عربي وعالمي

​المرزوقي ينتوقع عدم استقرار المنطقة للـ20 عاما المقبلة

ثقة ً في رحابة صدورهم، تمنى الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي على الأتراك حكومة وشعباً، مواصلة استضافة اللاجئين السوريين في ظل غياب وفاء الأوروبيبن بالتزاماتهم لأنقرة ، مشددا على أن ما شهدته البلاد من محاولة انقلاب فاشلة الصيف الماضي يعد “انتصارا للربيع العربي”
.
أما العالم العربي فهو “في مرحلة عدم استقرار قد تدوم 10 او 20 سنة قبل أن يتم بناء نظام سياسي عربي جديد”، هكذا قال المرزوقي عند حديثه عن المنطقة وما تشهده من تغيرات متسارعة على الأرض، ضمن جملة من الملفات طرحتها الأناضول على طاولة الرئيس التونسي السابق والمفكر العربي، في حوار خاص معه على هامش مشاركته في “منتدى الشرق.. ملتقى إسطنبول 2016″، الذي احضنته مدينة اسطنبول على مدار اليومين الماضيين، تحت عنوان “تصور لنظام الشرق الأوسط بعد فترة الأزمة”.

المرزوقي تطرق خلال الحوار أيضا إلى عملية “درع الفرات” التي أطلقتها تركيا في أغسطس/آب الماضي، لدعم الجيش السوري الحر من أجل تطهير مدينة جرابلس شمالي سوريا والمنطقة الحدودية من المنظمات الإرهابية، وخاصة تنظيم “داعش” الذي يستهدف الدولة التركية ومواطنيها الأبرياء، واصقا هذه العملية بأنها “نموذج” للعالم في حمالة المدنيين.

على الصعيد المغربي، رأى أن حزب “العدالة والتنمية” أثبت بفوزه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بأكثرية عدد المقاعد أن “الشعوب العربية تريد الإصلاح”.

جزائرياً، شدد أنه على فرنسا الاعتذار عما اقترفته بحق هذا البلد، وذلك في رده على سؤال حول موقفه إزاء ما كُشف عنه مؤخراً من وجود 18 ألف جمجمة محفوظة بمتحف “الإنسان” في باريس، منها 500 فقط تم التعرف على هويات أصحابها، من ضمنهم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ 19.

أما قانون “جاستا” الأمريكي والذي يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/ أيلول، بمقاضاة السعودية، فوصفه المرزوقي بأنه “غير أخلاقي” وعملية “عنجهية”.

في المقابل، أعرب الرئيس التونسي السابق، عن تأيده لمبادرة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول ضرورة إعادة صياغة نظام مجلس الأمن الدولي ليصبح ممثلا حقيقا للعالم.

وإلى الحوار:

* بداية، وقعت محاولة انقلاب فاشلة في تركيا، منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، كيف تقيمون هذه المحاولة الفاشلة على الديمقراطية؟

ما شهدناه في هذه المحاولة الانقلابية، هو دور الشعب التركي، الذي أظهر بأنه فعلاً عظيم، لأنه حمى نظامه وتابعنا التحام الشعب بالنظام وبالرئيس رجب طيب أردوغان، هذا هو الحدث الإيجابي الكبير.

أما الحدث الإيجابي الثاني، اكتشفنا أن القوى التي تآمرت على الربيع العربي، هي نفسها التي تآمرت على النظام التركي، وهزيمتها في تركيا ستقود لبداية هزيمتها في البلدان العربية الأخرى.

والذي استرعى انتباهي هو الموقف الملتبس لبعض البلدان الأوروبية، التي ربما كانت تفضل انقلاباً عسكرياً يؤدي إلى نظام فاشي، على وجود نظام ديمقراطي في دولة إسلامية، وهذا أمر غريب.

أيضاً، هذا الانقلاب كشف عن من هم أصدقاء تركيا الحقيقيين ومن هم أعدائها، وأنا أعتبر تركيا خرجت أكثر قوة من هذا الانقلاب الفاشل، وهي الآن في أوج قوتها، وأوج مكانتها في العالم، وهذا يعطينا دفعة كبيرة لنا نحن أنصار الربيع العربي، على اعتبار أن هذا الانتصار هو لنا.

* الدولة التركية تستضيف أكثر من 3 مليون سوري رغم عدم وفاء أوروبا بالتزاماتها تجاه دعم هؤلاء اللاجئين، من وجهة نظركم ماذا يتوجب على تركيا فعله تجاه ضيوفها؟

أولاً كعربي، نحن مدينون لتركيا لأنها استضافت هذا العدد الهائل من العرب، ومنذ 6 أشهر ذهبت برفقة مجموعة من المثقفين العرب، إلى مدينة غازي عنتاب (جنوبي تركيا)، وتوجهنا بنداء إلى الدول العربية لاستضافة اللاجئين، لكن هذا النداء بقي بدون إجابة، لأن أغلب هذه البلدان محكومة بديكتاتوريات، وليست مستعدة للتضحيات، كل ما أتمناه من الإخوة الأتراك برحابة صدرهم أن يواصلوا استضافتهم، وأن تعمل الدولة التركية كل ما في وسعها إلى أن تحل المشكلة السورية ويعود اللاجئون النازحون إلى بلدانهم.

* ما تقييمكم لعملية “درع الفرات” التي أطلقتها تركيا دعماً لقوات “الجيش السوري الحر”، وقد نجحت في تحرير المدينة ومناطق مجاورة لها، وأيضاً عودة النازحين السوريين إلى مناطقهم؟

أعتبر كل ما يشكل حماية للمدنيين في هذه المناطق، هو شئ إيجابي، وكنا منذ سنوات نتمى أن تكون منطقة عازلة لتحمي المدنيين من هذه المصيبة، آن الأوان للعالم أن يتجمع على الأقل حول حماية المدنيين في هذه المنطقة، وتركيا أعطت مثالاً لذلك.

* بالنسبة للوضع العربي العام، كيف ترون غياب أي تفاعل حقيقي من الشعوب تجاه قضايا ملحة، وعلى سبيل المثال ما يقع في “حلب” السورية، حيث غابت الاحتجاجات والمظاهرات التي كانت عامل ضغط ولو على استحياء؟

الشعوب كلها متضامنة مع “حلب”، لكن حجم المآسي في البلدان العربية، جعلت كل القضايا تتراجع، مثلاً حتى قضية فلسطين، اليوم غزة تحت الحصار، لكن لا أحد يتظاهر، رغم أنه في السابق كنا نرى المظاهرات والوقفات الاحتجاجية الشعبية، هذا لا يدل على أن ليس هناك لا مبالاة، هناك غضب يتجمع ويمكن أن ينفجر في أي لحظة، وفي كل الميادين.

* كيف تستشرفون حالة الانقسام الحادة بين شعوب العالم العربي، هل لازالت أمامنا سنين أو عقود لنصل إلى استقرار سياسي؟

للأسف، ما يحدث الآن في العالم العربي هو ما وقع في الصين في القرن 19، ووقع في أوروبا ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، هو انهيار النظام السياسي والاقتصادي وانهيار للنظام العربي ككل ومنها الجامعة العربية، إنه مثل زلزال يهدم حيّاً بكامله، وهذه الزلازل مستمرة، وسندخل مرحلة عدم استقرار قد تدوم 10 أو 20 سنة، ثم على أساسها سيبنى نظام سياسي عربي جديد.

الآن أغلب الدول غير المستقلة، فقدت استقلالها الحقيقي، والكثير من الدول في حالة فشل اقتصادي واجتماعي، وهذا كله نتيجة الاختيارات 50 سنة السابقة، وسبب هذا كله النظام السياسي العربي المستبد الفاسد، نحن نؤدي ثمن هذه الخيارات، لكن البدائل موجودة، الثورة العربية في بدايتها ستتكرر، إلى أن نعيد صياغة هذه المجموعة، وأعتقد أنه بعد 30 أو 50 سنة ستصبح مثل الصين، أو مثل أوروبا، أي قوة جماعية كبرى، لكن نحن الآن في مرحلة الخراب والسقوط في انتظار أن نعود إلى بناء نظام جديد.

* على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية المغربية، ما سر صمود حزب “العدالة والتنمية” باعتباره الممثل الوحيد للتيار السياسي الإسلامي كما يقال الذي نجح في تجربته؟

أنا سعيد أن صديقي أمين عام حزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، استطاع الحصول على ثقة أغلبية من الناخبين، هذا يظهر أن أغلبية الشعوب العربية تريد الإصلاح من أناس يحاربون الفساد، أعتقد أن النفس الإصلاحي الموجود في “العدالة والتنمية”، وغياب الفساد، وأنهم يريدون الاستقرار في إطار المنظومة الملكية، هو السر الذي جعل المغرب يسير في الاتجاه الصحيح.

* كما تعرفون، كانت هناك محاولة رمزية لسفينة “زيتونة” التي تضم سيدات لكسر الحصار عن قطاع غزة، كيف ترون مثل هذه المبادرات؟

شاركت السنة الماضية، وألقي القبض علينا من عرض البحر الدولي، وأخذونا إلى “ميناء أسدود”، والإخوة الأتراك من خلال سفينة “مافي مرمرة” الشهيرة دفعوا ثمنا باهضاً، لكن لدي قناعة في أنه لا بد أن نواصل هذه العملية، لأنها تمثل ضغطاً على إسرائيل وتظهرها كدولة محتلّة، وبالتالي يجب تشجيع أسطول العام المقبل وكل سنة، حتى يرفع الحصار، لأن هناك مليونا شخص داخل السجون دون أن تصدر في حقهم أي حكم، قصة غزة مأساة دولية، خاصة وأنهم محاصرون بحراً من طرف إسرائيل، وبرّاً من طرف النظام المصري الاستبدادي، وهذا أمر لا يقبله عاقل.

* رشّح مجلس الأمن الدولي، البرتغالي “أنطونيو غوتيريس”، لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً لـ”بان كي مون”، الذي تنتهي ولايته بداية من السنة القادمة، هذا المجلس الذي قال عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن العالم أكبر من 5 دول، ما رأيكم في مجلس الأمن؟

صحيح يجب إعادة صياغة مجلس الأمن تماماً، فعلاً لا توجد ضرورة لتقرر 5 دول فقط في مصير العالم، خاصة أن هذا المجلس يضم دولتين من الحجم المتوسط، ولا يوجد فيه دولة مثل الهند والبرازيل وتركيا واليابان، أودولة تمثل قارة إفريقيا، أو دولة عربية تمثل المجموعة العربية، وهذا حسب رأيي سيكون ضروريا في السنوات المقبلة، لأن مجلس الأمن إن لم يمثل العالم، سيكون مخلباً للدول المهيمنة.

* كيف تقيمون من الناحية الإنسانية، فضيحة فرنسا حول قضية أكثر من 18 ألف جمجمة محفوظة في متحف “الإنسان” بباريس، تعود لمواطنين جزائريين قطعت رؤوسهم على يد الاستعمار الفرنسي قبل الاستقلال عام 1954؟

أعرف فرنسا بشكل جيد، ففيها قوى إمبرالية، كانت دائما عنصرية، ضد استقلال الشعوب، ضد نهاية الاستعمار، ضد الاعتراف بالأقليات، بالمقابل فيها (فرنسا) حركة حقوقية قوية كانت موجودة معنا، الاثنان موجودان، المطلوب اليوم أن تعتذر الدولة الفرنسية على ما اقترفته في مدغشقر والجزائر، هي اعتذرت عن محرقة اليهود، وهو شئ إيجابي، الآن يجب أن تعتذر للدول الأخرى.

* ما تعليقكم على قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” الأمريكي أو المعروف اختصارًا بـ”جاستا”، الذي يسمح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/ أيلول، بمقاضاة السعودية؟

هذا القانون غير قانوني وغير أخلاقي، في القانون ما يعرف ب”المسؤولية الجماعية” غير موجود، أن تتوجه ضد شعب بأكملة برجاله ونسائه وأطفاله، وتعتبره ضالعاً في جريمة هو لادخل له فيها، هذه الدولة ارتكبت جرماً في العراق، لم يقل أحدا إن 300 مليون أمريكي هو المسؤول عن تدمير العراق، عملية عنجهية، أتضامن مع الشعب والدولة السعودية ضد هذا القانون المخجل.

الوسوم

2 تعليقات

أضغط هنا لإضافة تعليق