آراؤهم

مابعد الفوضى … نقود أم ننقاد !

نظم منتدى الشرق في إسطنبول مؤتمراً بعنوان “تصور النظام الإقليمي بعد الأزمة في منطقة الشرق” للحديث عن بلورة التصورات لما بعد الفوضى و التدمير الذي يمر به منطقة الشرق الأوسط ، ومحاولة صياغة نظرية قابلة للتطبيق مستقبلا لعدم حدوث فراغ سياسي و إمكانية إدارة شؤون المنطقة محليا و عدم فتح المجال أمام القوى الدولية للتدخل في المنطقة مرة أخرى و إطالة أمد النزاعات الطائفية و المذهبية التي تمر بها المنطقة العربية ، لأن جميع الصراعات تنتهي يوما ما و المهم هل نحن جاهزون لهذا اليوم وهل هناك خطط فعلية لمواجهة الواقع الجديد بعدما تهدأ الحروب ، أم أن العجز سيكون سيد الموقف كما حصل سابقا؟

من المهم جدا الوقوف على ما بعد التدمير و الفوضى دون تحديد مدى الفوضى و متى تنتهي الفوضى وما سيؤول إليه الأمور في نهاية الأمر ولكن الأمر المهم هو وجود تنظيم أو حتى عقليات تنظر لما بعد هذه المرحلة حتى يكون بالإمكان طرح مشاريع وطنية مبنية على الحفاظ على مصالح الشعوب بدل السماح للآخرين باستعمالنا كساحة للتجارب (سايكس بيكو سابقا و كيري لافروف حاليا ).


كيف سيكون شكل الدول بعد هذه المرحلة الصعبة و إلى أين نذهب بالنظام السياسي و القضائي و الاجتماعي و السياسي! علينا أن نتخيل المستقبل وكيف سنكون ولكن ليس بمجرد الخيال و العيش في عالم الخيال بل بخطط منظمة و بلورة تصورات واضحة بالإمكان تحقيقها عندما تهدأ الأمور ، لأنه في حال عدم القيام بهذا الواجب المصيري فإننا نفتح المجال للدول العالمية حتى تتدخل بحريتها و تفعل ما تشاء .


في الفترة الماضية سيطرت الدول القوية على بلدان المنطقة و نصبوا حكومات وأنظمة تابعة لهم ، و نشروا القواعد العسكرية و حولوا السماء إلى مرتع لطائراتهم و أخذوا يتعاملون مع دول المنطقة باستخفاف عن طريق استفزازها حينا و محاولة النيل منها و الضغط عليها أحيان أخرى .


عندما يحدث فراغ سياسي في العالم يحث الدول القوية على الذهاب فورا لهذه المنطقة و السيطرة عليها و استغلالها في سبيل تحقيق أهدافها ، وهذا الأمر سيتكرر في المنطقة بعدما يهدأ الفوضى في حال عدم تقديم مشروع محلي يغلق الباب أمام مشاريع الآخرين و يسمح للمواطنين أن يختاروا مصيرهم و الأنظمة التي تحكمهم مستقبلا.


أثناء المؤتمر سألنا الأستاذ جمال خاشقجي عن وجود مثل هذه الخطط من قبل دول المنطقية وخاصة الدول المركزية القادرة على تحمل هذه المسؤولية و تنفيذ هذا الواجب ولكنه قال “لا يوجد خطط محلية ، وقال أنه بعد الحرب العالمية تدمرت البنية التحتية و كامل المؤسسات ولكن في اليوم الثاني لإنتهاء الحرب إجتمع العلماء و خططوا لإعادة البناء و العمل، ويجب أن يحدث هذا الأمر في بلداننا، وأرشح تركيا و السعودية على القيام بهذه الوظيفة لأنهما دولتان قويتان ولديهما القدرات و الإمكانيات الكافية لتحمل هذه المسئولية الكبيرة.”


هذه الأحداث التي يمر بها المنطقة ليست أحداثا بسيطة تمر بسهولة ولكن يعقبها تغييرات إستراتيجية و كبيرة و إذا لم نكن جاهزين لما بعد التغيير الذي سيحصل و إيجاد الحلول للتعايش بين القوميات المختلفة و إدارة الخلافات بين الشيعة و السنة و باقي الطوائف و الجماعات المتنوعة التي تعيش في المنطقة فنحن متهمون بجلب العدو و المحتل الخارجي حتى يدير أمورنا و يسيطر علينا من جديد.