أقلامهم

فيصل اليحيى يكتب عن : انقسام المجتمع.. وتشتت النخب

يعد الانقسام على أسس طائفية أو فئوية أكبر تهديد يواجه أي مجتمع، فهو يعيق حركته وتطوره من جانب، ويفتح أبواب التدخلات الخارجية من جانب آخر.

وتحرص السلطة المستبدة أو الفاسدة أو العاجزة على ابقاء المجتمع منقسما، وتحريض وتخويف كل فئة من الأخرى، حتى يسهل استغلالها والتحكم بها جميعا، كما تحرص ذات السلطة على إذكاء ذلك الانقسام، لأنها تعلم جيدا أن المجتمعات المنقسمة عاجزة في الغالب عن مواجهة فسادها واستبدادها وإثبات عجزها.

ولا تُدرك ذات السلطة أنها بذلك تبذر بذور خراب الدولة ودمار المجتمع الذي صار بسبب فعلها منكشفا أمام كل متربص به من الخارج، فإضعاف المجتمع هو إضعاف للدولة تنفتح معه الأبواب أمام القوى الخارجية لاستغلال انقساماته باختراقه وتشكيل مناطق نفوذ تكون أذرعا لها بالداخل. ولذلك فإن معالجة الانقسام وصولا لتوحيد المجتمع يعد من أكبر التحديات التي تواجه النخب الهادفة للإصلاح ومحاربة الفساد وحماية الجبهة الداخلية، فالمجتمع هو سند النخبة المطالبة بالإصلاح، وبقدر قوة هذا المجتمع وتوحده في دعم مطالبها تكتسب هذه المطالب القوة في مواجهة السلطة، وبقدر انقسام المجتمع وضعفه تفقد هذه المطالب قوتها بعد أن فقد المجتمع قوته ومكانته وتأثيره على دوائر اتخاذ القرار.

وإذا كان انقسام المجتمع يُضعف قوته الجماعية ويُقيد حركته ويجعله عاجزا في مواجهة الفساد الداخلي ومنكشفا أمام المتربص الخارجي، فإن تشتت النخب يجعلها عاجزة عن توحيد المجتمع المنقسم، وإدراك النخب للمقدمات السابقة يلقي عليها مسئولية تاريخية بضرورة الاتفاق على رؤية ومشروع تتحقق به وحدة المجتمع والإصلاح المنشود.

ما سبق كان قواعد عامة تنطبق في كل بلد.. وعلى كل مجتمع.. وكل نخبة.. وكل سلطة فاسدة أو مستبدة أو عاجزة.. وأخيرا.. بعض الأسئلة المفتوحة للتأمل والتفكير:

هل مجتمعنا منقسم أم موحد؟ وما هي الأسباب؟.. وكيف تنظر كل فئة من فئات المجتمع للفئات الأخرى؟ وهل تشعر فئات المجتمع بالتوجس والريبة تجاه بعضها؟ .. هل هناك شعور بوجود خطر خارجي؟ وهل الانقسام الداخلي – إن وجد – يعزز هذا الشعور؟.. هل سعت السلطة لتعزيز انقسام المجتمع أم وحدته؟.. وهل تتعامل مع المواطنين باعتبارهم متساوون أم بحسب انتمائاتهم وخلفياتهم الطائفية والاجتماعية؟ وكيف كان تعاطي النخب مع هذا الواقع.. وهل ساهمت في خلقه أو تعزيزه.. أم حاولت معالجته.. أم كانت ضحية له؟
أسئلة تحتاج أن نواجهها بموضوعية وتجرد بعيدا عن أي حسابات.. عل الإجابات تضع أيدينا على مواطن الخلل وتمهد طرق علاج الألم.. والله المستعان

* مجموعة تغريدات مسلسلة للنائب السابق والمحامي فيصل اليحيى من حسابه الشخصي في “تويتر”