أقلامهم

أقلامهم | عبدالعزيز الفضلي يكتب: دموع عند قبر بيريز !!

لم يكن مستغربا حضور الرئيس الأمريكي وبعض المسؤولين الغربيين لجنازة المجرم “بيريز” رئيس الوزراء السابق لإسرائيل.

لكن الذي أثار الاستغراب والاستهجان هي برقيات التعزية التي أرسلتها بعض الحكومات العربية في وفاة بيريز، والحضور الشخصي للجنازة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الخارجية المصري سامح شكري!!

ما تُسمى بدولة إسرائيل هي دولة احتلال، وجميع الرؤساء الذي تعاقبوا على حكوماتها شاركوا في جرائم ضد الشعب الفلسطيني وفي الاعتداء على بعض الدول العربية، وفي مقدمتهم “شمعون بيريز”.

فالهالك “بيريز” كان أحد أعضاء عصابات الهاجانا المتطرفة، والتي استخدمت القتل والحرق من أجل التأسيس لقيام ما عرفت بدولة إسرائيل، وهو مهندس العدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦، كما أنه مسؤول مجزرة قانا التي وقعت في جنوب لبنان عام ١٩٩٦ حيث هاجمت قوات الاحتلال مقرا للاجئين المدنيين أدى إلى استشهاد ١٠٦ وإصابة المئات، وفي فترة توليه رئاسة الوزراء تم شن الهجوم على غزة عام ٢٠٠٨، واستخدمت في هذه الحرب الأسلحة المحرمة دوليا كالقنابل الفسفورية والعنقودية، وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من ٦ آلاف فلسطيني بينهم نساء وأطفال.

كل هذا التاريخ الطويل من الإجرام للهالك بيريز ثم للأسف تجد بعض العرب يتسابقون إلى البكاء على قبره!!

لا أدري هل راعى هؤلاء المسؤولون العرب مشاعر أهل الشهداء والجرحى؟

أم أن هؤلاء يعتبرون بيريز صديقا عزيزا عليهم، فيتحسّرون على رحيله؟

لقد كتب بيريز في أحد كتبه “عندما كنت أتفاوض مع الوفد الفلسطيني كنت أشعر بأنني أتفاوض مع نفسي” – من شدة تقارب الأفكار بينه وبينهم – والكلام منقول عن الدكتور عبدالله النفيسي ذكره في إحدى محاضراته المسجلة بالصوت والصورة.

لقد نهانا الله تعالى عن موالاة أعداء الإسلام فقال {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنه منهم}. فهل وقع بعض العرب بهذه الجريمة؟

وهل كانوا خلال التفاوض مع الوفود الإسرائيلية يتعاملون معهم كأعداء أم أصدقاء؟

إنني أستغرب من اختفاء تلك الأصوات التي علت وارتفع صياحها من برقية ملفقة منسوبة للرئيس الشرعي لمصر “د. مرسي” والتي كُتب فيها “عزيزي بيريز” أين هم اليوم من أولئك الذين شاركوا في جنازته وذرفوا الدموع على قبره؟!

يحضرني وأنا أرى التخاذل والولاء العجيب لليهود، وتناسي دماء الآلاف من الشهداء والجرحى الفلسطينيين – نساء وأطفال وشيوخ – من قبل من يزعمون تمثيلهم – أتذكر موقف الرئيس “أردوغان” حينما شارك في مؤتمر دافوس وقد حضره في ذلك الوقت “بيريز” ولما انتهى من كلامه – بيريز – صفق له الحضور.

ولما جاء الدور للرئيس “أردوغان” تحدث باستغراب عن التصفيق لرجل يده ملطخة بدماء الأبرياء من النساء والأطفال، ودافع عن الشعب الفلسطيني أكثر ممن يعتبرون أنفسهم ممثلين له، ولما قاطعه مدير الجلسة ولم يسمح له بمواصلة حديثه، اعتذر عن عدم مواصلة اللقاء وخرج من المؤتمر اعتراضا على عدم تمكينه من إكمال حديثه في الدفاع عن الحق الفلسطيني.

بالفعل فرق بين من يعيش العزة ويمتطي علياءها، وبين من استمرأ الذل ورضي به.

إن مشاركة كبار المسؤولين الفلسطينيين في جنازة بيريز تذكرنا بالمثل العربي القائل “القط يُحبّ خنّاقه”، وبقول المتنبي:

من يهُن يسهل الهوان عليه.. ما لجُرْحٍ بميّتٍ إيلام