كتاب سبر

عافية للمتعافين

يلخص مشروع الحكومة الأخير ” عافية ” قدراتهم الخارقة لطمأنة شريحة المتقاعدين الذين طمحوا دائماً بأن يجدوا رعاية صحية تكافئ سنين العمل والبذل والعطاء لهذا الوطن ” المعطاء ” .

فعندما يقرأ المتقاعد الخطوط العريضة من المشروع يشعر بأنه محور اهتمام الحكومة ، لكن بمجرد البروز المبدئي للتصريحات والنقاط الخفية للمشروع عندها سيتوقف عن كل ما سبق من ” احساس ” بالإهتمام .. ويبدأ بالتمعن والبحث والتحري عن ما سيعود إليه من ” عافية ” وهل يستحق كل هذا العناء الحكومي !

غالباً ما سيبرر للفكرة في بدايتها وأنها حديثة وسيتم التعديل على المشروع فيما بعد ، ولكنه أيضا سيتوقف وسيسأل نفسه سؤالاً مادياً بسيط جداً .. هل كل هذه الأموال والتي تقدر مبدئيا بـ 300 مليون دينار سنويا لا تكفي لرعاية صحة المتقاعد ؟ وذلك بناءً على ما لن تشمله قائمة من النقاط وأبرزها ” التلوثات البيئية والكيماوية ” !!

فمن أين ستأتيه الأمراض ! ناهيك عن بقية النقاط التي تلغي المشروع عن بكرة أبيه وأمه وأخيه ” الأمراض الوراثية ” .

أنا شخصياً أستغرب الجهد المبذول لمثل هذه الأفكار واضحة الأهداف والمغازي ، فشركة التأمين ” لأحد التجار ” والأموال أموال ” خاصة ” للمتقاعدين ، فلماذا تطرح الحكومة هذه الفكرة من الأساس ؟ وهي بالأصل لا تعالج أي مشكلة بل على العكس تماماً تزيد من هموم المواطن وتوسع نظرة التشاؤم لديه !

تخيل عزيزي القارئ بأن تمتلك شركة تأمين ” عافية ” ، وكل ما هو عليك تقديم ضمان صحي لأناس أصحاء بالأساس مشروطة بنقاط تعفيك عن ” العمليات الجراحية والأورام السراطانية … ألخ ” وبالطبع ستتعاون معك الحكومة والمجلس وجميع السلطات ما عدا ” مصدرها ” ، وستجني من ال ٣٠٠ مليون دينار سنويا حسب شطارتك .

أود أن أطرح نقطة أخيرة ، وأتمنى من مصدر السلطات أن يوسع نظرته ويفكر : ٣٠٠ مليون سنوياً ماذا ستوفر لك ولأسرتك إن كانت في مشروع ” صحي ” حقيقي بعيد عن مشروع ” التنفيع ” عافية !!!

ختاماً : أتمنى بأن ترتقي الحكومة قليلاً ، وأن تحاول رعاية المجتمع لا سرقته ” علناً ” .