أقلامهم

أقلامهم | د.محمد المقاطع يكتب: فزعة عشاق الوطن

أيُعقل أن تجد إنساناً مغرماً بوطنه؟ أيمكن أن يعيش المرء حالة عشق مع بلده؟ كيف يمكن أن يكون ذلك؟ ومتى؟
على المستوى الشخصي، أنا فعلاً مغرم بوطني الكويت، وهي معشوقتي كما عبّرت عن ذلك في مقال سابق، وأنا لست العاشق الوحيد، فللبلد عشاقه ممن يضحّون بالغالي والنفيس لحفظه وضمان سلامته واستقراره، فلهؤلاء أكتب، ولهم أوجه خطابي بأن يسارعوا، وهم عشاقه، كي يحموه قبل أن يضيع، فالمتآمرون – على قلتهم – أصبحوا يلعبون ويلهون به وبمقدراته.

الكويت حالياً تقريباً مخطوفة من أولئك، لكن على عشاق الوطن ألا يخفوا أو يكبتوا الأفكار والمقترحات التي تنقذها من حالتها وتنهض بها من عثرتها، فهم عشاق يهمهم أن تنعم معشوقتهم بأفضل الأحوال، فنحن معهم نعيش دوماً بأمل، ألا وهو أن تستقيم حال الوطن لينعم بخيراته الجميع، فلئن خطفت الكويت في 1990/8/2 وهب كل أبنائها لاسترجاعها، فكانت الانفراجة بحلول تمت بها عودتها إلينا، وعاد عشاقها الى حصنها الحنون، وهو ما جعلنا نعيش بكرامة في كنف هذا البلد، واليوم فإن الوطن بحاجة ملحة لفزعة من عشاقه لمنع العبث به ووقف اختطافه.
فقد صار مصيره مرهوناً بيد قلة تعمل لأجل مصلحتها حتى لو تآكل البلد، بل إنهم مع آخرين من أبنائها يقتاتون عليه، وعلى وجوده ليل نهار، فأضحى يئن منهم، وهم لا يتوانون عن افتراسه.
إن البلد يعاني فساداً ضارياً، صارت له مؤسسات ورموز تشجعه وتمارسه وترتب له، فمع كثرة القوانين والجهات التي تحارب الفساد والتي كثرت في الآونة الأخيرة، فإنها كغثاء السيل لا تقدم إلا زبداً سرعان ما يتبخّر ويستمر الفساد ينخر.
إن الوطن وأبناءه يعانون من الكثير، إما تهاوناً وتفريطاً، وإما نخراً وتآكلاً، وإما فوضى ونهباً ونفاقاً، لن أعدد كل شيء، لكن يهمني أن أقدم حلولاً ومعالجات لعل وعسى أن يتمكّن عشّاق الوطن ومن بقى في عروقهم نبض من حبه أن يستعجلوا عملهم إنقاذاً للوطن.
– إن معالجة أسعار المحروقات، مثل البنزين والديزل ورفع أسعارها، قرار مطلوب، لكن ليس بوقف الدعم، ورفع أسعارها هكذا على الجميع بصورة عشوائية، إذ كان الحل المقبول أن يأتي رفعها متوافقاً مع أحكام الدستور في تطبيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وعلى الأخص مراعاة التفاوت في الدخل، بحيث لا يتم المساس بأسعارها السابقة لأصحاب الدخول الضعيفة، كما يحث وينص الدستور، ومن ثم تأتي الزيادة بشرائح يعفى ذوو الدخل الضعيف من الزيادة نهائياً، بل يمنح كل مواطن مسجلة باسمه سيارة أو سيارات تعبئة بالسعر السابق لــ 5 مرات في الشهر ربطاً ببطاقته المدنية، وما زاد على ذلك يكون بالسعر الجديد، كما يراعى وضع شريحة للأفراد، مواطنين وغير مواطنين، بزيادة لا تتجاوز 30 في المئة من السعر السابق، أما سيارات الشركات والمؤسسات والمقاولات وغيرها فيباع لها بسعر التكلفة الذي قد يصل إلى 100 في المئة في الزيادة أو أكثر، أما أن تعفى الشركات من هذه الزيادة ويمنح القياديون تعبئة مجانية وتتم مساواة الأفراد بالسعر، فهذا تخبّط وفوضى مرفوضة. والطامة الكبرى أن يمنح أصحاب اليخوت كروت تعبئة مخفضة للمحروقات، وهذا نهب وسرقة لمقدرات الدولة، لا بد من أن يهب عشاق البلد لملاحقة هذا العبث وتقديم الحلول العادلة والمنصفة.