب ما رأت فيه اللجنة “إنفاقا زائدا”.

تجاوزات ساركوزي أدّت إلى فرض غرامات مالية بحقّه، تنفيذاً للقانون الانتخابي الفرنسي، بقيمة 363 ألف يورو (ما يعادل حوالي 404 ألف دولار أمريكي)، وفي نوفمبر/ تشرين ثان 2013 دفع الحزب اليميني تلك الغرامات، رغم أنها فُرضت على المرشّح الرئاسي شخصيا.

وفي 16 فبراير/ شباط 2016، استمع قاضي التحقيق إلى ساركوزي و13 آخرين، بشأن اتهامات بالتلاعب المالي لإخفاء تخطّيه سقف النفقات القانوني المحدّد بـ 22.5 مليون يورو (ما يعادل حوالي 25.11 مليون دولار)، للحملة الرئاسية السابقة، في إطار ما عُرف حينها بقضية أو “فضيحة بيغماليون”، في إشارة إلى شركة الإعلانات التي تعهّدت، في 2012، بحملة ساركوزي الانتخابية.

وأمس الإثنين، طالب الادعاء الفرنسي بمحاكمة الرئيس السابق و13 آخرين، بشأن ادعاءات مخالفات تمويل حملة الانتخابات الرئاسية الماضية.

وفي حال قَبِل قضاة التحقيق بتوصية الإدعاء، فمن المحتمل أن يجد الرئيس الفرنسي السابق نفسه في مواجهة عقوبة بعام من السجن وغرامة مالية مقدّرة بـ 3 آلاف و750 يورو (4 آلاف و186 دولارا)، ما يمكن أن يُربك، بحسب مراقبين، جهوده في إطار الانتخابات التمهيدية للرئاسة الفرنسية، المقررة في 20 و27 نوفمبر/ تشرين ثان القادم.

مهلة بشهر واحد على أقل تقدير، أمام قضاة التحقيق المسؤولين عن القضية، لاتخاذ القرار اللازم بشأن توصية الادّعاء، وفي صورة الحسم بالإيجاب، فقد يدفع ذلك ببوصلة الإحداثيات السياسية في فرنسا، وخصوصاً في معسكر اليمين، نحو تغيير جذري يستبطن الكثير من السيناريوهات للمشهد العام، وخيارات محدودة بالنسبة لساركوزي، وفق مراقبين.

ويُثقل هذا الملفّ القضائي رصيد ساركوزي الذي يواجه، منذ يوليو/ تموز 2014، تهما بالفساد واستغلال النفوذ في القضية الشهيرة بـ “عمليات التنصّت”، ويزرع ألغاماً في مسيرة سياسية لرجل يعاني أصلا من منافسة أبناء التيار السياسي نفسه ومن الخصوم على حدّ السواء.

ساركوزي الذي أدرك مبكّرا الخطر الذي يمثّله تكاثر الترشحات، سعى إلى توحيد صفوف حزبه، من خلال مبادرة “المشروع الجماعي”، غير أن تلك المساعي لم تثمر نتائج تذكر، بما أن أبرز خصومه قاطعوا خطابه ليسجّلوا استقلاليتهم، ويجرّدوا رئيس حزبهم صفة “المرشّح الطبيعي” حين يتعلق الأمر بمنافسة بين الخصمين اليميني واليساري.

وبحسب وسائل إعلام فرنسية، فقد أعلن، حتى الآن، نحو 13 سياسياً من المنتسبين إلى “الجمهوريين”، بشكل رسمي أو غير رسمي، ترشحهم للانتخابات التمهيدية لليمين، بينهم رئيس بلدية بوردو، آلان جوبيه، في حين أضفى ساركوزي في 24 أغسطس/ آب الماضي، الطابع الرسمي على ترشّحه في كتاب بعنوان “كلّ شيء من أجل فرنسا”.