عربي وعالمي

أزمة الرئاسة اللبنانية “مكانك راوح”

اتفق عدد من المحللين السياسيين والكتاب الصحفيين اللبنانيين أن الأزمة السياسية التي تعيشها بلادهم منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في عام 2014 “مكانك راوح” (تراوح مكانها دون تغير)، معتبرين أنه “إن لم يحصل التصعيد أكثر، فعلى الأقل ستبقى هكذا بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا”.

ورأى المحللون أن التمديد لقائد الجيش اللبناني الحالي العماد جان قهوجي، الذي تنتهي ولايته أواخر شهر أيلول/سبتمبر الجاري، بعد أن مدد له مرتين سابقتين “لا مفر منه”، مشيرين الى أن تهديد النائب العماد ميشال عون باللجوء الى التظاهر لحل الأزمة السياسية “سيزيد الأمر تعقيدا، وهو تهديد غير مدعوم من حلفاء عون أصلا، وعلى رأسهم حزب الله”.

المحلل السياسي والكاتب الصحفي اللبناني، جوني منيّر، قال في حديث للأناضول إن “كل المؤشرات الموجودة حاليا في لبنان لا تقول بقرب نضوج تسوية سياسية للأزمة التي نعيشها”، مضيفا أن “الوضع حاليا مكانك راوح منذ سنوات”.

ولفت الى أن “الأمور بدل التسوية تتجه نحو التصعيد، وخاصة توجه النائب العماد ميشال عون الى النزول إلى الشارع والتظاهر في 13 تشرين الأول (أكتوبر)المقبل”، متوقعا أن “تكون لعون كلمة عنيفة خلال المظاهرة”.

ورأى منيّر أن “الأمور تتجه نحو التصعيد المتدرج، بهدف أن يحقق العماد عون ما يريده، وهو الوصول إلى رئاسة الجمهورية”، لافتا إلى أن “حلفاءه لن يكونوا معه في الشارع، فلا أحد يريد الخراب العام”.

أما الكاتب الصحفي اللبناني خليل فليحان فرأى أن “مرد تعاظم الأزمة السياسية في لبنان بدل أن تتراجع، يعود لما قام به التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي عطل جلسات الحوار الوطني، وعطل جلسات الحكومة”.

وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، قرر في 5 أيلول/سبتمبر الجاري تعليق جلسات طاولة الحوار الوطني، التي كانت قد بدأت اجتماعاتها الدورية في منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2015.

قرار بري جاء بعد تهديد التيار الوطني الحر، من قوى 8 آذار (المؤيدة للنظام السوري) بالانسحاب من الحوار بحجة انعدام الميثاقية (المسواة) بين المسلمين والمسيحيين “في السلطة والتعيينات الإدارية”.

ورأى فليحان في حديث للأناضول أن “تهديد عون بالشارع لن يوصله إلى رئاسة الجمهورية التي تتطلب رئيسا ميثاقيا يستطيع جمع الكل حوله”.

ونفى فليحان “وجود أي خطر على المسيحيين في لبنان، فكل المراجع الإسلامية سواء كانت دينية أو سياسية تشدد على انتخاب رئيس مسيحي ماروني، ولم نر أي طرف يتحدث عكس ذلك”.

وحول قضية التمديد للعماد قهوجي، قال فليحان أن “التمديد للمرة الثالثة قادم لا محالة”، لافتا الى أن “الأزمة السياسية وعدم وجود رئيس للبلاد، لن تمكن اللبنانيين من تعيين قائد جديد للجيش، إضافة الى الحرب التي يخوضها الجيش اللبناني ضد التنظيمات الإرهابية على الحدود مع سوريا، وضد الخلايا الإرهابية في مختلف المناطق اللبنانية”.

وكان وزير الدفاع سمير مقبل قرر في آب/أغسطس من العام 2015، بعد استمرار الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية وتعذر التوافق السياسي في الحكومة اللبنانية على تعيين خلف للعماد قهوجي، التمديد له مرة ثانية لمدة عام، بعد أن كان قد مدد له بقرار سابق مماثل عام 2014 بعد أن انتهت ولايته.

وفق الدستور اللبناني فإن رئيس الجمهورية هو الذي يقترح اسم قائد الجيش، ويوافق عليه مجلس الوزراء‎.

من ناحيته، رأى الكاتب والمحلل السياسي محمود سويد، أن “الوضع في لبنان مرتبط تماما بتطور الأحداث في سوريا، فما ستؤول إليه التطورات هناك ستنعكس على الميدان اللبناني”، معتبرا أن “لبنان لاحق لسوريا، فإيران والسعودية غير مهتمتين كثيرا به”.

وتابع أنه “في حال كان المستقبل في سوريا مع العرب والسعودية، فإن لبنان سيكون كذلك بشكل تلقائي، أما إن نجحت إيران في سوريا فلبنان سيكون في هذا المحور تلقائيا”، مشددا على أن “كل شيء في لبنان معلق بانتظار الملف السوري وتطوراته”.

وأكد سويد أن “الأزمة السياسية في لبنان هي إحدى تداعيات الملف السوري”، لافتا الى أنها “ربما تطول كثيرا، فلا حلول واضحة في الأفق”.

ورأى أن “تهديد عون بالنزول الى الشارع، شطحة فردية، لن يقبل بها حلفاؤه وخاصة حزب الله”، مشيرا الى أن “الحزب وبالرغم من قتاله في سوريا إلا أنه لا يريد أن يهدم كل شيء في لبنان”.

وأضاف أن “حلم عون بالرئاسة ممكن أن يحصل فور أن ينزل حزب الله الى مجلس النواب وتحصل الانتخابات، إلا أن الحزب لا يريد أن يحسم الأمور حاليا بانتظار تطورات الوضع في سوريا”، لافتا الى أن “عون يدرك هذه الحقيقة جيدا”.

وحول التمديد للعماد قهوجي في قيادة الجيش، رأى سويد أن “مجيء غير قهوجي في الوقت الراهن لمنصب قائد الجيش اللبناني أمر مستحيل، في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها”.

ولفت إلى أن “الوضع في الجيش مع العماد قهوجي جيد، إلى جانب أن حزب الله راض بهذا الوضع الذي يتخلله تنسيق كامل بين الجيش وحزب الله”، مستغربا “تصعيد عون ضد التمديد لقهوجي”.

وختم: “الوضع في لبنان مكانك راوح”، مضيفا أن “الحكومة اللبنانية عاجزة عن فعل أي شيء لحل الأزمات كافة في لبنان، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها”. ويعيش لبنان فراغا رئاسيا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 أيار/مايو 2014 وفشل البرلمان من انتخاب رئيس جديد نتيحة الخلافات السياسية.

والمرشحان الرسميان البارزان في السباق الرئاسي، هما سمير جعجع، رئيس حزب “القوات اللبنانية”، المنضوي في تحالف “14 آذار”، والنائب هنري حلو، مرشح الوسط ، الذي يدعمه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

أما المرشح الآخر، فهو رئيس “التيار الوطني الحر”، ميشال عون (حليف حزب الله، الذي يقود تحالف 8 آذار)، الذي كان قائدًا للجيش اللبناني من 23 يونيو/ حزيران 1984، حتى 27 نوفمبر/ تشرين ثان 1989، ورئيسًا للحكومة العسكرية الانتقالية، التي تشكلت عام 1988، إثر الفراغ الرئاسي، الذي شهدته البلاد، بعد انتهاء ولاية الرئيس آنذاك، أمين الجميّل.

لكن رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، الذي يتزعم “تيار المستقبل” في قوى “14 آذار”، عبّر عن دعمه لانتخاب النائب سليمان فرنجية، من قوى “8 آذار”، في مبادرة تهدف إلى تأمين انتخاب رئيس للبلاد، لكن المبادرة قوبلت برفض عون، وعدم دعم “حزب الله”.

وأعلن جعجع، في 18 يناير/كانون ثان الماضي، تبني ترشيح خصمه السياسي عون، رئيسًا للبنان، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع الأخير في بيروت، ليعلن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، في نهاية الشهر نفسه، دعم حزبه ترشيح نفس المرشح.