أقلامهم

عبدالعزيز الفضلي: الابتزاز الأمريكي باسم العدالة..!

إقرار الكونجرس الأمريكي للقانون المعروف باسم “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” والذي يسمح لأهالي قتلى ومصابي أحداث 11 سبتمبر برفع قضايا تعويض في المحاكم الأمريكية ضد الدول الراعية للإرهاب، والتي يزعمون أن المملكة العربية السعودية أحد رعاتها.

هذا القانون هو قانون ابتزاز من الدرجة الأولى للمملكة العربية السعودية الشقيقة، والتي بدأت بأخذ قرارات مصيرية بعيدة عن الهوى والرغبة الأمريكية، كالموقف في سوريا واليمن والبحرين.

تحول السياسة الأمريكية الأخير والذي يميل نحو تقوية العلاقات بطهران، والتخلي عن الحلفاء السابقين في الخليج العربي، هو أحد أسباب إقرار ذلك القانون المشؤوم.

ولعل الرئيس الأمريكي الحالي سيستخدمه كورقة ضغط على المملكة كي تساير النهج الأمريكي الجديد في المنطقة.

أمريكا ليس لها صديق أو حليف دائم، وإنما لديها مصالح دائمة، ومن يمشي على هواها ويحقق مصالحها اتخذته حليفا.

أمريكا في الآونة الأخيرة هواها (إيراني) وإيران التي كانت تخدع الإيرانيين والعالم الإسلامي بتسميتها لأمريكا (بالشيطان الأكبر) اكتشف الشعب الإيراني بأنه كان تحت خدعة استمرت لعدة سنوات، كما اتضح للشعوب العربية والإسلامية أن تلك العداوة الظاهرة – بين البلدين – كانت تُخفي في بطانها تواصلا وتعاونا مستمرا، ظهرت بعض آثاره من خلال التعاون الإيراني في تسهيل مهمة القوات الأمريكية في غزو أفغانستان، وتعاونها في احتلال العراق.

ووجدنا أن ثمن ذلك التعاون هو مكاسب حققتها إيران من الاتفاق النووي الأخير، بالإضافة إلى تمكين إيران والموالين لها من السيطرة على زمام الحكم في العراق.

ومن صور هذا التعاون عدم إطلاق الأحزاب الموالية لإيران – في العراق – ولو رصاصة واحدة ضد المحتل الأمريكي!!

دول الخليج والتي تقع تحت التهديدات الإيرانية، والأطماع الأمريكية، يتحتم عليها أن تدافع عن نفسها ومصالحها ورعاياها. وأن تتخذ كل الإجراءات والوسائل والسبل الكفيلة لحماية أمن بلادها وثرواتها، وأن تعقد تحالفات مع من يدعم سيادتها، ويقوي موقفها.

ومن أعظم الوسائل المتاحة لدول الخليج العربي في مواجهة تلك الأخطار هي “وحدة الصف الخليجي” بما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

فشعوب الخليج وحكوماتها تجمعهم العديد من العوامل والقواسم المشتركة، وهي ما يسهل عليهم الاندماج والتوحد.

تجتمع دول الخليج العربي في منظومة “مجلس التعاون الخليجي” وهي منظومة رائعة في فكرتها لكنها تحتاج إلى التطوير في سياساتها وأعمالها، نحتاج إلى قوة عسكرية موحدة تكون رادعة لكل معتد ولكل من تسول له نفسه التعدي على شبر من أرض الخليج.

نحتاج قوة اقتصادية تتمثل في توحيد العملة، وإلغاء الضرائب الجمركية.

نحن في أمس الحاجة إلى قوة في اتخاذ مواقف سياسية موحدة ضد كل من يهدد الشعوب الخليجية، لا أن نجد دولة تعادي وأخرى تتحالف وثالثة تقف على الحياد!!

الإعلام اليوم له تأثير كبير على القناعات وتحقيق الانتصارات، ولذلك نحن في الخليج بحاجة إلى تنسيق إعلامي في مواجهة ما تتعرض له أي دولة من ابتزاز.

نحن في دول الخليج نمتلك مخزونا هائلا من الثروة النفطية العالمية تصل نسبته إلى ٣٦ في المائة، فهل يعقل أننا لا نستطيع التأثير في السياسات الدولية ولدينا كل هذه الثروة الضخمة؟!!

الأمر الأخير وهو من أهم الأسباب في تحقيق القوة والانتصار، ألا وهو تحسين العلاقة مع الله عز وجل، والحرص على تحكيم شرعه، وإزالة ما يخالف أوامره من المنكرات الظاهرة، وفق الإمكانات المتاحة.

فبدون عون الله ونصره، ورعايته وحمايته، لن تنفعنا الأسباب المادية مهما بذلناها، يقول الله تعالى {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.