عربي وعالمي

حلب تحترق.. رائحة الدم في كل مكان

برك من الدماء وجثث مشوهة ومشاف تغص بالجرحى، تلك بعض المشاهد السائدة في أحياء حلب الشرقية بعد أن أمطرتها الطائرات السورية والروسية منذ أول أمس الخميس بوابل من القنابل والصواريخ، في أشد هجمة منذ انهيار اتفاق الهدنة المبرم بين واشنطن وموسكو.

وفي أحد المشافي القليلة المتبقية بشرق حلب، شاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية جرحى ممددين على الأرض بسبب نقص الأَسرة، وقال الطبيب أحمد -الذي فضل عدم الكشف عن هويته واسم المشفى خوفا من استهدافه- “الجرحى يموتون أمام أعيننا بينما نحن عاجزون”.

ولا يكاد يسمع صوت الطبيب أحمد وهو يعمل وسط رجال وأطفال يصرخون ألما، وتمدد معظمهم على الأرض التي صبغتها دماء الضحايا. وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية جريحين على الأقل في عقدهما الثالث يلفظان أنفاسهما وتحت سريريهما بقعتان كبيرتان من الدم.

ويضيف الطبيب “ليس بوسعنا فعل شيء لهم خاصة المصابين في الرأس، نحن بأمسّ الحاجة للدماء والأمصال، ونفتقر إلى المتبرعين بالدم”. ولم يبق في أحياء حلب الشرقية إلا ثلاثة أو أربعة مستشفيات لا تكفي لمعالجة مئات الجرحى، وغالبيتهم حالاتهم حرجة.

وقال الطبيب أحمد “لقد استقبلنا 60 جريحا في ساعات الصباح وحدها”، مضيفا “لقد اضطررنا للقيام بعمليات بتر كثيرة لإبقاء الجرحى على قيد الحياة لأننا عاجزون عن معالجتهم”.

أسرة نزار

وعلى سرير في المستشفى، ينظر فتى مصاب بصمت إلى يديه المغبرتين والملوثتين بالدماء، في ما يشبه صورة الطفل عمران دقنيش التي تداولتها وسائل الإعلام العالمية على نطاق واسع في أغسطس/آب الماضي.

وبدا الألم على ملامح الفتى عندما نظف ممرض وجهه من آثار الدماء، إذ فقد شقيقه الأصغر الرضيع في الغارة نفسها.

ويحكي نزار والد الرضيع وهو يدخل منزله المدمر بحي باب النيرب ما وقع قائلا “كنا في المنزل عندما سقط صاروخ في شارعنا”، وأضاف وهو يغالب دموعه “لقد انهار نصف البناء وأصيب رضيعنا في رأسه وفارق الحياة على الفور”، وأضاف نزار أنه لم يدع الأم تشاهد الرضيع بسبب الجرح في رأسه.

بستان القصر

المأساة تشمل أحياء أخرى، ففي حي بستان القصر كان نساء ورجال وأطفال يصطفون لشراء الحليب الذي يندر الحصول عليه كباقي المواد الغذائية منذ شهرين قبل أن تستهدفهم غارة جوية أودت بحياة سبعة أشخاص على الأقل.

وفي المكان نفسه انتشرت بقع من الدماء وأجساد دون أطراف، وكانت رائحة الدم تنبعث بقوة، وكان بعض الجرحى ينتظرون من يضمد جراحهم أو ينقلهم إلى المشافي.

لقد سوّى القصف السوري والروسي بنايات بكاملها ليحولها إلى كتل من الركام، وشوهدت أعمدة كهرباء محطمة وسيارة مدمرة أو محروقة، ووقف في المكان قلة من المارة ينظرون بذهول إلى الأبنية المدمرة والشرفات المنهارة والنوافذ المحطمة، وهم يحدقون في السماء لرصد أي طائرة حربية قد تنذر باستئناف القصف.